وتعقبه في المصابيح بأن ما قد تقع ويراد بها من يعقل نحو:{لما خلقت بيدي}[ص: ٧٥] وسبحان ما سخركنّ لنا. قال أبو حيان: هذا قول أبي عبيدة وابن درستويه وابن خروف ومكّي بن أبي طالب، ونسبه ابن خروف لسيبويه، ومن أدلتهم أيضًا: سبحان ما سبح الرعد بحمده، {ولا أنتم عابدون ما أعبد}[الكافرون: ٥]{والسماء وما بناها}[الشمس: ٥] الآيات.
(قال: يا رسول الله إنما هما ابنتاي يعني عائشة وأسماء) -رضي الله عنهما- (قال: أشعرت أنه قد أذن) بضم الهمزة وكسر المعجمة أي: أذن الله (لي في الخروج) إلى المدينة (قال) أبو بكر أريد (الصحبة) معك عند الخروج (يا رسول الله. قال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أنا أريد أو ألتمس (الصحبة) أيضًا أو نلتها ويجوز الرفع فيهما خبر مبتدأ محذوف يقدر في كل ما يليق به ففي الأول مرادي الصحبة أو مسألتي الصحبة وفي الثاني مبذولة أو حاصلة لك أو نحوه (قال) أبو بكر: (يا رسول الله إن عندي ناقتين أعددتهما للخروج) معك إلى المدينة قال في اللامع والمصابيح وغيرهما: ويروى عددتهما بغير همزة قال ابن التين: وصوابه بالهمزة لأنه رباعي، وتعقبه العيني بأن قوله رباعي إنما هو بالنسبة إلى عدد حروفه ولا يقال في مصطلح الصرفيين إلا ثلاثي مزيد فيه (فخذ) يا رسول الله (إحداهما. قال) عليه الصلاة والسلام. (قد أخذتها) أي إحدى الناقتين. قال ابن إسحاق في غير رواية ابن هشام: هي الجدعاء (بالثمن).
قال المهلب: لم يكن آخذًا باليد ولا بالحيازة بل بالابتياع بالثمن وإخراجها عن ملك أبي بكر، لأن قوله قد أخذتها يوجب أخذًا صحيحًا وقبضًا من الصديق بالثمن الذي هو عوض، وتعقبه في فتح الباري: بأن ما قاله ليس بواضح لأن القصة ما سيقت لبيان ذلك فلذلك اختصر فيها قدر الثمن وصفة العقد فيحمل كل ذلك على أن الراوي اختصره لأنه ليس من غرضه، وكذلك اختصر صفة القبض فلا يكون فيه حجة في عدم اشتراط القبض.
ووجه المطابقة بين الحديث والترجمة من حيث أن لها جزأين فدلالته على الأول ظاهرة لأنه لم يقبض الناقة بعد الأخذ بالثمن الذي هو كناية عن البيع وتركها عند أبي بكر، وأما الثاني وهو قوله أو مات قبل أن يقبض إما للإشعار بأنه لم يجد حديثًا على شرطه فيما يتعلق به وإما للإعلام بأن حكم الموت قبل القبض حكم الوضع عنده قياسًا عليه قاله الكرماني وغيره وأخذ ابن المنير منه جواز بيع الغائب، لأن قول أبي بكر: إن عندي ناقتين بالتنكير يدل على غيبتهما وعلى عدم سبق العهد بهما وهذا معارض بقوله في هذا الحديث في رواية ابن شهاب عن عروة. قال أبو بكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين.
وهذا الحديث من أفراده، وأخرجه أيضًا في أول الهجرة مطوّلاً.
هذا (باب) بالتنوين (لا يبيع) بإثبات الياء على أن لا نافية، وللكشميهني: لا يبع بالجزم على النهي (على بيع أخيه) بأن يقول لمن اشترى سلعة في زمن خيار المجلس أو خيار الشرط افسخ لأبيعك خيرًا منه بمثل ثمنه أو مثله بأنقص فإنه حرام وكذا الشراء على شرائه بأن يقول للبائع افسخ لأشتري منك بأزيد (ولا يسوم) الرجل بالرفع على النفي، وللكشميهني: ولا يسم بالجزم على النهي (على سوم أخيه) بأن يقول لمن اتفق مع غيره في بيع ولم يعقداه أنا أشتريه بأزيد أو أنا أبيعك خيرًا منه بأرخص منه فيحرم بعد استقرار الثمن بالتراضي صريحًا وقبل العقد فلو لم يصرح له المالك بالإجابة بأن عرض بها أو سكت أو كانت الزيادة قبل استقرار الثمن بأن المبيع إذ ذاك ينادى عليه لطلب الزيادة لم يحرم (حتى يأذن له) أخوه البائع (أو يترك) اتفاقه مع المشتري فلا تحريم لأن الحق لهما وقد أسقطاه هذا إن كان الآذن مالكًا فإن كان وليًّا أو وصيًّا أو وكيلاً أو نحوه فلا عبرة بإذنه إن كان فيه ضرر على المالك ذكره الأذرعي وذكر الأخ ليس للتقييد بل للرقة والعطف عليه وإلاّ فالكافر كالمسلم في ذلك.
وبه قال:(حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس (قال: حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن نافع عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