قائمًا فقال: (قه) قال: لمه؟ قال: "أيسرك أن يشرب معك الهر" قال: لا. قال: "قد شرب معك من هو شر منه الشيطان" لكنهم حملوا النهي على الاستحباب والحث على ما هو أولى وأكمل وذلك لأن في الشرب قائمًا ضررًا ما فكره من أجله لأنه يحرك خلطًا يكون القيء دواءه، وقوله في الحديث فمن نسي لا مفهوم له بل يستحب ذلك للعامد أيضًا بطريق الأولى، وقد سلك الأئمة في هذه الأحاديث مسالك أحسنها حمل الأحاديث النهي على كراهة التنزيه وأحاديث الجواز على بيانه، وقيل النهي إنما هو من جهة الطب مخافة وقوع ضرر به فإن الشرب قاعدًا أمكن وأبعد من السرف وحصول وجع الكبد والحلق وقد لا يأمن منه من شرب قائمًا على ما لا يخفى.
١٧ - باب مَنْ شَرِبَ وَهْوَ وَاقِفٌ عَلَى بَعِيرِهِ
(باب) حكم (من شرب وهو) أي والحال أنه (واقف على بعيره) استشكل قوله واقف على
بعيره لأن الراكب على البعير قاعد لا قائم وأجيب بأن الراكب من حيث كونه سائرًا يشبه القائم ومن حيث كونه مستقرًّا على الدابة يشبه القاعد فمراده بيان حكم هذه الحالة، هل تدخل تحت النهي أم لا؟.
٥٦١٨ - حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ أَخْبَرَنَا أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُمِّ الْفَضْلِ بِنْتِ الْحَارِثِ أَنَّهَا أَرْسَلَتْ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِقَدَحِ لَبَنٍ وَهُوَ وَاقِفٌ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ، فَأَخَذَ بِيَدِهِ فَشَرِبَهُ. زَادَ مَالِكٌ عَنْ أَبِى النَّضْرِ عَلَى بَعِيرِهِ.
وبه قال: (حدّثنا مالك بن إسماعيل) أبو غسان النهدي قال: (حدّثنا عبد العزيز بن أبي سلمة) الماجشون واسم أبي سلمة دينار وهو جد عبد العزيز لأنه ابن عبد الله بن أبي سلمة قال: (أخبرنا أبو النضر) بالضاد المعجمة سالم بن أبي أمية مولى عمر بن عبد الله (عن عمير) بضم العين وفتح الميم مصغرًا (مولى ابن عباس عن أم الفضل) لبابة (بنت الحارث أنها أرسلت إلى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بقدح لبن وهو واقف عشية عرفة فأخذ) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (بيده) الكريمة القدح (فشربه) ولأبي ذر وابن عساكر فأخذه وشربه (زاد مالك) الإمام في روايته (عن أبي النضر) سالم (على بعيره) تابع عبد العزيز بن أبي سلمة على روايته هذا الحديث عن أبي النضر وقال: شرب وهو واقف على بعيره.
وهذا الحديث قد سبق في الحج والله أعلم.
١٨ - باب الأَيْمَنَ فَالأَيْمَنَ فِى الشُّرْبِ
(باب الأيمن فالأيمن في الشرب) ماء وغيره ونصب الأيمن بفعل مقدر وهو الذي على يمين الشارب.
٥٦١٩ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتِىَ بِلَبَنٍ قَدْ شِيبَ بِمَاءٍ، وَعَنْ يَمِينِهِ أَعْرَابِىٌّ وَعَنْ شِمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، فَشَرِبَ ثُمَّ أَعْطَى الأَعْرَابِىَّ وَقَالَ: الأَيْمَنَ الأَيْمَنَ.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن ابن شهاب) الزهري (عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتي) بضم الهمزة (بلبن قد شيب) بكسر الشين المعجمة وأصل شيب شوب قلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها أي مزج (بماء وعن يمينه أعرابي) لم أقف على اسمه (وعن شماله أبو بكر) الصديق -رضي الله عنه- (فشرب) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- منه (ثم أعطى الأعرابي) قبل أبي بكر (وقال):
قدّموا (الأيمن فالأيمن) وقد كان -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يحب التيامن في الأكل والشرب وجميع الأمور لما شرف الله به أهل اليمين وقيل إن الأعرابي كان من كبراء قومه فلذا جلس عن يمينه عليه الصلاة والسلام.
