هذا آخر قول الزهري يعني فهذا الذي بلغنا انتهى.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله من ملك رقيقًا من العرب فوهب.
(وقال أنس) -رضي الله عنه- مما سبق موصولاً ونبّهت عليه قريبًا في باب: إذا أسر أخو الرجل (قال عباس للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فاديت نفسي وفاديت عقيلاً) وأوله أُتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمال من البحرين فقال انثروه في المسجد وفيه فجاء العباس فقال: يا رسول الله أعطني فإني فاديت إلى آخره.
٢٥٤١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ أَخْبَرَنَا ابْنُ عَوْنٍ قَالَ: "كَتَبْتُ إِلَى نَافِعٍ فَكَتَبَ إِلَىَّ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَغَارَ عَلَى بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَهُمْ غَارُّونَ وَأَنْعَامُهُمْ تُسْقَى عَلَى الْمَاءِ، فَقَتَلَ مُقَاتِلَتَهُمْ وَسَبَى ذَرَارِيَّهُمْ وَأَصَابَ يَوْمَئِذٍ جُوَيْرِيَةَ. حَدَّثَنِي بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ الْجَيْشِ".
وبه قال: (حدّثنا علي بن الحسن) بفتح الحاء ولأبي ذر زيادة ابن شقيق أبو عبد الرحمن العبدي مولاهم المروزي قال: (أخبرنا عبد الله) بن المبارك المروزي قال: (أخبرنا ابن عون) بالنون عبد الله بن أرطبان البصري (قال: كتبت) وفي نسخة كتب (إلى نافع) مولى ابن عمر (فكتب إليّ) بتشديد الياء أي نافع (إن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أغار) ولمسلم من طريق سليم بن أخضر عن ابن عون قال: كتبت إلى نافع أسأله عن الدعاء إلى الإسلام قبل القتال قال فكتب إليّ إنما كان ذلك في أوّل الإسلام قد أغار
رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (على بني المصطلق) بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء المهملتين وبعد اللام المكسورة قاف بطن من خزاعة وهو المصطلق بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر (وهم غارون) بالغين المعجمة وتشديد الراء جمع غار بالتشديد أي غافلون أي أخذهم على غرّة (وأنعامهم تسقى) بضم الفوقية وفتح القاف (على الماء فقتل مقاتلتهم) أي الطائفة الباغية (وسبى ذراريهم) بتشديد الياء وقد تخفّف، وفي هذا جواز الإغارة على الكفار الذي بلغتهم الدعوة من غير إنذار بالإغارة، ولكن الصحيح استحباب الإنذار وبه قال الشافعي والليث وابن المنذر والجمهور، وقال مالك: يجب الإنذار مطلقًا وفيه جوازًا استرقاق العرب لأن بني المصطلق عرب من خزاعة كما مرّ، وهذا قول إمامنا الشافعي في الجديد وبه قال مالك وجمهور أصحابه وأبو حنيفة، وقال جماعة من العلماء: لا يسترقون لشرفهم وهو قول الشافعي في القديم (وأصاب) عليه الصلاة والسلام (يومئذ جويرية) بتخفيف المثناة التحتية الثانية وسكون الأولى بنت الحرث بن أبي ضرار بكسر المعجمة وتخفيف الراء ابن الحرث بن مالك بن المصطلق وكان أبوها سيد قومه وقيل وقعت في سهم ثابت بن قيس وكاتبته نفسها فقضى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتابتها وتزوّجها فأرسل الناس ما في أيديهم من السبايا المصطلقية ببركة مصاهرة النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فلا تعلم امرأة أكثر بركة على قومها منها.
قال نافع (حدّثني) بالإفراد (به) أي بالحديث (عبد الله بن عمر) بن الخطاب (وكان في ذلك الجيش).
٢٥٤٢ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَبَّانَ عَنِ ابْنِ مُحَيْرِيزٍ قَالَ: "رَأَيْتُ أَبَا سَعِيدٍ -رضي الله عنه- فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي غَزْوَةِ بَنِي الْمُصْطَلِقِ فَأَصَبْنَا سَبْيًا مِنْ سَبْيِ الْعَرَبِ فَاشْتَهَيْنَا النِّسَاءَ فَاشْتَدَّتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ وَأَحْبَبْنَا الْعَزْلَ، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: مَا عَلَيْكُمْ أَنْ لَا تَفْعَلُوا؛ مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَاّ وَهْيَ كَائِنَةٌ".
وبه قال (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) التميمي مولاهم المدني المعروف بربيعة الرأي (عن محمد بن يحيى بن حبان) بفتح الحاء المهملة وتشديد الموحدة وبعد الألف نون (عن ابن محيريز) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتسكين التحتيتين بينهما راء وآخره زاي وهو عبد الله بن محيريز بن جنادة بن وهب الجمحي بضم الجيم وفتح الميم بعدها مهملة المكي أنه (قال: رأيت أبا سعيد) الخدري (-رضي الله عنه- فسألته) عن العزل (فقال: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيًا من سبي العرب فاشتهينا النساء فاشتدت علينا العزبة وأحببنا العزل) أي نزع الذكر من الفرج بعد الإيلاج لينزل خارج الفرج دفعًا لحصول الولد المانع من البيع والمرأة تتأذى بذلك ولأبي ذر وأحببنا الفداء (فسألنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال):
(ما عليم أن لا تفعلوا) أي لا بأس عليكم أن تفعلوا فلا زائدة واختار إمامنا الشافعي جوازه عن الأمة مطلقًا وعن الحرة بإذنها نعم هو مكروه لأنه طريق إلى قطع النسل، ولذا ورد العزل الوأد الخفي وفي حديث جابر عند مسلم التصريح بالتجويز حيث قال اعزل عنها إن شئت، ويأتي مزيد لذلك إن شاء الله تعالى في النكاح (ما من نسمة) أي ما من نفس (كائنة) في علم الله (إلى