للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أرأيت أهل البغي إذا ظهروا على مصر من الأمصار، فاستعملوا عليه قاضياً من أهل المصر ليس من أهل البغي، فكتب كتاباً بحق رجل (١) من أهل العصر أو من أهل البغي بشهادة شهود من أهل العصر، هل ينبغي لقاضي أهل العدل أن يجيز ذلك إذا أتاه وكيل الطالب وشهدت عليه الشهود بذلك؟ قال: إذا كان القاضي الذي أتاه الكتاب يعرف (٢) الشهود الذين شهدوا عند ذلك القاضي وليس من أهل البغي أجاز كتابه، وإذا كان لا يعرفهم فإني لا أرى أن أجيز كتابه. قلت: فإن قطع رجل يد رجل في ذلك العصر الذي غلب عليه أهل البغي أو قتل رجلاً عمداً فرُفِع ذلك إلى القاضي أيحكم بينهما كما يحكم بين أهل العدل؟ قال: نعم. قلت: ويقيم الحدود كما يقيم قاضي أهل العدل؟ قال: نعم، لا يسعه إلا ذلك. قلت: فلو كان قصاصاً اقتص منه، وإن كان أرشاً قضى بالأرش؟ قال: نعم. قلت: ويقيم الحدود في المصر كما يقيم قاضي أهل العدل؟ قال: نعم.

قلت: أرأيت ما أصاب أهل البغي من الأموال والقتل قبل أن يخرجوا أو قبل أن يحاربوا ثم أن الإمام صالحهم بعد ذلك الخروج على أن يبطل ذلك كله هل يجوز ذلك؟ قال: لا يجوز، ولا ينبغي للإمام أن يصالحهم على ذلك، ولكنهم يؤخذون بذلك كله. قلت: فما كان فيه القصاص اقتص، وما كان من قتل خطأ كان على عاقلة (٣) القاتل، وما كان من شبه عمد دون النفس ففيه (٤) القصاص (٥)، وإن كانت النفس فالدية مغلظة على عاقلة القاتل، ويضمنهم الأموال التي استهلكوها؟ قال: نعم. قلت: ولم كان


(١) ف: لرجل.
(٢) م ز: فعرف.
(٣) م: على العاقلة.
(٤) ز: فيه.
(٥) قال الكاساني: ولا يكون فيما دون النفس شبه عمد، فما كان شبه عمد في النفس فهو عمد فيما دون النفس، لأن ما دون النفس لا يقصد إتلافه بآلة دون آلة عادة، فاستوت الآلات كلها في الدلالة على القصد، فكان الفعل عمداً محضاً، فينظر إن أمكن إيجاب القصاص يجب القصاص، وإن لم يمكن يجب الأرش. انظر: بدائع الصنائع، ٧/ ٢٣٣ - ٢٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>