توعك) ولأبي ذر لتوعك (وعكًا شديدًا فقال رسول الله ﷺ):
(أجل) أي نعم (إني أوعك) بضم الهمزة وفتح العين (كما يوعك رجلان منكم. فقلت ذلك) الوعك الشديد (أن لك أجرين فقال رسول الله ﷺ: أجل) يعني نعم زنة ومعنى (ثم قال رسول الله ﷺ: ما من مسلم يصيبه أذى مرض) ولأبي ذر من مرض (فما سواه) كالحزن والهم (إلا حطّ الله سيئاته كما تحط الشجرة ورقها) أي تلقيه. وفي حديث أبي هريرة عند الإمام أحمد وابن أبي شيبة لا يزال البلاء بالمؤمن حتى يلقى الله وليس عليه خطيئة.
وحديث الباب سبق قريبًا.
١٤ - باب مَا يُقَالُ لِلْمَرِيضِ، وَمَا يُجِيبُ
(باب ما يقال للمريض) عند العيادة (وما يجيب) المريض.
٥٦٦١ - حَدَّثَنَا قَبِيصَةُ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِىِّ عَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ﵁ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِىَّ ﷺ فِى مَرَضِهِ فَمَسِسْتُهُ وَهْوَ يُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا فَقُلْتُ إِنَّكَ لَتُوعَكُ وَعْكًا شَدِيدًا وَذَلِكَ أَنَّ لَكَ أَجْرَيْنِ قَالَ: «أَجَلْ وَمَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ أَذًى إِلاَّ حَاتَّتْ عَنْهُ خَطَايَاهُ كَمَا تَحَاتُّ وَرَقُ الشَّجَرِ».
وبه قال (حدّثنا قبيصة) بفتح القاف ابن عقبة قال (حدّثنا سفيان) الثوري (عن الأعمش) سليمان بن مهران الكوفي (عن إبراهيم) بن يزيد (التيمي) العابد (عن الحارث بن سويد) التيمي (عن عبد الله) بن مسعود (﵁) أنه (قال: أتيت النبي ﷺ في مرضه فمسسته وهو) أي والحال أنه (يوعك وعكًا شديدًا فقلت) يا رسول الله (إنك لتوعك وعكًا شديدًا وذلك وإن لك أجرين، قال) ﵊:
(أجل) بسكون اللام مخففة نعم (وما من) شخص (مسلم يصيبه أذى) بالذال المعجمة منوّنًا (إلاّ حاتت) بمثناتين وفي رواية بإدغام الأولى وفي الثانية والمعنى فتت (عنه خطاياه كما تحات) بتشديد الفوقية مفتوحة مع المدّ (ورق الشجر) والمراد إذهاب الخطايا وظاهره التعميم لكن الجمهور خصوا ذلك بالصغائر لحديث الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن ما اجتنبت الكبائر فحملوا المطلقات الواردة في التكفير على هذا المقيد.
٥٦٦٢ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ فَقَالَ «لَا بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ» فَقَالَ كَلاَّ بَلْ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ كَيْمَا تُزِيرَهُ الْقُبُورَ قَالَ النَّبِىُّ ﷺ: «فَنَعَمْ إِذًا».
وبه قال (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدّثني (إسحاق) بن شاهين الواسطي قال (حدّثنا خالد بن عبد الله) الطحان (عن خالد) الحذاء (عن عكرمة عن ابن عباس ﵄ أن رسول الله ﷺ دخل على رجل) من الأعراب (يعوده) قال في المقدمة: وقع في ربيع الأبرار أن اسم هذا الأعرابي قيس بن أبي حازم فإن صح فهو متفق مع التابعي الكبير المخضرم وإلاّ فهو وهم (فقال ﷺ) له:
(لا بأس) عليك (طهور) مطهر لك من ذنوبك (إن شاء الله) فيه استحباب مخاطبة العائد للعليل بما يسليه من ألمه ويذكره بالكفارة لذنوبه والتطهير لآثامه. وفي حديث ابن عباس عند الترمذي وابن ماجة رفعه إذا دخلتم على المريض فنفسوا له في الأجل فإن ذلك لا يردّ شيئًا وهو يطيب نفس المريض وفي سنده لين، والمعنى أطمعوه في الحياة إذ فيه تنفيس لما فيه من الكرب وطمأنينة القلب (فقال) الرجل (كلا) ليس بطهور (بل هي حمى تفور) تغلي ويظهر حرها (على شيخ كبير كيما) بفتح الكاف وسكون التحتية بعدها ميم فألف، ولأبي ذر عن الكشميهني حتى (تزيره القبور) أي تبعثه إلى المقبرة بالموت (فقال النبي ﷺ) له (فنعم إذا) بالتنوين أي إذا أبيت كان كما زعمت.
