للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أرأيت الرجل التاجر يكون له المال الكثير ديناً متفرقاً على الناس، منهم المَلِيء الذي يعلم أن ماله في ثقة وأنه سيقضيه (١) إياه، ومنهم المفلس، ما القول في ذلك؟ قال: إذا خرج ماله أو شيء منه يبلغ أربعين درهماً زكاه. قلت: فإن زكاه وهو دين كله أيجزيه ذلك؟ قال: نعم، وقد أحسن هذا وأخذ بالفضل. قلت: فإن زكى لسنتين (٢) أيجزيه ذلك؟ قال: نعم. قلت: فإن كان نظر إلى من كان مليئاً فزكى ما عليه، ومن كان مفلسًا وقف عليه حتى يخرج، فيزكيه؟ قال: هذا حسن، كل شيء عجل زكاته من ذلك فإنما هو فضل أخذ به، وكل شيء آخره حتى يخرج فيزكيه فهو يجزيه، وليس عليه إلا ذلك.

قلت: أرأيت الرجل التاجر يشتري الدار ليسكنها، أو العبد أو الخادم ليخدمه أو يسلّمه (٣) في الغلة، أو الدابة ليركبها (٤)، أو الطعام رزقاً لأهله، أو الثياب كسوة لأهله، أو المتاع ليتجمل به في بيته، أو الآنية يتجمل بها الرجل في بيته، وقيمة كل واحد مما ذكرت لك ألف أو أكثر، فحال عليه الحول، أيزكيه مع ماله؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأن هذا مال ليس للتجارة شيء منه. قلت: فإن اشترى لؤلؤاً يتجمل به أهله أو جوهراً يتجمل به أهله ولا يريد به التجارة، وهو يساوي مالاً عظيماً، فحال الحول على ماله، أيزكيه مع ماله؟ قال: لا. قلت: ولم؟ قال: لأنه ليس للتجارة.

قال محمد: حدثنا أبو حنيفة عن حماد عن إبراهيم أنه قال: ليس في شيء من العروض والجوهر واللؤلؤ زكاة إلا ما كان للتجارة، فإن كان للتجارة قوّم فزكي (٥) من كل مائتي درهم خمسة دراهم (٦).


(١) م: سيقبضه.
(٢) م: لسنين.
(٣) أي يسلمه إلى غيره حتى يعمل عنده ويكتسب. وقد تكون الكلمة "يستعمله" أو "يستغله".
(٤) م: ليزكيها.
(٥) م: فيزكي.
(٦) الآثار لمحمد، ٥٤؛ والآثار لأبي يوسف، ٨٩؛ والمصنف لعبد الرزاق، ٤/ ٨٥؛ والمصنف لابن أبي شيبة، ٢/ ٣٧٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>