للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(لا يجعل إصبعيه في أُذنيه) المراد بالإصبع كالسابقة الأنملة، فهو من باب إطلاق الكل وإرادة الجزء، وعبر في الأول بقوله: ويذكر بالتمريض، وفي الثاني بالجزم، ليفيد أن ميله إلى عدم جعل إصبعيه في أُذنيه، فللَّه درّه من إمام أدق نظره.

(قال إبراهيم) النخعي مما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن جرير عن منصور عنه: (لا بأس أن يؤذن) المؤذن وهو (على غير وضوء) نعم يكره للمحدث حدثًا أصغر لحديث الترمذي مرفوعًا لا يؤذن إلاّ متوضئ وفي إسناده ضعف.

وقال الشافعي في الأم: ويكره الأذان بغير وضوء ويجزئ إن فعل انتهى.

وللجنب أشدّ كراهة لغلظ الجنابة، والإقامة أغلظ من الأذان في الحديث والجنابة لقربها من الصلاة.

(وقال عطاء) هو ابن أبي رباح مما وصله عبد الرزاق عن ابن جريج عنه (الوضوء) وللأذان (حق) ثابت في الشرع (وسُنّة) مسنونة هو من الصلاة هو فاتحة الصلاة.

(وقالت عائشة) أم المؤمنين رضي الله عنها مما وصله مسلم ويؤيد قول النخعي: (كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يذكر الله على كل أحيانه) سواء كان على وضوء أو لم يكن لأن الأذان ذكر فلا يشترط له الوضوء ولا استقبال القبلة كما لا يشترط لسائر الأذكار. وحينئذٍ، فلا يلحق الأذان بالصلاة لمخالفتها حكمه فيهما، ومن ثم عرفت مناسبة ذكره لهذه الآثار عقب هذه الترجمة، وأدنى المناسبة كافٍ ولاختلاف العلماء فيها ذكرها بلفظ الاستفهام ولم يجزم.

٦٣٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ رَأَى بِلَالاً يُؤَذِّنُ فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ فَاهُ هَا هُنَا وَهَا هُنَا بِالأَذَانِ.

وبه قال: (حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي (قال: حدّثنا سفيان) الثوري (عن عون بن أبي جحيفة) بضم الجيم (عن أبيه) أبي جحيفة وهب بن عبد الله (أنه رأى بلالاً) المؤذن (يؤذن)، قال أبو جحيفة: (فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا بالأذان) أي فيه.

ولمسلم: فجعلت أتتبع فاه هاهنا وهاهنا يمينًا وشمالاً، يقول: حي على الصلاة حيّ على الفلاح، ففيه تقييد الالتفات في الأذان، وأن محله عند الحيعلتين، أي من غير تحويل صدره عن القبلة، وقدميه عن مكانهما، وأن يكون الالتفات يمنًا في الأولى وشمالاً في الثانية، وفائدته تعميم الناس بالإسماع.

قال في المدوّنة وأنكر مالك دورانه لغير الإسماع.

٢٠ - باب قَوْلِ الرَّجُلِ فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ

وَكَرِهَ ابْنُ سِيرِينَ أَنْ يَقُولَ: فَاتَتْنَا الصَّلَاةُ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ: لَمْ نُدْرِكْ. وَقَوْلُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَصَحُّ.

(باب قول الرجل فاتتنا الصلاة) أي هل يكره أو لا.

(وذكره ابن سيرين) محمد مما وصله ابن أبي شيبة (أن يقول) الرجل: (فاتتنا الصلاة) وسقط لفظ الصلاة لغير أبي ذر (ولكن ليقل) وللأربعة وليقل: (لم ندرك) فيه نسبة عدم الإدراك إليه بخلاف فاتتنا. قال البخاري رادًّا على ابن سيرين (وقول النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) الطلق للفوات (أصح) أي صحيح بالنسبة إلى قول ابن سيرين، فإنه غير صحيح لثبوت النص بخلافه. وأفعل قد تذكر ويراد بها التوضيح لا التصحيح، وقول مرفوع مبتدأ خبره أصح.

٦٣٥ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شَيْبَانُ عَنْ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: "بَيْنَمَا نَحْنُ نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ سَمِعَ جَلَبَةَ رِجَالٍ، فَلَمَّا صَلَّى قَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ قَالُوا: اسْتَعْجَلْنَا إِلَى الصَّلَاةِ. قَالَ: فَلَا تَفْعَلُوا. إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا».

وبالسند قال (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين (قال: حدّثنا شيبان) بفتح الشين المعجمة وسكون المثناة التحتية بعدها موحدة، ابن عبد الرحمن النحوي (عن يحيى) بن أبي كثير (عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه) أبي قتادة الحارث بن ربعي الأنصاري رضي الله عنهما، (قال: بينما) بالميم (نحن نصلي مع النبي) وفي رواية مع رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ سمع جلبة رجال) بفتح الجيم وتاليها أي أصواتهم حال حركاتهم، وسمَّى منهم الطبراني في روايته: أبا بكرة. ولكريمة والأصيلي: جلبة رجال (فلما صلّى) عليه الصلاة والسلام (قال): (ما شأنكم) بالهمزة أي ما حالكم حيث وقع منكم الجلبة (قالوا استعجلنا إلى الصلاة. قال) عليه الصلاة والسلام: (فلا) ولأبي ذر: لا (تفعلوا) أي لا تستعجلوا وعبر بلفظ تفعلوا مبالغة في النهي عنه (إذا أتيتم الصلاة) جمعة أو غيرها (فعليكم بالسكينة) بياء الجر واستشكل دخولها البرماوي كالزركشي وغيره لأنه يتعدّى بنفسه قال تعالى: {عليكم أنفسكم}.

وأجيب بأن أسماء الأفعال وإن كان حكمها في التعدّي واللزوم حكم الأفعال التي هي بمعناها إلاّ أن الباء تزاد في مفعولها كثيرًا نحو عليك به. لضعفها في العمل فتتعدى بحرف عادته إيصال اللازم إلى المفعول، قاله الرضي وغيره فيما نقله البدر الدماميني، وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>