للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صوت) امرأة (صائحة فقال):

(من هذه) المرأة الصائحة؟ (فقالوا: ابنة عمرو) فاطمة (-أو أخت عمرو-) شك من سفيان، فإن كانت بنت عمرو، وتكون أخت المقتول عمة جابر، وإن كانت أخت عمرو، تكون عمة المقتول، وهو عبد الله (قال) :

(فلم تبكي؟) بكسر اللام وفتح الميم استفهام عن غائبة (أو لا تبكي) شك من الراوي. هل استفهم أو نهى (فما زالت الملائكة تظله بأجنحتها) وللحموي والمستملي: تظل بأجنحتها (حتى رفع) فلا ينبغي أن يبكى عليه مع حصول هذه المنزلة، بل يفرح له بما صار إليه.

ومطابقة هذا الحديث للترجمة السابقة في قوله، ، لما سمع صوت المرأة الصائحة: من هذه؟ لأنه إنكار في نفس الأمر وإن لم يصرح به.

٣٦ - باب لَيْسَ مِنَّا مَنْ شَقَّ الْجُيُوبَ

هذا (باب) بالتنوين (ليس منا من شق الجيوب).

١٢٩٤ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا زُبَيْدٌ الْيَامِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ : «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ، وَشَقَّ الْجُيُوبَ، وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ».

[الحديث ١٢٩٤ - أطرافه في: ١٢٩٧، ١٢٩٨، ٣٥١٩].

وبالسند قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين، قال: (حدّثنا سفيان) النووي، قال: (حدّثنا زبيد) بزاي مضمومة وموحدة مفتوحة، ابن الحرث بن عبد الكريم، (اليامي) بمثناة تحتية وبميم مخففة، من بني يام، وللحموي والمستملي، وعزاها في الفتح، والعمدة للكشميهني: الأيامي، بزيادة همزة في أوله (عن إبراهيم) النخعي (عن مسروق) هو: ابن الأجدع (عن عبد الله) بن مسعود (، قال: قال النبي ):

(ليس منا) أي: من أهل سنتنا، ولا من المهتدين بهدينا، وليس المراد خروجه عن الدين، لأن المعاصي لا يكفر بها عند أهل السنة. نعم، يكفر باعتقاد حلها، وعن سفيان: أنه كره الخوض في تأويله، وقال: ينبغي أن يمسك عنه ليكون أوقع في النفوس وأبلغ في الزجر (من لطم الخدود) كبقية الوجوه، والخدود: جمع خدّ.

قال في العمدة: وإنما جمع وإن كان ليس للإنسان إلا خدّان. فقط باْعتبار إرادة الجمع، فيكون من مقابلة الجمع بالجمع، وإما على حد قوله تعالى: ﴿وَأَطْرَافَ النَّهَارِ﴾ [طه: ١٣٠] وقول العرب: شابت مفارقه، وليس إلا مفرق واحد.

(وشق الجيوب) بضم الجيم جمع جيب من جابه أي قطعه. قال تعالى: ﴿وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ﴾ [الفجر: ٩] وهو ما يفتح من الثوب ليدخل فيه الرأس للبسه، وفي رواية: من الكم، بل كاف كما في اليونينية (ودعا بدعوى) أهل (الجاهلية). وهي زمان الفترة قبل الإسلام، بأن قال في بكائه ما يقولون، مما لا يجوز شرعًا كـ: واجبلاه، واعضداه.

وخص الجيب بالذكر في الترجمة، دون أخويه، تنبيهًا على أن النفي الذي حاصله التبري يقع بكل واحد من الثلاثة، ولا يشترط فيه وقوعها معًا، ويؤيده رواية لمسلم بلفظ: أو شق الجيوب، أو دعا … الخ. ولأن شق الجيب أشدّها قبحًا مع ما فيه من خسارة المال في غير وجه.

ويستفاد من قوله، في حديث أبي موسى الآتي، إن شاء الله تعالى، بعد باب: أنا بريء ممن برئ منه رسول الله ، تفسير النهي هنا به. وأصل البراءة الانفصال من الشيء، فكأنه توعده بأنه لا يدخله في شفاعته، مثلاً. وهذا يدل على تحريم ما ذكر من شق الجيب وغيره، وكأن السبب في ذلك ما تضمنه من عدم الرضا بالقضاء، فإن وقع التصريح باستحلاله مع العلم بتحريم التسخط مثلاً بما وقع، فلا مانع من حمل النفي على الإخراج من الدين، قاله في الفتح.

ورواة هذا الحديث كوفيون، وفيه: رواية تابعي عن تابعي عن صحابي، والتحديث والعنعنة

والقول، وأخرجه أيضًا في: مناقب قريش، والجنائز ومسلم في: الإيمان، والترمذي في الجنائز، وكذا النسائي وابن ماجة.

٣٧ - باب رَثَى النَّبِيِّ سَعْدَ ابْنَ خَوْلَةَ

هذا (باب) بالتنوين (رثى النبي ) بفتح الراء مع القصر بلفظ الماضي، ورفع النبي على الفاعلية، ولأبي ذر، والأصيلي: باب رثاء النبي ، بإضافة باب لتاليه، وكسر راء رثاء، وتخفيف المثلثة، والمد وخفض تاليه بالإضافة (سعد بن خولة) بفتح الخاء المعجمة وسكون الواو، نصب على المفعولية.

والمراد هنا: توجعه وتحزنه على سعد، لكونه مات بمكة بعد الهجرة منها، لا مدح الميت وذكر محاسنه، الباعث على تهييج الحزن، وتجديد اللوعة، إذ الأول مباح، بخلاف الثاني فإنه منهي عنه. وقد أطلق الجوهري الرثاء على عد محاسن الميت مع البكاء، وعلى نظم الشعر فيه. والأوجه حمل النهي على ما فيه تهييج الحزن، كما مر، أو على ما يظهر فيه تبرم، أو على فعله مع الاجتماع

<<  <  ج: ص:  >  >>