للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أرسل الرجل غلامه إلى أفق من الآفاق بالماءل العظيم يشتري له به البز ونهاه عن بيعه فهو مأذون له في التجارة بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة.

وإذا رأى الرجل عبده يشتري بماله فلم ينهه عن ذلك ومال المولى دراهم أو دنانير فهو إذن من المولى لعبده في التجارة، وجميع ما اشترى العبد من ذلك فهو لازم للعبد، ولا يجوز ما اشترى في مال المولى، وللمولى أن يأخذ ماله من الذي أخذه من العبد، ويرجع الذي أخذ المولى منه المال على العبد. ولو كان المال الذي اشترى به العبد عروضاً أو شيئاً مما يكال أو يوزن غير الدراهم والدنانير فاشترى به العبد والمولى يراه ويعلم به ولم ينهه فهذا إذن من المولى لعبده في التجارة، وللمولى أن يأخذ ماله حيث وجده وينقض الشراء الذي كان اشتراه العبد بذلك المال. ولا يشبه العروض والكيل والوزن الذي بعينه في هذا الدراهم والدنانير. والعبد مأذون له في التجارة في جميع ذلك إن اشترى شيئاً أو استأجر أجيراً أو صنع شيئاً مما يصنعه المأذون له في التجارة، فهو جائز بمنزلة قوله: قد أذنت لك في التجارة.

وإذا دفع الرجل إلى عبده مالاً وأمره أن يخرج به إلى بلد قد سماه له وأن يدفعه إلى فلان بن فلان فيشتري له البز ثم يدفعه إلى الغلام حتى يأتي مولاه ففعل ذلك الغلام كما أمره مولاه فليس هذا بإذن من المولى لعبده في التجارة، إنما العبد هاهنا رسول وليس بمشتر (١) ولا بائع.

وإذا دفع الرجل إلى عبده أرضه وهي أرض بيضاء وأمره أن يشتري طعاماً فيزرعها ويقبل الأجراء (٢) فيها فيَكْرُون (٣) أنهارها ويسقون زرعها ويَكْرُبونها (٤) ويؤدي خراجها فهذا إذن من المولى لعبده في التجارة بمنزلة


(١) ز: بمشتري.
(٢) ز: الأجر.
(٣) كرى النهر كرياً أي: حفرها للإصلاح، وقد تقدم.
(٤) كرب الأرض أي: قلبها للحرث، وقد تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>