عن المماطلة (قالوا لا) دين عليه (قال فهل ترك شيئًا؟ قالوا لا) لم يترك شيئًا (فصلّى عليه) زاده الله شرفًا لديه (ثم أُتي بجنازة أخرى فقالوا يا رسول الله صلّ عليها قال) عليه الصلاة والسلام: (هل عليه دين؟ قيل: نعم) عليه دين قال: (فهل ترك شيئًا) لدينه؟ (قالوا) ترك (ثلاثة دنانير) وللحاكم من حديث جابر ديناران وعند الطبراني من حديث أسماء بنت يزيد كانا دينارين وشطرًا وجمع الحافظ ابن حجر بين هذا بأن من قال ثلاثة جبر الكسر. ومن قال دينارين ألغاه أو كان أصلهما ثلاثة فوفى قبل موته دينارًا وبقي عليه ديناران فمن قال ثلاثة فباعتبار الأصل ومن قال ديناران فباعتبار ما بقي (فصلّى عليها) ولعله عليه الصلاة والسلام على أن هذه الدنانير الثلاثة تفي بدينه بقرائن الحال أو بغيرها (ثم أُتي با) لجنازة ا (لثالثة فقالوا صلّ عليها) يا رسول الله (قال: هل ترك) الميت (شيئًا قالوا لا قال فهل عليه دين قالوا) نعم (عليه دنانير قال: صلوا على صاحبكم) (قال أبو قتادة) الحرث بن ربعي الأنصاري (صلِّ عليه يا رسول الله وعليّ دينه فصلّى عليه) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. وفي رواية ابن ماجة من حديث أبي قتادة نفسه فقال أبو قتادة أنا أتكفل به زاد الحاكم في حديث جابر فقال هما عليك، وفي مالك، والميت منهما بريء. قال: نعم فصلّى عليه فجعل رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذا لقي أبا قتادة يقول ما صنعت الديناران حتى كان آخر ذلك أن قال قد قضيتهما يا رسول الله. قال: الآن حين بردت عليه جلده، وقد ذكر في هذا الحديث ثلاثة أحوال وترك الرابع وهو من لا دين عليه وله مال وحكم هذا أنه كان يصلّي عليه ولعله إنما لم يذكر لكونه كان كثيرًا لا لكونه لم يقع ولم يسم أحد من الموتى الثلاثة.
ومطابقته للترجمة ظاهرة من قول أبي قتادة عليّ دينه وفي الرواية الأخرى أنا أتكفل به. وقوله عليه الصلاة والسلام هما عليك وفي مالك والميت منهما بريء، وإلى هذا ذهب الجمهور فصححوا هذه الكفالة من غير رجوع في مال الميت وعن مالك له أن يرجع إن قال ضمنت لأرجع، فإن لم يكن للميت مال وعلم الضامن بذلك فلا رجوع له، وعن أبي حنيفة إن ترك الميت وفاء جاز الضمان بقدر ما ترك وإن لم يترك وفاء لم يصح وصلاته عليه الصلاة والسلام عليه وإن كان الدين باقيًا في
ذمة الميت، لكن صاحب الحق عاد إلى الرجاء بعد اليأس واطمأن بأن دينه صار في مأمن فخفّ سخطه وقرب من الرضاء.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الكفالة وهو سابع ثلاثياته، وأخرجه النسائي أيضًا في الجنائز.
بسم الله الرحمن الرحيم
[٣٩ - كتاب الكفالة]
(بسم الله الرحمن الرحيم).
١ - باب الْكَفَالَةِ فِي الْقَرْضِ وَالدُّيُونِ بِالأَبْدَانِ وَغَيْرِهَا
(باب الكفالة في القرض والدّيون) من عطف العام على الخاص والكفالة في العرف كما قاله الماوردي تكون في النفوس والضمان في الأموال والحمالة في الدّيات والزعامة في الأموال العظام. قال ابن حبان في صحيحه: والزعيم لغة أهل المدينة والحميل لغة أهل مصر والكفيل لغة أهل العراق وهي التزام حق ثابت في ذمة الغير أو إحضار من هو عليه أو عين مضمونة (بالأبدان وغيرها) أي الكفالة بالأموال والجار والمجرور يتعلق بالكفالة وسقطت البسملة لأبي ذر.
٢٢٩٠ - وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ "أَنَّ عُمَرَ -رضي الله عنه- بَعَثَهُ مُصَدِّقًا، فَوَقَعَ رَجُلٌ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ، فَأَخَذَ حَمْزَةُ مِنَ الرَّجُلِ كَفِيلاً حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ، وَكَانَ عُمَرُ قَدْ جَلَدَهُ مِائَةَ جَلْدَةٍ، فَصَدَّقَهُمْ، وَعَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ".
وَقَالَ جَرِيرٌ وَالأَشْعَثُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُرْتَدِّينَ: اسْتَتِبْهُمْ وَكَفِّلْهُمْ، فَتَابُوا وَكَفَلَهُمْ عَشَائِرُهُمْ.
وَقَالَ حَمَّادٌ إِذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ فَمَاتَ فَلَا شَىْءَ عَلَيْهِ. وَقَالَ الْحَكَمُ يَضْمَنُ.
(وقال أبو الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن محمد بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي (ابن عمرو) بفتح العين (الأسلمي عن أبيه) حمزة (أن عمر -رضي الله عنه- بعثه مصدقًا) بتشديد الدال المكسورة أي آخذًا للصدقة عاملاً عليها (فوقع رجل على جارية امرأته) لم يسم أحد منهم وهذا مختصر من قصة أخرجها الطحاوي ولفظه كما رأيته في شرح معاني الآثار له أن عمر بن الخطاب بعثه مصدقًا على
سعد هذيم فأُتي حمزة بمال ليصدقه فإذا رجل يقول لامرأته أدّي صدقة مال مولاك وإذا المرأة تقول له بل أنت فأدّ صدقة مال ابنك فسأل حمزة عن أمرهما وقولهما فأخبر أن ذلك الرجل زوج تلك المرأة وأنه وقع على جارية لها فولدت ولدًا فأعتقته المرأة ثم ورث من أمه مالاً فقالوا: هذا المال لابنه من جاريته. قال حمزة للرجل: لأرجمنّك بأحجارك فقيل له إن أمره رفع