وبه قال:(حدّثنا محمد بن أبي يعقوب) إسحاق (الكرماني) بفتح الكاف عند المحدّثين وأهلها يكسرونها قال: (حدّثنا حسان بن إبراهيم) بفتح الحاء المهملة المشددة الكرماني العنزي قاضي كرمان قال: (حدّثنا يونس) بن يزيد الأيلي (قال محمد): ولأبي ذر: حدّثنا محمد هو الزهري قال: (أخبرني) بالإفراد (سالم أن) أباه (عبد الله بن عمر) -رضي الله عنهما- (أخبره أنه طلّق امرأته) آمنة بمدّ الهمزة وكسر الميم بنت غفار بالغين المعجمة المكسورة والفاء (وهي حائض) الواو للحال من امرأته أو من ضمير الفاعل (فذكر عمر) ذلك (للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتغيظ) أي غضب (فيه) أي في الفعل المذكور وهو الطلاق وتغيظ مطاوع غظته فتغيظ ولأبي ذر عن الكشميهني عليه أي على ابن عمر (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثم قال): يحتمل أن يكون ثم هنا بمعنى الواو لأن قوله مقارن تغيظه، ويحتمل أن تكون على بابها وإن قوله بعد زوال الغيظ واللام في قوله:
(ليراجعها) لام الأمر والفعل مجزوم وكذا قوله (ثم يمسكها) ويجوز في المعطوف الرفع على الاستئناف أي ثم هو يمسكها والأمر للندب في قول إمامنا الشافعي وأبي حنيفة وأحمد وفقهاء المحدّثنين وللوجوب عند مالك وأصحابه والصارف له عن الوجوب قوله تعالى: {فأمسكوهنّ بمعروف أو فارقوهنّ بمعروف}[الطلاق: ٢] وغيره من الآيات المقتضية للتخيير بين الإمساك بالرجعة أو الفراق بتركها ولمسلم ثم ليدعها (حتى تطهر ثم تحيض) حيضة أخرى (فتطهر) منها (فإن بدا له) بعد طهرها من الحيض الثاني (أن يطلقها فليطلقها) قبل أن يجامعها. قال البيضاوي: وفي الحديث فوائد حرمة الطلاق في الحيض لتغيظه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيه وهو لا يتغيظ إلا في حرام والتنبيه على أن علة التحريم تطويل العدة عليها وإن العدة بالإطهار لا بالحيض.
(باب من رأى) من الفقهاء (للقاضي أن يحكم بعلمه في أمر الناس) دون حقوق الله كالحدود (إذا لم يخف) القاضي (الظنون والتهمة) بفتح الهاء أي يحكم بشرطين عدم التهمة ووجود الشهرة (كما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لهند): حين قضى لها على زوجها أبي سفيان بن حرب (خذي) من ماله (ما يكفيك وولدك بالمعروف. وذلك إذا كان أمر مشهور) ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر: إذا كان أمرًا مشهورًا بالنصب خير كان أي إذا كان مشهورًا كقصة هند في زوجيتها لأبي سفيان ووجوب النفقة عليه. وقال المالكية: لا يحكم بعلمه في أمر من الأمور إلا في التعديل والتجريح لأن القاضي يشارك غيره فيهما فلا تهمة وإنه لو لم يحكم بعلمه في العدالة لافتقر إلى معدلين آخرين وهكذا فيتسلسل.
وبه قال:(حدّثنا أبو اليمان) الحكم بن نافع قال: (أخبرنا شعيب) هو ابن أبي حمزة (عن الزهري) محمد بن مسلم قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: قال أخبرني بالإفراد أيضًا (عروة) بن الزبير (أن عائشة -رضي الله عنها- قالت: جاءت هند) بالصرف وعدمه لسكون وسطه (بنت عتبة بن ربيعة) بن عبد شمس بن عبد مناف القرشية العبشمية والدة معاوية وسقط لأبي ذر: ابن ربيعة إلى رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فقالت: يا رسول الله والله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء) بكسر الخاء المعجمة والمد (أحب إليّ) بتشديد الياء (أن يذلوا) بفتح التحتية وكسر المعجمة (من أهل خبائك) أرادت بيته -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فكنت عنه بأهل الخباء إجلالاً له أو أرادت أهل بيته أو صحابته فهو من المجاز والاستعارة (وما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إليّ أن يعزوا) بفتح التحتية وكسر العين المهملة وتشديد الزاي (من أهل خبائك. ثم قالت): يا رسول الله (إن أبا سفيان) صخر بن حرب زوجي (رجل مسّيك) بكسر الميم والسين المهملة المشددة بصيغة المبالغة من مسك اليد يعني بخيل جدًّا ويجوز فتح الميم وكسر السين مخففة بوزن أمير وهو أصح عند أهل العربية والأوّل