للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فكذلك الرسل تبتلى) أي تختبر (ثم تكون لهم العاقبة).

وهذه قطعة من حديث سبق في أوائل الكتاب.

١٢ - باب قَوْلِ اللَّهِ ﷿:

﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً﴾ [الأحزاب: ٢٣].

(باب قول الله تعالى) ولأبي ذر: ﷿: (﴿من المؤمنين رجال﴾) مبتدأ وخبره مقدّم (﴿صدقوا ما عاهدوا الله عليه﴾) أوّل ما خرجوا إلى أحد لا يولون الأدبار وقال مقاتل ليلة العقبة: من الثبات مع رسول الله والمقاتلة لإعلاء الدين من صدقني إذ قال لي الصدق فإن المعاهد إذا أوفى بعهده

فقد صدق فيه (﴿فمنهم من قضى نحبه﴾) أي نذره بأن قاتل حتى استشهد كأنس بن النضر وطلحة والنحب النذر استعير للموت لأنه كنذر لازم في رقبة كل حيوان (﴿ومنهم من ينتظر﴾) الشهادة كعثمان (﴿وما بدلوا﴾) العهد ولا غيروه (﴿تبديلاً﴾) [الأحزاب: ٢٣] بل استمروا على ما عاهدوا الله عليه وما نقضوه كفعل المنافقين الذين قالوا إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلاّ فرارًا وقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار.

٢٨٠٥ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْخُزَاعِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى عَنْ حُمَيْدٍ قَالَ: سَأَلْتُ أَنَسًا ح. حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ حَدَّثَنَا زِيَادٌ قَالَ: حَدَّثَنِي حُمَيْدٌ الطَّوِيلُ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: "غَابَ عَمِّي أَنَسُ بْنُ النَّضْرِ عَنْ قِتَالِ بَدْرٍ: فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، غِبْتُ عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ الْمُشْرِكِينَ، لَئِنِ اللَّهُ أَشْهَدَنِي قِتَالَ الْمُشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ اللَّهُ مَا أَصْنَعُ. فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَشَفَ الْمُسْلِمُونَ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعْتَذِرُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ، يَعْنِي أَصْحَابَهُ، وَأَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ هَؤُلَاءِ، يَعْنِي الْمُشْرِكِينَ. ثُمَّ تَقَدَّمَ فَاسْتَقْبَلَهُ سَعْدُ بْنُ مُعَاذٍ، فَقَالَ: يَا سَعْدُ بْنَ مُعَاذٍ، الْجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضْرِ، إِنِّي أَجِدُ رِيحَهَا مِنْ دُونِ أُحُدٍ. قَالَ سَعْدٌ: فَمَا اسْتَطَعْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا صَنَعَ. قَالَ أَنَسٌ: فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعًا وَثَمَانِينَ ضَرْبَةً بِالسَّيْفِ أَوْ طَعْنَةً بِرُمْحٍ أَوْ رَمْيَةً بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاهُ قَدْ قُتِلَ وَقَدْ مَثَّلَ بِهِ الْمُشْرِكُونَ، فَمَا عَرَفَهُ أَحَدٌ إِلاَّ أُخْتُهُ بِبَنَانِهِ. قَالَ أَنَسٌ: كُنَّا نَرَى -أَوْ نَظُنُّ- أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَشْبَاهِهِ: ﴿مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ﴾ إِلَى آخِرِ الآيَةِ".

[الحديث ٢٨٠٥ - طرفاه في: ٤٠٤٨، ٤٧٨٣].

وبه قال: (حدّثنا محمد بن سعيد) بكسر العين (الخزاعي) بضم الخاء المعجمة وتخفيف الزاي وبالعين المهملة البصري الملقب بمردويه قال: (حدّثنا عبد الأعلى) بن عبد الأعلى السامي بالسين المهملة (عن حميد) الطويل (قال: سألت أنسًا).

(حدّثنا) ولأبي ذر قال: وحدّثني بالإفراد، وفي نسخة ح لتحويل السند: وحدّثنا (عمرو بن زرارة) بفتح العين وسكون الميم وزرارة بضم الزاي وتخفيف الراءين بينهما ألف ابن واقد الهلالي قال: (حدّثنا زياد) بكسر الزاي وتخفيف التحتية ابن عبد الله العامري البكائي (قال: حدّثني) بالإفراد (حميد الطويل عن أنس ) أنه (قال: غاب عمي أنس بن النضر) بالنون والضاد المعجمة (عن قتال بدر فقال: يا رسول الله: غبت عن أوّل قتال قاتلت المشركين) لأن غزوة بدر هي أولى غزوة غرّاها رسول الله وكانت في السنة الثانية من الهجرة (لئن الله أشهدني) أي أحضرني (قتال المشركين ليرين الله) بنون التوكيد الثقيلة واللام جواب القسم المقدّر ولأبي ذر عن المستملي ليراني الله بألف بعد الراء وتحتية بعد النون المكسورة المخففة (ما أصنع فلما كان يوم أُحُد) برفع يوم على أنه فاعل بكان التامة وفي الفرع وأصله يوم بالنصب أيضًا على الظرفية أي يوم قتال أُحُد أو أطلق اليوم

وأراد الواقعة فهو إضمار أو مجاز قاله الكرماني (وانكشف المسلمون)، وفي رواية الإسماعيلي: وانهزم الناس وهو معنى انكشف (قال) أنس بن النضر: (اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني أصحابه) المسلمين من الفرار (وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين) من القتال فاعتذر عن الأولياء وتبرأ عن الأعداء مع أنه لم يرض الأمرين جميعًا (ثم تقدم) نحو المشركين (فاستقبله) أي استقبل أنس بن النضر (سعد بن معاذ) بضم الميم آخره ذال معجمة وزاد في مسند الطيالسي من طريق ثابت عن أنس منهزمًا (فقال: يا سعد بن معاذ) أريد (الجنة ورب النضر) أي والده (إني أجد ريحها) أي ريح الجنة حقيقة أو وجد ريحًا طيبة ذكره طيبها بطيب ريح الجنة (من دون أحد) أي عنده (قال سعد): هو ابن معاذ (فما استطعت يا رسول الله ما صنع) من إقدامه ولا صنيعه في المشركين من القتل مع أني شجاع كامل القوّة، ولا ما وقع له من الصبر بحيث وجد في جسده ما يزيد على الثمانين من ضربة وطعنة ورمية، كما (قال أنس) هو ابن مالك (فوجدنا به) أي بابن النضر (بضعًا) بكسر الموحدة وقد تفتح (وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم) قال العيني: وكلمة أو في الموضعين للتنويع وفي رواية عبد الله بن بكر عن حميد عند الحرث بن أبي أسامة. قال أنس: فوجدناه بين القتلى (ووجدناه قد قتل وقد مثّل به المشركون) بفتح الميم وتشديد المثلثة من المثلة أي قطعوا أعضاءه من أنف وأُذن وغيرهما (فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه) بإصبعه أو بطرف إصبعه (قال أنس): هو ابن مالك (كنا نرى) بضم النون (أو نظن) شك من الراوي وهما بمعنى واحد (أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: ﴿من المؤمنين

<<  <  ج: ص:  >  >>