للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

من الخبر وفيه حذف مضاف من المبتدأ وحذف مضاف مما بعد إلا.

(والبر بالبر) بضم الموحدة القمح وهو الحنطة أي بيع أحدهما بالآخر (ربًا إلا) مقولاً عنده من المتعاقدين (هاء وهاء) أي خذ (والتمر بالتمر) أي بيع أحدهما بالآخر (ربًا إلا) مقولاً عنده من المتبايعين (هاء وهاء والشعير بالشعير) بفتح الشين المعجمة على المشهور وقد تكسر قال ابن مكي الصقلي كل فعيل وسطه حرف حلق مكسور يجوز كسر ما قبله في لغة تميم. قال: وزعم الليث أن قومًا من العرب يقولون ذلك وإن لم تكن عينه حرف حلق نحو كبير وجليل وكريم أي بيع الشعير بالشعير (ربًا إلا) مقولاً عنده من المتعاقدين (هاء وهاء) أي يقول كل واحد منهما للآخر خذ ويؤخذ منه أن البر والشعير صنفان وبه قال الشافعي وأبو حنيفة وفقهاء المحدثين وغيرهم. وقال مالك والليث ومعظم علماء المدينة والشام وغيرهم من المتقدمين: أنهما صنف واحد واتفقوا على أن الذرة صنف والأرز صنف إلا الليث بن سعد وابن وهب المالكي فقالا: إن هذه الثلاثة صنف واحد، وبقية مباحث الحديث تأتي إن شاء الله تعالى بعد تسعة عشر بابًا حيث ذكره المؤلّف ولم يذكر في شيء من هذه الأحاديث الحكرة المترجم بها.

قال ابن حجر: وكأن المصنف استنبط من الأمر بنقل الطعام إلى الرحال ومنع بيع الطعام قبل استيفائه فلو كان الاحتكار حرًّا ما لم يأمر بما يؤول إليه وكأنه لم يثبت عنده حديث معمر بن عبد الله مرفوعًا: "لا يحتكر إلا خاطئ" أخرجه مسلم، لكن مجرد إيواء الطعام إلى الرحال لا يلزم الاحتكار لأن الاحتكار الشرعي إمساك الطعام عن البيع وانتظار الغلاء مع الاستغناء عنه وحاجة الناس إليه.

ويحتمل أن يكون البخاري أراد بالترجمة بيان تعريف الحكرة التي نهي عنها في غير هذا الحديث المراد بها قدر زائد على ما يفسره أهل اللغة وسياق الأحاديث التي فيها تمكين الناس من شراء الطعام ونقله، ولو كان الاحتكار ممنوعًا لمنعوا من نقله، وقد ورد في دم الاحتكار أحاديث كحديث عمر مرفوعًا: "من احتكر على المسلمين طعامهم ضربه الله بالجذام والإفلاس" أخرجه ابن ماجة بإسناد حسن وعنده والحاكم بإسناد ضعيف عنه مرفوعًا: "الجالب مرزوق والمحتكر ملعون".

٥٥ - باب بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَبَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ

(باب) حكم (بيع الطعام قبل أن يقبض) أي قبل قبضه فأن مصدرية (و) حكم (بيع ما ليس عندك).

٢١٣٥ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: الَّذِي حَفِظْنَاهُ مِنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ سَمِعَ طَاوُسًا يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- يَقُولُ: "أَمَّا الَّذِي نَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَهْوَ الطَّعَامُ أَنْ يُبَاعَ حَتَّى يُقْبَضَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَلَا أَحْسِبُ كُلَّ شَىْءٍ إِلَاّ مِثْلَهُ".

وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: الذي) ولابن عساكر قال: أما الذي (حفظناه من عمرو بن دينار) أنه (سمع طاوسًا) اليماني ويشير إلى أن في غير رواية عمرو بن دينار عن طاوس زيادة على ما حدّثهم به عمرو عنه كسؤال طاوس من ابن عباس عن سبب النهي وجوابه وغير ذلك. وقال البرماوي كالكرماني: لما كان سفيان منسوبًا إلى التدليس أراد رفعه بالتصريح بالسماع والحفظ من طاوس حال كونه (يقول: سمعت ابن عباس -رضي الله عنهما-) حال كونه (يقول: أما الذي نهى عنه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فهو الطعام أن يباع) من بائعه أو غيره (حتى يقبض) موضع أن يباع رفع بدلاً من الطعام وإنما أبدلت النكرة من المعرفة بلا نعت لأن المضارع مع أن متوغل في التعريف قاله البرماوي كالكرماني (قال ابن عباس ولا أحسب كل شيء إلا مثله) أي مثل الطعام، وفي رواية مسلم من طريق معمر عن ابن طاوس عن أبيه وأحسب كل شيء بمنزلة الطعام وهذا من تفقه ابن عباس -رضي الله عنهما-، وقد قال -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لحكيم بن حزام: "لا تبيعن شيئًا حتى تقبضه" رواه البيهقي وقال إسناده حسن متصل وهو مذهب الشافعية سواء كان طعامًا أو عقارًا أو منقولاً. وقال أبو حنيفة: لا يصح إلا في العقار، وقال مالك: لا يصح في الطعام، وقال أحمد: لا يصح في المكيل والموزون.

قال المازري: وتمسك الشافعي بنهيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن ربح ما لم يضمن فعم، وتمسك أبو حنيفة بقوله حتى يستوفيه فاستثنى ما لا ينقل لتعذّر الاستيفاء فيه، وتمسك من منع في كل المكيلات والموزونات بقوله حتى يكتاله فجعل العلة الكيل وأجرى سائر المكيلات والموزونات مجرى واحدًا وتمسك مالك

<<  <  ج: ص:  >  >>