وهذا الحديث سبق قريبًا في باب عيادة الأعراب.
١٥ - باب عِيَادَةِ الْمَرِيضِ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَرِدْفًا عَلَى الْحِمَارِ
(باب عيادة المريض راكبًا وماشيًا وردفًا) بكسر الراء وسكون الدال أي مرتدفًا لغيره (على الحمار).
٥٦٦٣ - حَدَّثَنِى يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِىَّ ﷺ رَكِبَ عَلَى حِمَارٍ عَلَى إِكَافٍ عَلَى قَطِيفَةٍ فَدَكِيَّةٍ، وَأَرْدَفَ أُسَامَةَ وَرَاءَهُ يَعُودُ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ فَسَارَ حَتَّى مَرَّ بِمَجْلِسٍ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ ابْنُ سَلُولَ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ عَبْدُ اللَّهِ، وَفِى الْمَجْلِسِ أَخْلَاطٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَفِى الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ، فَلَمَّا غَشِيَتِ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ قَالَ: لَا تُغَيِّرُوا عَلَيْنَا، فَسَلَّمَ النَّبِىُّ ﷺ وَوَقَفَ وَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَىٍّ: يَا أَيُّهَا الْمَرْءُ إِنَّهُ لَا أَحْسَنَ مِمَّا تَقُولُ إِنْ كَانَ حَقًّا فَلَا تُؤْذِنَا بِهِ
فِى مَجْلِسِنَا وَارْجِعْ إِلَى رَحْلِكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْصُصْ عَلَيْهِ قَالَ ابْنُ رَوَاحَةَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَاغْشَنَا بِهِ فِى مَجَالِسِنَا فَإِنَّا نُحِبُّ ذَلِكَ فَاسْتَبَّ الْمُسْلِمُونَ وَالْمُشْرِكُونَ وَالْيَهُودُ حَتَّى كَادُوا يَتَثَاوَرُونَ، فَلَمْ يَزَلِ النَّبِىُّ ﷺ حَتَّى سَكَتُوا فَرَكِبَ النَّبِىُّ ﷺ دَابَّتَهُ حَتَّى دَخَلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ فَقَالَ لَهُ: «أَىْ سَعْدُ أَلَمْ تَسْمَعْ مَا قَالَ أَبُو حُبَابٍ» يُرِيدُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَىٍّ، قَالَ سَعْدٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اعْفُ عَنْهُ وَاصْفَحْ فَلَقَدْ أَعْطَاكَ اللَّهُ مَا أَعْطَاكَ وَلَقَدِ اجْتَمَعَ أَهْلُ هَذِهِ الْبَحْرَةِ أَنْ يُتَوِّجُوهُ فَيُعَصِّبُوهُ فَلَمَّا رَدَّ ذَلِكَ بِالْحَقِّ الَّذِى أَعْطَاكَ شَرِقَ بِذَلِكَ، فَذَلِكَ الَّذِى فَعَلَ بِهِ مَا رَأَيْتَ.
وبه قال (حدّثني) بالإفراد (يحيى بن بكير) بضم الموحدة مصغرًا قال: (حدّثنا الليث) بن سعد الإمام (عن عقيل) بضم العين ابن خالد الأيلي (عن ابن شهاب) محمد بن مسلم الزهري (عن عروة) بن الزبير بن العوّام (أن أسامة بن زيد) ﵄ (أخبره أن النبي ﷺ ركب على حمار على إكاف) بكسر الهمزة وتخفيف الكاف كالبرذعة ونحوها لذوات الحوافر (على قطيفة) بالقاف المفتوحة والطاء المكسورة وبعد التحتية الساكنة فاء كساء (فدكية) بفتح الفاء والدال المهملة وبالكاف المكسورة نسبة إلى فدك القرية المشهورة لأنها صنعت فيها، والحاصل أن الإكاف على الحمار والقطيفة فوق الإكاف والنبي ﷺ فوق القطيفة (وأردف