للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

زاد الثوري وقال إناء كإناء وطعام كطعام. واستشكل بأنه إنما يحكم في الشيء بمثله إذا كان متشابه الأجزاء كالدراهم وسائر المثليات والقصعة إنما هي من المتقوّمات، والجواب ما حكاه البيهقي بأن القصعتين كانتا للنبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بيت زوجتيه فعاقب الكاسرة بجعل القصعة المكسورة في بيتها وجعل الصحيحة في بيت صاحبتها ولم يكن ذلك على سبيل الحكم على الخصم.

(وقال ابن أبي مريم) هو شيخ المؤلّف سعيد (أخبرنا يحيى بن أيوب) قال: (حدّثنا حميد) الطويل قال: (حدّثنا أنس عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) وغرض المؤلّف بسياق هذا بيان التصريح بتحديث أنس لحميد قاله في الفتح.

٣٥ - باب إِذَا هَدَمَ حَائِطًا فَلْيَبْنِ مِثْلَهُ

هذا (باب) بالتنوين (إذا هدم) شخص (حائطًا) لشخص آخر (فليبن مثله) خلافًا لمن قال من المالكية وغيرهم تلزمه القيمة.

٢٤٨٢ - حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «كَانَ رَجُلٌ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ يُقَالُ لَهُ جُرَيْجٌ يُصَلِّي، فَجَاءَتْهُ أُمُّهُ فَدَعَتْهُ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهَا فَقَالَ: أُجِيبُهَا أَوْ أُصَلِّي؟ ثُمَّ أَتَتْهُ فَقَالَتِ: اللَّهُمَّ لَا تُمِتْهُ حَتَّى تُرِيَهُ الْمُومِسَاتِ. وَكَانَ جُرَيْجٌ فِي صَوْمَعَتِهِ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ. لأَفْتِنَنَّ جُرَيْجًا. فَتَعَرَّضَتْ لَهُ فَكَلَّمَتْهُ، فَأَبَى. فَأَتَتْ رَاعِيًا فَأَمْكَنَتْهُ مِنْ نَفْسِهَا، فَوَلَدَتْ غُلَامًا فَقَالَتْ: هُوَ مِنْ جُرَيْجٍ. فَأَتَوْهُ وَكَسَرُوا صَوْمَعَتَهُ، فَأَنْزَلُوهُ وَسَبُّوهُ، فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، ثُمَّ أَتَى الْغُلَامَ فَقَالَ: مَنْ أَبُوكَ يَا غُلَامُ؟ قَالَ: الرَّاعِي. قَالُوا: نَبْنِي صَوْمَعَتَكَ مِنْ ذَهَبٍ؟ قَالَ لَا، إِلَاّ مِنْ طِينٍ».

وبه قال: (حدّثنا مسلم بن إبراهيم) الفراهيدي الأزدي البصري قال: (حدّثنا جرير) هو (ابن حازم) بالحاء المهملة والزاي ابن زيد بن عبد الله الأزدي البصري (عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كان رجل في بني إسرائيل يقال له جريج) بضم الجيم الأولى وفتح الراء وسكون التحتية وفي رواية كريمة جريج الراهب (يصلّي) أي في صومعته وفي أول حديث أبي سلمة عند (١) كان رجل في بني إسرائيل تاجرًا وكان ينقص مرة ويزيد أخرى فقال ما في هذه التجارة خير لألتمسن تجارة هي خير من هذه فبنى صومعة وترهب فيها، وهذا يدل على أنه كان بعد عيسى عليه الصلاة والسلام وأنه كان من أتباعه لأنهم الذين ابتدعوا الترهب وحبس النفس في الصوامع وهو يرد قول ابن بطال إنه يمكن أن يكون نبيًّا (فجاءته أمه) لم تسم (فدعته) وفي رواية أبي رافع عند أحمد فأتته أمه ذات يوم فنادته فقالت ابني جريج أشرف حتى أكلمك أنا أمك (فأبى أن

يجيبها فقال) في نفسه مناجيًا لله تعالى سرًّا من غير نطق أو نطق وكان الكلام مباحًا في شريعتهم كما كان عندنا في صدر الإسلام (أجيبها أو أصلي ثم أتته) أي بعدما رجعت وفي رواية أبي رافع فصادفته يصلّي فقالت يا جريج فقال: يا رب أمي وصلاتي فاختار صلاته فرجعت فأتته وصادفته يصلّي فقالت: يا جريج أنا أمك فكلمني فقال مثله. وفي حديث عمران بن حصين عند الطبراني في الأوسط أنها جاءته ثلاث مرات تناديه في كل مرة ثلاث مرات، وقوله: أمي وصلاتي أي اجتمع عليّ

إجابة أمي وإتمام صلاتي فوفقني لأفضلهما (فقال: اللهم لا تمته حتى تريه المومسات) جمع مومسة بضم الميم وسكون الواو وكسر الميم بعدها مهملة الزانية. وفي رواية الأعرج في باب: إذا دعت الأم ولدها في الصلاة من أواخر كتاب الصلاة حتى ينظر في وجوه المياميس، وفي رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي: حتى تريه وجوه المومسات (وكان جريج في صومعته) بفتح الصاد المهملة وسكون الواو وهي البناء المرتفع المحدّد أعلاه وزنها فوعلة من صمعت إذا دققت لأنها دقيقة الرأس (فقالت امرأة) بغي منهم (لأفتنن جريجًا) ولم تسم. نعم في حديث عمران بن حصين أنها كانت بنت ملك القرية لكن يعكر عليه ما في رواية الأعرج وكانت تأوي إلى صومعته راعية ترعى الغنم. وأجيب: باحتمال أنها خرجت من دارها بغير علم أهلها متنكرة للفساد إلى أن ادّعت أنها تستطيع أن تفتن جريجًا فاحتالت بأن خرجت في صورة راعية ليمكنها أن تأوي إلى ظل صومعته لتتوصل بذلك إلى فتنته.

(فتعرضت له فكلمته) أن يواقعها (فأبى فأتت راعيًا) قال القطب القسطلاني في المبهمات له اسمه صهيب، وكذا قال ابن حجر في المقدمة لكنه قال في فتح الباري في أحاديث الأنبياء: لم أقف على اسم الراعي وزاد أحمد في رواية وهب بن جرير بن حازم عن أبيه كان يؤوي غنمه إلى أصل صومعة جريج (فأمكنته من نفسها) فواقعها وحملت منه (فولدت غلامًا) بعد انقضاء مدة الحمل فسئلت ممن هذا الغلام (فقالت هو من جريج فأتوه


(١) بياض بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>