للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صنعت من ذلك جائز في قياس قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد. ولا تشبه الأمة في هذا العبد في قول أبي حنيفة؛ لأن العبد يقتل، والأمة لا تقتل.

وقال أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد: إذا أذن الرجل لعبده في التجارة فأسره العدو فأحرزوه فهذا حجر عليه. فإن انفلت منهم بعد ذلك وأخذه (١) المسلمون فردوه على صاحبه فباع بعد ذلك واشترى أو أجر أو استأجر فجميع ما صنع من ذلك مردود، وهو عبد محجور عليه إلا أن يأذن له مولاه في التجارة، فيكون هذا إذناً مستقبلاً. فإن باع بعد ذلك واشترى لزمه ما صنع من ذلك. وإن أسره المشركون في دار الإسلام ولم يحرزوه في دارهم حتى انفلت منهم أو أخذه المسلمون فردوه على صاحبه فهو عبد مأذون له في التجارة على حاله، ولا يشبه هذا إحرازهم إياه في دار (٢) الحرب. ألا ترى أن جميع ما أحرزوا في دار الحرب قد ملكوه وأنهم لو أسلموا عليه كان لهم، فقد خرج هذا العبد من ملك مولاه.

وإذا خرج العبد من ملك الذي أذن له في التجارة فهو محجور عليه، وإن لم يحرزوه في دار الحرب حتى يرجع إلى مولاه فلم يملكوه. ألا ترى أن المولى لو أعتقه قبل أن يحرزوه في دارهم كان حراً لأنهم لم يملكوه.

وإذا أذن الرجل لعبده في التجارة ثم باعه بيعا فاسداً بخمر أو بخنزير أو بغير ذلك فلم يقبضه المشتري حتى باع العبد واشترى فجميع (٣) ما صنع من ذلك جائز، وهو على الإذن في التجارة على حاله. ولو قبضه المشتري ثم رده على مولاه كان هذا حجراً (٤) عليه. فإن باع بعد ذلك واشترى لم يجز عليه شيء مما صنع. ولو أن المولى باعه بميتة أو بدم أو بشيء لا ثمن له عند المسلمين ولا عند أهل الذمة فقبضه المشتري فباع عنده واشترى ثم


(١) م ز: أو أخذوه.
(٢) م - دار.
(٣) م: بجميع؛ ز: جميع.
(٤) ز: حجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>