للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نواحيها فلم يستطع حتى يحوّل قدميه من مكانهما فدار في صومعته؟ قال: لا يضره ذلك شيئاً.

قلت: فهل يُثَوِّبُ (١) في شيء من الصلوات (٢)؟ قال: لا يُثَوِّبُ إلا في صلاة الفجر. قلت (٣): فكيف التثويب (٤) في صلاة الفجر؟ قال: كان التثويب الأول بعد الأذان: "الصلاة خير من النوم" (٥)، فأحدث (٦) الناس هذا التثويب، وهو حسن (٧).


(١) التثويب مأخوذ من الثوب، لأن الرجل كان إذا جاء مستصرخاً - أي: مستغيثاً - حرّك ثوبه رافعاً به يده ليراه المستغاث فيكون ذلك دعاء له وإنذاراً، ثم كثر حتى سمي الدعاء تثويباً، فقيل: ثَوَّب الداعي، وقيل: هو ترديد الدعاء، تفعيل مِن ثاب يَثُوب إذا رجع وعاد. انظر: المغرب، "ثوب".
(٢) ك م: من الصلاة.
(٣) ح + أرأيت.
(٤) م: التثوب (التاء والثاء مهملتان).
(٥) صح ي + مرتين.
(٦) م: فأخذت؛ ح ي: وأحدث.
(٧) وكذلك في الكافي، ١/ ٧ و؛ والمبسوط، ١/ ١٣٠. وقال الإمام أبو حنيفة: والتثويب في الفجر: "حي على الصلاة حي على الفلاح" مرتين بين الإذان والإقامة حَسَنٌ، وكُرِهَ في سائر الصلوات انظر: الجامع الصغير لمحمد بن الحسن، ٨٣. قال الإمام محمد: أخبرنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم قال سألته عن التثويب قال هو مما أحدثه الناس، وهو حسن مما أحدثوا، وذكر أن تثويبهم كان حين يفرغ المؤذن من أذانه: "الصلاة خير من النوم". قال محمد: وبه نأخذ وهو قول أبي حنيفة - رضي الله عنه -. انظر: الآثار لمحمد، ١٩. وقال الإمام محمد: وقال أبو حنيفة -رحمه الله-: كان التثويب في صلاة الصبح بعدما فرغ المؤذن من الأذان الصلاة خير من النوم. وأهل الحجاز يقولون: الصلاة خير من النوم في الأذان حين يفرغ المؤذن من حي على الفلاح. أخبرنا إسرائيل بن يونس قال حدثنا حكيم بن جبير عن عمران بن أبي الجعد عن الأسود بن يزيد أنه سمع مؤذناً أذن فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال الصلاة خير من النوم، قال الأسود: ويحك لا تزد في أذان الله، قال سمعت الناس يقولون ذلك، قال لا تفعل. انظر: الحجة على أهل المدينة، ١/ ٨٤ - ٨٦ وذكر الطحاوي أن "الصلاة خير من النوم" بعد الفلاح في أذان الفجر وأن ذلك هو قول الأئمة أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد، بعد أن استشهد لذلك بالأحاديث والآثار. انظر: شرح معاني الآثار، ١/ ١٣٦ - ١٣٧. وقد وردت فيه أحاديث مرفوعة، وفي بعضها=

<<  <  ج: ص:  >  >>