ابن زيد الأيلي (عن أبي الغيث) بفتح الغين المعجمة وسكون التحتية بعدها مثلثة سالم مولى عبد الله بن مطيع (عن أبي هريرة) -رضي الله عنه- (أن النبي) ولأبي ذر عن النبي (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(أول من يدعى) بضم أوله وفتح ثالثه أي يطلب (يوم القيامة آدم) عليه السلام (فتراءى ذريته) كذا في الفرع كأصله مكتوبة بألفين بعد الراء مصححًا عليه قال في الفتح: وهو بمثناة
واحدة ومدّة ثم همزة مفتوحة ممالة، وأصله فتتراءى فحذفت إحدى التاءين، وتراءى الشخصان تقابلا بحيث صار كل منهما يتمكن من رؤية الآخر وللإسماعيلي من طريق الدراوردي عن ثور فتتراءى له ذريته على الأصل (فيقال) لهم: (هذا أبوكم آدم فيقول) آدم: (لبيك) رب (وسعديك فيقول) الله تعالى له: (أخرج) بفتح الهمزة وكسر الراء فعل أمر (بعث جهنم من ذريتك) أي الذين استحقوا أن يبعثوا إليها من جملة الناس وميزهم وابعثهم إلى النار وخص آدم بذلك لأنه والد الجميع، ولكونه كان قد عرف أهل السعادة من أهل الشقاء كما في حديث المعراج أنه عن يمينه أسودة وعن شماله أسودة الحديث .. وظاهر هذا كما قال في الفتح: إن خطاب آدم بذلك أول شيء يقع يوم القيامة (فيقول) آدم: (يا رب كم أخرج) بضم الهمزة وكسر الراء منهم (فيقول) الله عز وجل: (أخرج) بفتح الهمزة وكسر الراء (من كل مائة) من الناس (تسعة وتسعين) نفسًا (فقالوا): أي الصحابة (يا رسول الله إذا أخذ منا) بضم الهمزة وكسر المعجمة (من كل مائة تسعة وتسعون فماذا يبقى منا؟ قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود) قال السفاقسي: أطلق الشعرة وليس المراد حقيقة الواحد لأنه لا يكون ثور ليس في جلدهِ غير شعرة واحدة من غير لونه.
ومطابقة الحديث للترجمة يحتمل أن تكون من جهة أن الذي تضمنه إنما يكون بعد الحشر يوم القيامة ورواته كلهم مدنيون وهو من أفراده.
٤٦ - باب قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ:
{إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَىْءٌ عَظِيمٌ} [الحج: ١] أَزِفَتِ الآزِفَةُ: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: ١].
(باب قوله عز وجل: ({إن}) ولأبي ذر باب بالتنوين: إن ({زلزلة الساعة}) أي تحريكها للأشياء على الإسناد المجازي أو تحريك الأشياء فيها فأضيفت إليها إضافة معنوية بتقدير في أو من إضافة المصدر إلى الفاعل والمحذوف المفعول وهو الأرض يدل عليه {إذا زلزلت الأرض زلزالها} [الزلزلة: ١] وقيل هي زلزلة تكون قبيل طلوع الشمس من مغربها وإضافتها إلى الساعة لأنها من أشراطها ({شيء عظيم}) [الحج: ١] هائل ومفهومه جواز إطلاق الشيء على المعدوم لأن الزلزلة لم تقع بعد ومن منع إيقاعه على المعدوم قال: جعل الزلزلة شيئًا لتيقن وقوعها وصيرورتها إلى الوجود (أزفت الآزفة) دنت الساعة الموصوفة بالدنوّ في نحو قوله: {اقتربت الساعة} [القمر: ١] قال الزجاج: يعني الساعة التي تقوم فيها القيامة.
٦٥٣٠ - حَدَّثَنِى يُوسُفُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِى صَالِحٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «يَقُولُ اللَّهُ يَا آدَمُ فَيَقُولُ: لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ وَالْخَيْرُ فِى يَدَيْكَ، قَالَ: يَقُولُ أَخْرِجْ بَعْثَ النَّارِ، قَالَ: وَمَا بَعْثُ النَّارِ؟ قَالَ: مِنْ كُلِّ أَلْفٍ تِسْعَمِائَةٍ وَتِسْعَةً وَتِسْعِينَ، فَذَاكَ حِينَ يَشِيبُ الصَّغِيرُ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا، {وَتَرَى النَّاسَ سَكْرَى وَمَا هُمْ بِسَكْرَى
وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ» [الحج: ٢] فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ» فَقَالُوا: يَا رَسُولُ اللَّهِ أَيُّنَا الرَّجُلُ؟ قَالَ: «أَبْشِرُوا فَإِنَّ مِنْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ أَلْفٌ، وَمِنْكُمْ رَجُلٌ ثُمَّ قَالَ: وَالَّذِى نَفْسِى فِى يَدِهِ إِنِّى لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا ثُلُثَ أَهْلِ الْجَنَّةِ»، قَالَ: فَحَمِدْنَا اللَّهَ وَكَبَّرْنَا ثُمَّ قَالَ: «وَالَّذِى نَفْسِى فِى يَدِهِ إِنِّى لأَطْمَعُ أَنْ تَكُونُوا شَطْرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، إِنَّ مَثَلَكُمْ فِى الأُمَمِ كَمَثَلِ الشَّعَرَةِ الْبَيْضَاءِ فِى جِلْدِ الثَّوْرِ الأَسْوَدِ -أَوِ الرَّقْمَةِ فِى ذِرَاعِ الْحِمَارِ».
وبه قال: (حدثني) بالإفراد، ولأبي ذر وابن عساكر: حدّثنا (يوسف بن موسى) بن راشد القطان الكوفي المتوفى ببغداد سنة اثنتين وخمسين ومائتين قال: (حدّثنا جرير) بفتح الجيم ابن عبد الحميد (عن الأعمش) سليمان (عن أبي صالح) ذكوان الزيات (عن أبي سعيد) سعد بن مالك الخدري -رضي الله عنه- أنه (قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):
(يقول الله) عز وجل وسقط لأبي ذر قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيكون الحديث غير مرفوع، وبه جزم أبو نعيم في مستخرجه قال في الفتح: وفي رواية بإثبات قوله قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وكذا في مسلم عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير بسند البخاري فيه (يا آدم فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك) في الاقتصار على الخير نوع تعطف ورعاية للأدب وإلاّ فالشر أيضًا بتقديره كالخير (قال: يقول أخرج بعث النار) ميزهم من الناس (قال) آدم: سمعت يا رب وأطعت (وما بعث النار)؟ فالواو عاطفة على محذوف أي وما مقدار مبعوث النار (قال) الله تعالى: {من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين) فالمتأخر من الألف واحد ولا معارضة بينه وبين الرواية الأولى من كل مائة تسعة وتسعين لأن مفهوم العدد لا اعتبار له، فالتخصيص بعدد لا يدل على نفي الزائد