وفي نسخة: يرحلون بفتح الياء والحاء والراء ساكنة. قال الجوهري: رحلت البعير أرحله بفتح أوله رحلاً، واستشهد البخاري في التفسير بقول الشاعر إذا ما قمت أرحلها بليل قال في الفتح: وعلى هذا فوهم من ضبطه هنا بتشديد الحاء المهملة وكسرها والمعنى يشدون (هودجها) بفتح الهاء والدال المهملة والجيم والواو ساكنة مركب من مراكب النساء، وهذا كأنه رأي عائشة وإلاّ فالجمهور على أنه لا فرق بين التبان والسراويل في منعه للمحرم، وقد سقط للذين يرحلون هودجها في رواية ابن عساكر.
١٥٣٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ يَدَّهِنُ بِالزَّيْتِ، فَذَكَرْتُهُ لإِبْرَاهِيمَ قَالَ: مَا تَصْنَعُ بِقَوْلِهِ:
وبالسند قال المؤلّف: (حدّثنا محمد بن يوسف) الفريابي قال: (حدّثنا سفيان) الثوري (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن سعيد بن جبير قال):
"كان ابن عمر ﵄ يدهن بالزيت"، عند الإحرام أي الذي هو غير مطيب كما أخرجه الترمذي من وجه آخر عنه مرفوعًا. قال منصور: (فذكرته) أي امتناع ابن عمر من الطيب الإحرام (لإبراهيم) النخعي (فقال: ما تصنع بقوله): أي بقول ابن عمر حيث ثبت ما ينافيه من فعل رسول الله ﷺ.
١٥٣٨ - حَدَّثَنِي الأَسْوَدُ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ قَالَتْ "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى وَبِيصِ الطِّيبِ فِي مَفَارِقِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَهُوَ مُحْرِمٌ".
(حدثني) بالإفراد (الأسود) بن يزيد (عن عائشة ﵂ قالت):
(كأني أنظر إلى وبيص الطيب في مفارق رسول الله ﷺ وهو محرم) الواو للحال والمفارق جمع مفرق وهو وسط الرأس وجمعها تعميمًا لجوانب الرأس التي يفرق فيها، والوبيص: بفتح الواو وكسر الموحدة آخره صاد مهملة أي بريق أثره، لكن قال الإسماعيلي: الوبيص زيادة على البريق والمراد به التلألؤ قال: وهو يدل على وجود عين باقية لا الريح فقط، وأشارت بقولها: كأني أنظر إلى قوة تحققها لذلك بحيث أنها لكثرة استحضارها له كأنها ناظرة إليه.
وهذا الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي في الحج.
١٥٣٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ: "كُنْتُ أُطَيِّبُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لإِحْرَامِهِ حِينَ يُحْرِمُ، وَلِحِلِّهِ قَبْلَ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ".
[الحديث ١٥٣٩ - أطرافه في: ١٧٥٤، ٥٩٢٢، ٥٩٢٨، ٥٩٣٠].
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام (عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي المدني ﵃ (عن عائشة ﵂ زوج النبي ﷺ قالت:)
(كنت أطيب رسول الله ﷺ لإحرامه) أي لأجل إحرامه (حين يحرم) أي قبل أن يحرم كما هو لفظ رواية مسلم والترمذي لأنه لا يمكن أن يراد بالإحرام هنا فعل الإحرام فإن التطيب بالإحرام ممتنع بلا شك، وإنما المراد إرادة الإحرام، وقد دل على ذلك رواية النسائي حين أراد الإحرام وحقيقة قولها: كنت أطيب تطييب بدنه ولا يتناول ذلك تطييب ثيابه، وقد دل على اختصاصه ببدنه
الرواية الأخرى التي فيها كنت أجد وبيص الطيب في رأسه ولحيته، وقد اتفق أصحابنا الشافعية على أنه لا يستحب تطييب الثياب عند إرادة الإحرام، وشذا المتولي فحكى قولاً باستحبابه. نعم في جوازه خلاف والأصح الجواز، فلو نزعه ثم لبسه ففي وجوب الفدية وجهان. صحح البغوي وغيره الوجوب (ولحلِّه) أي تحلله من محظورات الإحرام بعد أن يرمي ويحلق (قبل أن يطوف بالبيت) طواف الإفاضة واستفيد من قولها كنت أطيب إن كان لا تقتضي التكرار لأن ذلك لم يقع منها إلا مرة واحدة في حجة الوداع، وعورض بأن المدعي تكراره هنا إنما هو التطيب لا الإحرام ولا مانع من أن يتكرر التطيب للإحرام مع كون الإحرام مرة واحدة ولا يخفى ما فيه، واستفيد أيضًا استحباب التطيب عند الإحرام وجواز استدامته بعد الإحرام وأنه لا يضر بقاء لونه ورائحته وإنما يحرم ابتداؤه في الإحرام وهو قول الجمهور، وعن مالك يحرم لكن لا فدية. وقال محمد بن الحسن: يكره أن
يتطيب قبل الإحرام بما تبقى عينه بعده واستحباب التطيب أيضًا بعد التحلل الأول قبل الطواف.
١٩ - باب مَنْ أَهَلَّ مُلَبِّدًا
(باب من أهل) حال كونه (ملبدًا) شعر رأسه بضم الميم وفتح اللام وتشديد الموحدة مفتوحة ومكسورة في الفرع وأصله.
١٥٤٠ - حَدَّثَنَا أَصْبَغُ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ ﵁ قَالَ "سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يُهِلُّ مُلَبِّدًا".
[الحديث ١٥٤٠ - أطرافه في: ١٥٤٩، ٥٩١٤، ٥٩١٥].
وبالسند قال: (حدّثنا أصبغ) بفتح الهمزة وسكون الصاد المهملة وفتح الموحدة آخره غين معجمة ابن الفرج قال: (أخبرنا ابن وهب) عبد الله (عن يونس) بن يزيد الأيلي (عن ابن شهاب) الزهري (عن سالم