ذر والوقت يمان بلا هاء التأنيث.
قال في الفتح: الأظهر أن المراد من ينسب له بالسكنى بل هو المشاهد في كل عصر من أحوال سكان جهة اليمن إذ غالبهم رقاق القلوب والأبدان، وغالب من يوجد من جهة الشمال غلاظ القلوب والأبدان. وعند البزار من حديث ابن عباس بينا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالمدينة إذ قال: "الله أكبر {إذا جاء نصر الله والفتح} [النصر: ١] وجاء أهل اليمن نقية قلوبهم حسنة طاعتهم الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية". وعن جبير بن مطعم عنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "يطلع عليكم أهل اليمن كأنهم السحاب هم خير أهل الأرض" رواه أحمد والبزار وأبو يعلى.
٤٣٩١ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ فَجَاءَ خَبَّابٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَيَسْتَطِيعُ هَؤُلَاءِ الشَّبَابُ أَنْ يَقْرَءُوا كَمَا تَقْرَأُ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَوْ شِئْتَ أَمَرْتُ بَعْضَهُمْ يَقْرَأُ عَلَيْكَ؟ قَالَ: أَجَلْ. قَالَ: اقْرَأْ يَا عَلْقَمَةُ
فَقَالَ زَيْدُ بْنُ حُدَيْرٍ أَخُو زِيَادِ بْنِ حُدَيْرٍ: أَتَأْمُرُ عَلْقَمَةَ أَنْ يَقْرَأَ وَلَيْسَ بِأَقْرَئِنَا؟ قَالَ: أَمَا إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ أَخْبَرْتُكَ بِمَا قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فِي قَوْمِكَ وَقَوْمِهِ فَقَرَأْتُ خَمْسِينَ آيَةً مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: كَيْفَ تَرَى؟ قَالَ: قَدْ أَحْسَنَ، قَالَ عَبْدُ اللَّهِ مَا أَقْرَأُ شَيْئًا إِلَاّ وَهُوَ يَقْرَؤُهُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى خَبَّابٍ وَعَلَيْهِ خَاتَمٌ مِنْ ذَهَبٍ فَقَالَ: أَلَمْ يَأْنِ لِهَذَا الْخَاتَمِ أَنْ يُلْقَى؟ قَالَ: أَمَا إِنَّكَ لَنْ تَرَاهُ عَلَىَّ بَعْدَ الْيَوْمِ فَأَلْقَاهُ، رَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ.
وبه قال: (حدّثنا عبدان) هو عبد الله بن عثمان بن جبلة العابد المروزي البصري الأصل (عن أبي حمزة) بالزاي محمد بن ميمون السكري (عن الأعمش) سليمان (عن إبراهيم) النخعي (عن علقمة) بن قيس أنه (قال: كنا جلوسًا مع ابن مسعود فجاء خبّاب) بفتح الخاء المعجمة والموحدة المشددة وبعد الألف موحدة أخرى ابن الأرثّ الصحابي -رضي الله عنه- (فقال): لابن مسعود مستفهمًا منه (يا أبا عبد الرحمن أيستطيع هؤلاء الشباب أن يقرؤوا كما تقرأ)؟ أنت (قال: أما) بالتخفيف (إنك لو) ولأبي ذر: إن (شئت أمرت) بتاء الخطاب أو التكلم (بعضهم يقرأ عليك) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: فيقرأ بزيادة فاء قبل الياء، وله عن الكشميهني: فقرأ بصيغة الماضي (قال: أجل) أي نعم (قال) ابن مسعود: (اقرأ يا علقمة. فقال زيد بن حدير) بالحاء المضمومة والدال المفتوحة المهملتين مصغرًا (أخو زياد بن حدير) الأسدي التابعي الكبير له رواية في سنن أبي داود (أتأمر علقمة أن يقرأ وليس بأقرئنا؟ قال) ابن مسعود (أما) بالتخفيف (إنك إن شئت أخبرتك بما قال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في قومك) بني أسد من الذم حيث قال عليه الصلاة والسلام فيما سبق في المناقب: إن جهينة وغيرها خير من بني أسد وغطفان (وقومه) النخع من الثناء فيما رواه أحمد والبزار بإسناد حسن عن ابن مسعود قال: شهدت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في يدعو لهذا الحي من النخع ويثني عليهم حتى تمنيت أني رجل منهم. قال علقمة: (فقرأت خمسين أية من سورة مريم، فقال عبد الله) بن مسعود لخباب (كيف ترى؟ قال) خباب (قد أحسن) ولأحمد فقال خباب لعلقمة: أحسنت (قال عبد الله) بن مسعود (ما أقرأ شيئًا إلا هو) أي علقمة (يقرؤه، ثم التفت) عبد الله بن مسعود (إلى خباب وعليه خاتم من ذهب فقال) له: (ألم يأن لها الخاتم أن يلقى) بضم أوله وفتح ثالثه أي يرمى به (قال) خباب: (أما) بالتخفيف (إنك لمن تراه عليّ بعد اليوم فألقاه. رواه غندر) محمد بن جعفر فيما وصله أبو نعيم في مستخرجه (عن شعبة) بن الحجاج أي عن الأعمش بالإسناد السابق، والظاهر أن خبابًا كان يعتقد أن النهي عن خاتم الذهب للتنزيه، فنبهه ابن مسعود على أنه للتحريم.
٧٥ - باب قِصَّةُ دَوْسٍ وَالطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيِّ
(قصة دوس) بفتح الدال وسكون الواو وبالسين المهملة، (والطفيل بن عمرو) بضم الطاء وفتح الفاء وعمرو بفتح العين (الدوسي) بفتح الدال.
٤٣٩٢ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ ذَكْوَانَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: جَاءَ الطُّفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: إِنَّ دَوْسًا قَدْ هَلَكَتْ عَصَتْ، وَأَبَتْ فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْئتِ بِهِمْ».
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (عن ابن ذكوان) عبد الله أبي عبد الرحمن الإمام المدني المعروف بأبي الزناد (عن عبد الرحمن) بن هرمز (الأعرج عن أبي هريرة -رضي الله عنه-) أنه (قال: جاء الطفيل بن عمرو) الدوسي وكان يقال له ذو النون لأنه كما ذكر هشام بن الكلبي لما أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بعثه إلى قومه فقال: اجعل لي آية. فقال: "اللهم نوّر له" فسطع نور بين عينيه فقال: يا رب إني أخاف أن يقولوا إنه مثلة فتحول إلى طرف سوطه فكان يضيء في الليلة المظلمة (إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال) يا رسول الله: (إن دوسًا) القبيلة (قد هلكت عصت وأبت فادع الله عليهم، فقال) عليه الصلاة والسلام:
(اللهم اهدِ دوسًا) للإسلام (وائت بهم) فرجع الطفيل إلى قومه فدعاهم إلى الله، ثم قدم بعد ذلك على رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بخيبر، فنزل المدينة بسبعين أو ثمانين بيتًا من دوس قد أسلموا.
٤٣٩٣ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ عَنْ قَيْسٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قُلْتُ فِي الطَّرِيقِ:
يَا لَيْلَةً مِنْ طُولِهَا وَعَنَائِهَا ... عَلَى أَنَّهَا مِنْ دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَّتِ
وَأَبَقَ غُلَامٌ لِي فِي الطَّرِيقِ فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَبَايَعْتُهُ فَبَيْنَا أَنَا عِنْدَهُ إِذْ طَلَعَ الْغُلَامُ فَقَالَ لِي النَّبِيُّ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ هَذَا غُلَامُكَ»؟ فَقُلْتُ: هُوَ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَأَعْتَقْتُهُ.
وبه قال: