للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنه غلط وقع من الكاتب؛ لأنه اشتغل بتقسيم ثم أجاب في الفصلين بأن صلاته تامة، وظاهر هذا التقسيم يستدعي المخالفة في الجواب" (١). لكن ذكر برهان الدين البخاري أن أبا نصر الصفار ومشايخ العراق صححوا رواية أبي حفص (٢).

مثال آخر: قال في الأصل: "قلت: أرأيت إن دخل معه ونوى الظهر ولم ينو صلاة الإمام فصلَّى معه، فإذا هي الجمعة؟ قال: صلاته فاسدة؛ لأنه لم ينو ما نوى إمامه. إنما أوجب هذا على نفسه غير ما أوجب إمامُه على نفسه" (٣). قال الحاكم: "وإذا دخل معه في الصلاة ولم ينو صلاة الإمام فصلَّى معه فإذا هي الجمعة فصلاته فاسدة، وفي غير رواية أبي سليمان أنه إذا نوى الظهر فإذا هي الجمعة أو نوى الجمعة فإذا هي الظهر [فصلاته فاسدة]، وهذا هو الصحيح" (٤). وقال السرخسي: "وفي غير رواية أبي سليمان قال: إذا نوى صلاة الإمام والجمعة فإذا هي الظهر جازت صلاته، وهذا صحيح، فقد تحقق البناء بنية صلاة الإمام، ولا يعتبر بما زاد بعد ذلك، وهو كمن نوى الاقتداء بهذا الإمام وعنده أنه زيد فإذا هو عمرو، وكان الاقتداء صحيحاً، بخلاف ما إذا نوى الاقتداء بزيد فإذا هو عمرو" (٥). وهذا غير المسألة المذكورة عند الحاكم.

فهذه الأمثلة- ولا شك أنها توجد غيرها- تدل على أن روايات كتاب الأصل قد اختلفت فيما بينها في مواضع غير قليلة، ويشهد لذلك كلام الحاكم والسرخسي وغيرهما من الفقهاء الأحناف. وهذه الظاهرة - أي وقوع الاختلاف في الروايات للكتاب الواحد - كثيرة وشائعة. ويمكن أن يكون ذلك ناشئاً من اختلاف رأي المؤلف، حيث يكون على رأي ما فيروي كتابه عنه أحد تلاميذه وهو على هذا الرأي، ثم يغير رأيه في المسألة فيروي عنه تلميذ آخر نفس الكتاب بعد تغير رأي المؤلف. ويمكن أن يكون ذلك من


(١) المبسوط، ١/ ١٧٣.
(٢) المحيط البرهاني، ١/ ٤٦١.
(٣) انظر: ١/ ٣٩ و.
(٤) الكافي، ١/ ١٠ ظ.
(٥) المبسوط، ١/ ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>