في المسجد) معتكفًا (وعنده أزواجه فرحن) إلى منازلهن (فقال): عليه الصلاة والسلام (لصفية بنت حيي لا تعجلي).
(حتى أنصرف معك) كأن مجيئها تأخر عن رفقتها فأمرها بالتأخر ليحصل التساوي في مدة جلوسهن عنده أو أن بيوت رفقتها كانت أقرب فخشي عليه الصلاة والسلام عليها وكان مشغولاً فأمرها بالتأخر ليفرغ ويشيعها (وكان بيتها في دار أسامة) أي الدار التي صارت بعد ذلك لأسامة بن زيد لأن أسامة إذ ذاك لم يكن له دار مستقلة بحيث تسكن فيها صفية، (فخرج النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) من المسجد (معها فلقيه رجلان من الأنصار)، قيل هما أسيد بن حضير وعباد بن بشر (فنظرا إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم أجازا) بهمزة مفتوحة قبل الجيم وبعد الألف زاي وسقطت الهمزة في رواية لابن عساكر يقال جاز وأجاز بمعنى أي مضيا (وقالا): ولابن عساكر وأبي ذر: فقال (لهما النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) (تعاليَا) بفتح اللام (إنها صفية بنت حيي) (قالا) ولأبي ذر: فقالا (سبحان الله) متعجبين من قوله عليه الصلاة والسلام لهما ذلك أو ننزهك مما لا ينبغي (يا رسول الله قال): عليه الصلاة والسلام (إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم) قيل حقيقة جعل الله له قوة ذلك وقيل إنه يلقي وسوسته في مسام لطيفة من البدن فتصل وسوسته إلى القلب (وإني خشيت أن يلقي) الشيطان (في أنفسكما شيئًا) فتهلكا.
١٢ - باب هَلْ يَدْرَأُ الْمُعْتَكِفُ عَنْ نَفْسِهِ؟
هذا (باب) بالتنوين (هل يدرأ) بفتح الياء وسكون الدال المهملة وبعد الراء همزة مضمومة أي هل يدفع (المعتكف عن نفسه)؟ بالقول والفعل.
٢٠٣٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَخِي عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي عَتِيقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ -رضي الله عنهما- أَنَّ صَفِيَّةَ أَخْبَرَتْهُ ح.
وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ الزُّهْرِيَّ يُخْبِرُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ أَنَّ صَفِيَّةَ -رضي الله عنها- أَتَتِ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهْوَ مُعْتَكِفٌ، فَلَمَّا رَجَعَتْ مَشَى مَعَهَا، فَأَبْصَرَهُ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُ دَعَاهُ فَقَالَ: تَعَالَ، هِيَ صَفِيَّةُ -وَرُبَّمَا قَالَ سُفْيَانُ: هَذِهِ صَفِيَّةُ- فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ. قُلْتُ لِسُفْيَانَ: أَتَتْهُ لَيْلاً؟ قَالَ: وَهَلْ هُوَ إِلَاّ لَيْلاً؟ ".
وبالسند قال: (حدّثنا إسماعيل بن عبد الله) الأويسي (قال أخبرني) ولابن عساكر: حدثني بالتوحيد فيهما (أخي) عبد الحميد بن أبي أويس (عن سليمان) بن بلال مولى عبد الله بن أبي عتيق (عن محمد بن أبي عتيق) هو محمد بن عبد الله بن أبي عتيق بن أبي بكر الصديق (عن ابن شهاب) ولأبي ذر عن الزهري (عن علي بن الحسين -رضي الله عنهما-) ولأبي ذر وابن عساكر: ابن حسين (أن صفية) زاد ابن عساكر بنت حيي (أخبرته) أورده أيضًا كالسابق مختصرًا موصولاً ثم مرسلاً فقال (ح).
(حدّثنا) ولأبي ذر وابن عساكر وحدّثنا (علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال سمعت الزهري يخبر) بسكون المعجمة (عن علي بن الحسين) ولأبي ذر وابن عساكر ابن حسين (أن صفية -رضي الله عنها- أتت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو معتكف) في المسجد (فلما رجعت) إلى منزلها في دار أسامة بن زيد خارج المسجد (مشى معها) رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فأبصره رجل من الأنصار) بالإفراد وفي السابق فلقيه رجلان فقيل محمول على التعدد، وقال في الفتح: إن أحدهما كان تبعًا للآخر أو خص أحدهما بخطاب المشافهة دون الآخر أو أن الزهري كان يشك فيه فتارة يقول رجلان وتارة يقول رجل وقد رواه سعيد بن منصور عن هشيم عن الزهري فلقيه رجل أو رجلان بالشك، ورواه مسلم من وجه آخر من حديث أنس بالإفراد.
(فلما أبصره) عليه الصلاة والسلام (دعاه فقال تعال) بفتح اللام.
(هي صفية) (وربما قال سفيان: هذه صفية) (فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) وفي رواية عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري عند ابن حيان ما أقول لكما هذا أن تكونا تظنان شرًا ولكن قد علمت أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى ادم وهذا موضع الترجمة لأن فيه الذب بالقول قال إمامنا الشافعي كما مرّ أن قوله عليه الصلاة والسلام ذك تعليم لنا إذا حدّثنا محارمنا أو نساءنا على الطريق أن نقول هي محرمي حتى لا نتهم أهـ.
وكذا يجوز الذب بالفعل إذ ليس العتكف في ذلك بأشد من المصلي قال علي بن المديني: (قلت لسفيان): بن عيينة (أتته) عليه الصلاة والسلام صفية (ليلاً قال: وهل) ولأبي ذر قال فهل (هو إلا ليلاً)؟ أي وهل وقع الإتيان إلا في الليل، وعند النسائي من طريق عبد الله بن المبارك عن سفيان بن