للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥١٦٢- النابغة الجعدي]

ب د ع: النابغة الجعدي وقد اختلف فِي اسمه، فقيل: قيس بْن عَبْد اللَّهِ، وقيل: عَبْد اللَّهِ بْن قيس، وقيل: حيان بْن قيس بْن عَبْد اللَّهِ بْن عَمْرو بْن عدس بْن ربيعة بْن جعدة بْن كعب بْن ربيعة بْن عَامِر بْن صعصعة العامري الجعدي، نسبه هكذا أَبُو عمر.

وقال الكلبي: هُوَ قيس بْن عَبْد اللَّهِ بْن عدس بْن ربيعة.

واختلف أيضا فِي نسبه، وَالَّذِي ذكرناه أشهر ما قيل فِيه، وَإِنما قيل لَهُ: النابغة، لأنه قَالَ الشعر فِي الجاهلية، ثُمَّ أقام مدة نحو ثلاثين سنة، لا يقول الشعر، ثُمَّ نبغ فِيهِ فقاله، فسمي النابغة، وطال عمره فِي الجاهلية والإسلام، وهو أسن من النابغة الذبياني، وَإِنما مات الذبياني قبله، وعمر الجعدي بعده طويلا، وقيل: عاش مائة وثمانين سنة.

وقال ابن قُتَيْبَة: عاش النابغة الجعدي مائتين وأربعين سنة، وهذا لا يبعد، لأنه أنشد عمر بْن الخطاب:

ثلاثة أهلين أفنيتهم وَكَانَ الإله هُوَ المستآسا

فقال لَهُ عمر: كم لبثت مع كل أهل؟ قَالَ: ستين سنة، فذلك مائة وثمانون سنة، ثُمَّ عاش بعد ذَلِكَ إِلَى أيام ابن الزبير، وَإِلى أن هاجى أوس بْن مغراء، وليلى الأخيلية.

وَكَانَ يذكر فِي الجاهلية دين إِبْرَاهِيم والحنيفية، ويصوم ويستغفر، وله قصيدة أولها:

الحمد لله لا شريك لَهُ من لَمْ يقلها فنفسه ظلما

وفيها ضروب من دلائل التوحيد، والإقرار بالبعث والجزاء، والجنة والنار، وقيل: إن هَذَا الشعر لأمية بْن أَبِي الصلت، وقد صححه يونس بْن حبيب، وحماد الراوية، وَمُحَمَّد بْن سلام، وَعَليّ بْن سُلَيْمَان الأخفش للنابغة الجعدي.

ووفد عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فأسلم، وأنشده قصيدته الرائية، وفيها:

أتيت رَسُول اللَّهِ إِذْ جَاءَ بِالْهُدَى ويتلو كتابا كالمجرة نيرا

(١٦٠٦) أَخْبَرَنَا فِتْيَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُودَانَ، أَنْبَأَنَا أَبُو نَصْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْقَاهِرِ الطُّوسِيُّ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ ابْنُ النَّقُّورِ، أَنْبَأَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحُسَيْنِ الدَّقَّاقُ، حدثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْبَغَوِيُّ، حدثنا دَاوُدُ وَهُوَ ابْنُ رُشَيْدٍ، حدثنا يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ، قَالَ: سمعت النَّابِغَةَ، يَقُولُ: أَنْشَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

بَلَغْنَا السَّمَاءَ، مَجْدُنَا وَجُدُودُنَا وَإِنَّا لَنَرْجُو فَوْقَ ذَلِكَ مَظْهَرَا

فَقَالَ: " أَيْنَ الْمَظْهُر يَا أَبَا لَيْلَى؟ " قُلْتُ: الْجَنَّةُ، قَالَ: " أَجَلْ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ "، ثُمَّ قُلْتُ:

وَلا خَيْرَ فِي حِلْمٍ إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَوَادِرُ تَحْمِي صَفْوَهُ أَنْ يُكَدَّرَا

وَلا خَيْرَ فِي جَهْلٍ إذا لَمْ يَكُنْ لَهُ حَلِيمٌ إِذَا مَا أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرَا

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَجَدْتَ لا يَفْضُضِ اللَّهُ فَاكَ "، مَرَّتَيْنِ.

أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ مَحْمُودِ بْنِ سَعْدٍ الأَصْفَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا زَاهِرُ بْنُ طَاهِرٍ النَّيْسَابُورِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْجَنْزَرُوذِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُثْمَانَ الْمُقْرِئُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ الأَشْعَثِ، حدثنا أَيُّوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْوَزَّانُ، حدثنا يَعْلَى بْنُ الأَشْدَقِ الْعُقَيْلِيُّ، قَالَ: سمعت قَيْسَ بْنَ سَعْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْدَةَ، وَهُوَ نَابِغَةُ بَنِي جَعْدَةَ، قَالَ: قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَنْشَدْتُهُ..

وَذَكَرَ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ إِلَى آخِرِهِ، وَهِيَ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ، وَهِيَ مِنْ أَحْسَنِ مَا قِيلَ مِنَ الشِّعْرِ ولم يزل يرد عَلَى الخلفاء بعد النَّبِيّ، وَكَانَ شاعرا محسنا، إلا أَنَّهُ كَانَ رديء الهجاء، لا يزال يغلبه من يهاجيه، وهو أشعر منهم، لَيْسَ فيهم من يقرب مِنْه، فمن ذَلِكَ أَنَّهُ هجا ليلة الأخيلية، فقال:

ألا حييا ليلى وقولا لَهَا: هلا

فأجابته ليلى فقالت:

وعيرتني داء بأمك مثله وأي حصان لا يقال لَهَا: هلا؟

ووفد إِلَى عَبْد اللَّهِ بْن الزبير بمكة، وقصته معه مشهورة.

وقد روى عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ روى يَحْيَى بْن عروة بْن الزبير، عن أبيه، عن عمه عَبْد اللَّهِ بْن الزبير، عن النابغة، أَنَّهُ قَالَ: " سمعت رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: " ما وليت قريش فعدلت، واسترحمت فرحمت، وحدثت فصدقت، ووعدت فأنجزت، إلا وذكر كلمة معناها، أنهم تحت النبيين بدرجة فِي الجنة ".

أخرجه الثلاثة.

<<  <  ج: ص:  >  >>