للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البيهقي في الدلائل وأبو يعلى الموصلي والبزار في مسنديهما (﴿والشمس والقمر﴾) هما أبواه أو أبوه وخالته والكواكب إخوته. قيل: الواو بمعنى مع أي رأيت الكواكب مع الشمس والقمر وأجريت مجرى العقلاء في رأيتهم لي ساجدين لأنه وصفها بما هو المختص بالعقلاء وهو السجود وكررت الرؤية لأن الأولى تتعلق بالذات والثانية بالحال أو الثانية كلام مستأنف على تقدير سؤال وقع جوابًا له كأن أباه قال له: كيف رأيتها؟ فقال (﴿رأيتهم لي ساجدين﴾) متواضعين وكان سنه اثنتي عشرة سنة يومئذ (﴿قال يا بني﴾) صغره للشفقة أو لصغر سنه (﴿لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدًا﴾) جواب النهي أي إن قصصتها عليهم كادوك فهم يعقوب من رؤياه إن الله يصطفيه لرسالته وينعم عليه بشرف الدارين فخاف عليه حسد إخوته وبغيهم (﴿إن الشيطان للإنسان عدو مبين﴾) ظاهر العداوة فيحملهم على الحسد والكيد (﴿وكذلك﴾) أي وكما اجتباك بمثل هذه الرؤيا الدالة على شرفك وعزك (﴿يجتبيك ربك﴾) يصطفيك للنبوّة والملك (﴿ويعلمك﴾) كلام مبتدأ غير داخل في حكم التشبيه كأنه قيل وهو يعلمك (﴿من تأويل الأحاديث﴾) من تعبير الرؤيا (﴿ويتم نعمته عليك﴾) بإرسالك والإيحاء إليك (﴿وعلى آل يعقوب كما أتمها على أبويك من قبل﴾) أراد الجدّ وأبا الجدّ (﴿إبراهيم وإسحاق﴾) عطف بيان لأبويك (﴿إن ربك عليم﴾) يعلم من يستحق الاجتباء (﴿حكيم﴾) [يوسف: ٤ - ٦] يضع الأشياء في مواضعها، وسقط لأبي ذر من قوله: ﴿إن الشيطان﴾ إلخ وقال بعد: ﴿ساجدين﴾ إلى قوله: ﴿عليم حكيم﴾.

(وقوله تعالى: ﴿يا أبت هذا﴾) أي سجودهم (﴿تأويل رؤياي من قبل﴾) التي كان قصها على أبيه: إني رأيت أحد عشر كوكبًا كان هذا سائغًا في شرائعهم إذا سلموا على كبير سجدوا له ولم يزل هذا جائزًا من لدن آدم إلى شريعة عيسى فحرّم هذا في هذه الملة المحمدية (﴿قد جعلها﴾) أي الرؤيا (﴿ربي حقًّا﴾) صادقة وأخرج الحاكم والطبري والبيهقي في شعبه بسند صحيح عن سلمان الفارسي قال: كان بين رؤيا يوسف وعبارتها أربعون عامًّا، وذكر البيهقي له شاهدًا عن عبد الله بن شداد وزاد وإليها ينتهي أمد الرؤيا، وعند الطبري عن الحسن البصري قال: كانت مدة المفارقة بين يعقوب ويوسف ثمانين سنة، وفي لفظ ثلاثًا وثمانين سنة (﴿وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن﴾) ولم يقل من الجب لقوله: تثريب عليكم اليوم (﴿وجاء بكم من البدو﴾) من البادية لأنهم كانوا أصحاب مواش ينتقلون في المياه والمناقع (﴿من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين إخوتي) أفسد بيننا وأغوى (﴿إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم﴾) بمصالح عباده (﴿الحكيم﴾) في أفعاله وأقواله وقضائه وقدره وما يختاره ويريده (﴿رب قد آتيتني من الملك﴾) ملك مصر (﴿وعلمتني من تأويل الأحاديث﴾) تعبير الرؤيا (﴿فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلمًا﴾) طلب ذلك لقول يعقوب لولده ولا تموتن إلا وأنتم

مسلمون وإنما دعا به ليقتد به قومه من بعده (﴿وألحقني بالصالحين﴾) [يوسف: ١٠٠ - ١٠١] من آبائي أو على العموم.

(قال أبو عبد الله) البخاري وثبت قوله قال أبو عبد الله لأبي ذر: (فاطر والبديع والمبتدع) بفوقية بعد الموحدة ولأبي ذر المبدع بإسقاط الفوقية (والبارئ) بالراء والهمزة ولأبي ذر عن الحموي والمستملي والبادئ بالدال المهملة بدل الراء (والخالق) السبعة معناها (واحد) ومراده تفسير الفاطر من قوله: ﴿فاطر السماوات والأرض﴾ [الأنعام: ١٤ وغيرها] ومراده أن الأسماء المذكورة ترجع إلى معنى واحد وهو إيجاد الشيء بعد أن لم يكن وقوله: (من البدء) بفتح الموحدة وسكون المهملة بعدها همزة كذا في الفرع كأصله، وفي بعض النسخ بغير همزة وهو أوجه لأنه يريد تفسير قوله: ﴿وجاء بكم من البدو﴾ [يوسف: ١٠٠] (بادئة) بالهمزة أيضًا في الفرع وفي غيره بتركه لم وجاء بكم من البادية أو مراده إن فاطر معناه البادئ من البدء أي الابتداء أي بادئ الخلق بمعنى فاطره وسقط من قوله قال أبو عبد الله إلخ للنسفي.

٧ - باب رُؤْيَا إِبْرَاهِيمَ

قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ قَالَ: يَا بُنَىَّ إِنِّى أَرَى فِى الْمَنَامِ أَنِّى أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ: يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِى إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِى الْمُحْسِنِينَ﴾ [الصافات الآيات: ١٠٢ - ١٠٥] قَالَ مُجَاهِدٌ: أَسْلَمَا سَلَّمَا مَا أُمِرَا بِهِ وَتَلَّهُ وَضَعَ وَجْهَهُ بِالأَرْضِ.

(باب) بيان (رؤيا إبراهيم) الخليل وسقط لغير أبي ذر لفظ باب.

<<  <  ج: ص:  >  >>