الركبان فبين أنه لو كان أفضل لفعله النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وإنما حج عليه الصلاة والسلام قاصدًا لذلك ولذا لم يحرم حتى استوت به راحلته.
وفي هذا الحديث والتحديث والأخبار والسماع والعنعنة (رواه) أي إهلاله حين استوت به راحلته (أنس) فيما وصله في باب من بات بذي الحليفة حتى أصبح (وابن عباس -رضي الله عنهم-) في باب ما يلبس المحرم من الثياب كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
٣ - باب الْحَجِّ عَلَى الرَّحْلِ
(باب الحج على الرحل) للتواضع والرجل بفتح الراء وسكون الحاء المهملة وهو للبعير كالسرج للفرس.
١٥١٦ - وَقَالَ أَبَانُ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها "أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَ مَعَهَا أَخَاهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ فَأَعْمَرَهَا مِنَ التَّنْعِيمِ، وَحَمَلَهَا عَلَى قَتَبٍ".
وَقَالَ عُمَرُ -رضي الله عنه- شُدُّوا الرِّحَالَ فِي الْحَجِّ، فَإِنَّهُ أَحَدُ الْجِهَادَيْنِ.
(وقال أبان) بن يزيد العطار البصري مما وصفه أبو نعيم في مستخرجه وأبان بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة آخره نون مصروف وغير مصروف وفي المصابيح قال القرافي: المحدثون والنحاة على عدم صرفه. قال: ونقله ابن يعيش في شرح المفضل عن الجمهور وقال: إن وزنه أفعل وأصله أبين صيغة مبالغة في البيان الذي هو الظهور فتقول هذا أبين من هذا أظهر منه وأوضح فلوحظ أصله مع العلمية التي فيه فلم يصرف هكذا في شرح انتهاج الأصلي للسبكي في فصل الخصوص.
قال الدمياني: صرح ابن مالك في التوضيح بأنه منقول من أبان ماضي يبين ولو لم يكن منقولاً لوجب أن يقال فيه أبين بالتصحيح وهو كلام متجه يتقرر به الرد على ما نقله القرافي، وأقره عليه السبكي من كونه أفعل تفضيل فتأمله قال: (حدّثنا مالك بن دينار عن القاسم بن محمد) هو ابن أبي بكر الصديق (عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعث معها أخاها) شقيقها (عبد الرحمن فأعمرها) حملها على العمرة حتى اعتمرت (من التنعيم)، بفتح الفوقية وسكون النون وكسر العين المهملة موضع عند طرف حرم مكة من جهة المدينة على ثلاثة أميال من مكة (وحملها على) مؤخر (قتب) أي أردفها وكان هو على قتب لأنه قال في الرواية الموصولة آخر الباب: فأحقبها أي أردفها على الحقيبة وهي الزيادة التي تجعل في مؤخر القتب فإن القصة واحدة، والقتب: بفتح المثناة الفوقية آخره موحدة هو خشب الرحل، وقيل القتب للجمل بمنزلة الإكاف للحمار.
(وقال عمر) بن الخطاب (-رضي الله عنه-:) فيما وصله عبد الرزاق وسعيد بن منصور (شدّوا الرحال في الحج، فإنه أحد الجهادين) أما على جهة التغليب أو الحقيقة لأنه يجاهد نفسه بالصبر على مشقة السفر وترك الملاذ.
١٥١٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ حَدَّثَنَا عَزْرَةُ بْنُ ثَابِتٍ عَنْ ثُمَامَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَنَسٍ قَالَ "حَجَّ أَنَسٌ عَلَى رَحْلٍ، وَلَمْ يَكُنْ شَحِيحًا، وَحَدَّثَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حَجَّ عَلَى رَحْلٍ وَكَانَتْ زَامِلَتَهُ".
(وقال محمد بن أبي بكر المقدمي) بفتح الدال المهملة المشددة مما وصله الإسماعيلي، ولأبوي ذر والوقت: بدل قوله قال حدّثنا محمد بن أبي بكر قال: (حدّثنا يزيد بن زريع) بالتصغير ويزيد من الزيادة قال: (حدّثنا عزرة بن ثابت) بفتح العين والراء بينهما زاي معجمة ساكنة ابن ثابت بالمثلثة والموحدة (عن ثمامة بن عبد الله بن أنس) بضم المثلثة وتخفيف الميم ابن مالك الأنصاري البصري قاضيها (قال: حج أنس على رحل، ولم) ولابن عساكر: فلم (يكن شحيحًا) أي لم يؤثر الرحل على
المحمل لبخل (و) إنما (حدث أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حج على رحل وكانت) أي الراحلة التي ركبها (زاملته) بالزاي أي حاملته وحاملة متاعه لأن الزاملة البعير الذي يستظهر به الرجل لحمل متاعه وطعامه فاقتدى به عليه الصلاة والسلام أنس، وقد روى حج الأبرار على الرحال وفيه ترك الترفه حيث جعل متاعه تحته وركب فوقه. وروى سعيد بن منصور من طريق هشام بن عروة قال: كان الناس يحجون وتحتهم أزودتهم، وكان أوّل من حج على رحل وليس تحته شيء عثمان بن عفان -رضي الله عنه-.
١٥١٨ - حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ حَدَّثَنَا أَيْمَنُ بْنُ نَابِلٍ حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْتَمَرْتُمْ وَلَمْ أَعْتَمِرْ. فَقَالَ: يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ، اذْهَبْ بِأُخْتِكَ فَأَعْمِرْهَا مِنَ التَّنْعِيمِ. فَأَحْقَبَهَا عَلَى نَاقَةٍ، فَاعْتَمَرَتْ".
وبه قال: (حدّثنا عمرو بن علي) بفتح العين وسكون الميم الفلاس قال: (حدّثنا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل شيخ المؤلّف روي عنه هنا بواسطة قال: (حدّثنا أيمن بن بابل) بنون وموحدة بينهما ألف آخره لام، وأيمن بفتح الهمزة وسكون التحتية وفتح الميم آخره نون غير منصرف قال: (حدّثنا القاسم بن محمد) هو ابن أبي بكر الصديق (عن عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت يا رسول الله اعتمرتم ولم أعتمر، فقال:) عليه الصلاة والسلام.
(يا عبد الرحمن، اذهب بأختك فأعمرها) بقطع الهمزة وكسر الميم أمر من الإعمار