للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القبض، فإن قبضه باطل لا يجوز على الغرماء ولا يكون وكيلاً في شيء من ذلك؛ لأن أصل المال عليه. ألا ترى أنه لو أعتق كان للغرماء أن يأخذوه بجميع دينهم. أفلا ترى أنه يبرئ نفسه مَن يَقْبِضُ دينه بقبضه (١). ولو كان الغرماء اختاروا اتباع العبد بدينهم ثم (٢) وكلوا المولى بقبض دينهم من عبده كان هذا باطلاً أيضاً، وكان هذا والأول سواء. فإن أعتق المولى عبده المدبر بعدما اختاروا اتباع العبد فلا ضمان لهم على المولى. فإن وكلوا المولى بقبض الدين من العبد بعد العتق أو قبل العتق وأقر المولى بعد العتق أنه قد (٣) قبض منه دينهم بعدما أعتقه، فإن كانت الوكالة من الغرماء قبل العتق فقبض المولى باطل لا يجوز عليهم؛ لأنه حين وكل غير وكيل، فلا يكون وكيلاً بعد العتق بتلك الوكالة. فإن كانوا وكلوه بعدما أعتقه فوكالتهم جائزة، وإقراره بالقبض جائز عليهم إن صدقوه أو كذبوه.

وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة فلحقه دين كثير وقيمة العبد ألف درهم فأعتقه المولى، فإن الغرماء يتبعون العبد بدينهم كله ويتبعون المولى بقيمة العبد، ولا يكون اتباعهم العبد بجميع دينهم إبراء للمولى، ولا يكون اتباعهم المولى بالقيمة إبراء (٤) للعبد. فإن أبرؤوا العبد من دينهم كله كان بريئاً وبرئ المولى أيضاً من القيمة. وإن أبرؤوا المولى أيضاً من القيمة كان لهم أن يتبعوا العبد بجميع دينهم. فإن وكلوا المولى بعدما أبرؤوه بقبض دينهم من العبد فأقر بقبضه كان إقراره جائزاً على الغرماء؛ لأنهم وكلوه ولا دين لهم عليه. ولو كانوا وكلوا المولى قبل أن يبرئوه من القيمة لم يكن وكيلاً في قبض الدين الذي على العبد المعتق. وكذلك لو أبرؤوا المولى بعد الوكالة لم يكن وكيلاً في قبض الدين (٥) إلا أن يوكلوه بعد البراءة. ولو كانوا أبرؤوا العبد من دينهم على أن يتبعوا المولى بقدر القيمة من دينهم وتراضوا على ذلك جميعاً كان جائزاً، ويبرأ العبد من الدين، ويتبعون المولى بالقيمة.


(١) اْي: أن الذي يقبض دينه يبرئ نفسه عن الدين، والإنسان لا يكون وكيلاً في قبض دين على نفسه. انظر: المبسوط، ٢٥/ ١٢٤.
(٢) ز - ثم.
(٣) ز - قد.
(٤) ف - إبراء.
(٥) ز + الذي على العبد المعتق.

<<  <  ج: ص:  >  >>