وهذا الحديث سبق مرارًا.
١٩ - باب هَلْ يَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ مَنْ عَنْ يَمِينِهِ فِى الشُّرْبِ لِيُعْطِىَ الأَكْبَرَ؟
هذا (باب) بالتنوين (هل يستأذن الرجل من) أي هل يطلب الإذن من الذي هو جالس (عن يمينه في الشرب ليعطي أكبر).
٥٦٢٠ - حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ قَالَ: حَدَّثَنِى مَالِكٌ عَنْ أَبِى حَازِمِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أُتِىَ بِشَرَابٍ فَشَرِبَ مِنْهُ، وَعَنْ يَمِينِهِ غُلَامٌ وَعَنْ يَسَارِهِ الأَشْيَاخُ فَقَالَ لِلْغُلَامِ: «أَتَأْذَنُ لِى أَنْ أُعْطِىَ هَؤُلَاءِ»؟ فَقَالَ الْغُلَامُ: وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أُوثِرُ بِنَصِيبِى مِنْكَ أَحَدًا قَالَ فَتَلَّهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِى يَدِهِ.
وبه قال: (حدّثنا إسماعيل) الأويسي قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) هو ابن أنس الإمام (عن أبي حازم بن دينار) سلمة (عن سهل بن سعد) الساعدي (-رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أتي بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام) هو ابن عباس (وعن يساره الأشياخ) خالد بن الوليد وغيره (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (للغلام):
(أتأذن لي أن أعطي هؤلاء) الذين على اليسار (فقال الغلام) له: (والله يا رسول الله لا أوثر بنصيبي منك أحدًا. قال) سهل: (فتله) بفتح الفوقية واللام المشددة أي وضعه (رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في يده) في يد ابن عباس وفيه بيان استحباب التيامن في كل ما كان من أنواع الإكرام وأن الأيمن في الشرب ونحوه يقدم وإن كان صغيرًا أو مفضولاً وأما تقديم الأفاضل والكبار فهو عند التساوي في باقي الأوصاف.
٢٠ - باب الْكَرْعِ فِى الْحَوْضِ
(باب الكرع في الحوض) بسكون الراء أي تناول الماء بالفم من الحوض بغير إناء ولا كف.
٥٦٢١ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - أَنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ، فَسَلَّمَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَصَاحِبُهُ، فَرَدَّ الرَّجُلُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بِأَبِى أَنْتَ وَأُمِّى، وَهْىَ سَاعَةٌ حَارَّةٌ، وَهْوَ يُحَوِّلُ فِى حَائِطٍ لَهُ يَعْنِى الْمَاءَ فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- «إِنْ كَانَ عِنْدَكَ مَاءٌ بَاتَ فِى شَنَّةٍ». وَإِلَاّ كَرَعْنَا وَالرَّجُلُ يُحَوِّلُ الْمَاءَ فِى حَائِطٍ فَقَالَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدِى مَاءٌ بَاتَ فِى شَنَّةٍ فَانْطَلَقَ إِلَى الْعَرِيشِ فَسَكَبَ فِى قَدَحٍ مَاءً ثُمَّ حَلَبَ عَلَيْهِ مِنْ دَاجِنٍ لَهُ فَشَرِبَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ أَعَادَ فَشَرِبَ الرَّجُلُ الَّذِى جَاءَ مَعَهُ.
وبه قال: (حدّثنا