[٧٤] سورة الْمُدَّثِّرِ
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ {عَسِيرٌ}: شَدِيدٌ. {قَسْوَرَةٍ}: رِكْزُ النَّاسِ وَأَصْوَاتُهُمْ. وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: الأَسَدُ وَكُلُّ شَدِيدٍ قَسْوَرَةٌ. {مُسْتَنْفِرَةٌ}: نَافِرَةٌ مَذْعُورَةٌ.
([٧٤] سورة الْمُدَّثِّرِ)
مكية وآيها ست وخمسون.
(بسم الله الرحمن الرحيم) سقط لفظ سورة والبسملة لغير أبي ذر.
(قال ابن عباس): فيما وصله ابن أبي حاتم ({عسير}) أي (شديد) عن زرارة بن أوفى قاضي البصرة أنه صلى بهم الصبح فقرأ هذه السورة فلما وصل إلى هذه الآية شهق شهقة ثم خرّ ميتًا.
({قسورة}) ولأبي ذر بالرفع أي (ركز الناس) بكسر الراء آخره زاي أي حسّهم (وأصواتهم) وصله سفيان بن عيينة في تفسيره عن ابن عباس (وقال أبو هريرة): فيما وصله عبد بن حميد (الأسد وكل شديد قسورة) وعند النسفي وقسور وزاد في اليونينية يقال ولأبي ذر عسير شديد قسورة ركز الناس وأصواتهم وكل شديد قسورة. قال أبو هريرة: القسورة قسور الأسد الركز الصوت.
({مستنفرة}) أي (نافرة مذعورة) بالذال المعجمة قاله أبو عبيدة.
[١ - باب]
٤٩٢٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَوَّلِ مَا نَزَلَ مِنَ الْقُرْآنِ قَالَ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [المدثر: ١] قُلْتُ:
يَقُولُونَ: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١] فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، عَنْ ذَلِكَ وَقُلْتُ لَهُ مِثْلَ الَّذِي قُلْتَ، فَقَالَ جَابِرٌ: لَا أُحَدِّثُكَ إِلَاّ مَا حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ، فَنُودِيتُ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ عَنْ شِمَالِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ أَمَامِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، وَنَظَرْتُ خَلْفِي فَلَمْ أَرَ شَيْئًا، فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَرَأَيْتُ شَيْئًا. فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ: دَثِّرُونِي وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، قَالَ: فَدَثَّرُونِي وَصَبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا، فَنَزَلَتْ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: ١ - ٣]».
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدّثني (يحيى) هو ابن موسى البلخي أو ابن جعفر قال: (حدّثنا وكيع) هو ابن الجراح (عن علي بن المبارك) الهنائي بضم الهاء وبالنون الخفيفة (عن يحيى بن أبي كثير) بالمثلثة أنه قال: (سألت أبا سلمة بن عبد الرحمن) بن عوف (عن أول ما نزل من القرآن؟ قال: {يا أيها المدّثر} قلت: يقولون: {اقرأ باسم ربك الذي خلق} فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما- عن ذلك وقلت له مثل الذي قلت، فقال جابر: لا أحدّثك إلا ما حدّثنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(جاورت) أي اعتكفت (بحراء) بالصرف (فلما قضيت جواري) بكسر الجيم أي اعتكافي (هبطت) من الجبل الذي فيه الغار (فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئًا ونظرت أمامي فلم أر شيئًا ونظرت خلفي فلم أر شيئًا فرفعت رأسي فرأيت شيئًا) وفي باب كيف كان بدء الوحي فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض فرعبت منه (فأتيت خديجة فقلت دثروني) أي غطوني (وصبوا علي ماءً باردًا قال: فدثروني وصبوا عليّ ماءً باردًا) قال: (فنزلت: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}) [المدثر: ١ - ٣] وليس في هذا الحديث أن أول ما نزل: {يا أيها المدثر} وإنما استخرج ذلك جابر باجتهاده وظنه لا يعارض الحديث الصحيح الصريح السابق أول هذا الجامع أنه {اقرأ}.
٢ - باب قَوْلُهُ: {قُمْ فَأَنْذِرْ}
(باب قوله: ({قم فأنذر}) أي خوّف أهل مكة النار إن لم يؤمنوا، وسقط هذا لأبي ذر.
٤٩٢٣ - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَغَيْرُهُ قَالَا: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «جَاوَرْتُ بِحِرَاءٍ» مِثْلَ حَدِيثِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ. {وَرَبُّكَ فَكَبِّرْ}.
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد ولأبي ذر: حدّثنا (محمد بن بشار) بالموحدة والشين المعجمة العبدي البصري بندار قال: (حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي) العنبري مولاهم (وغيره) هو أبو داود
الطيالسي كما في مستخرج أبي نعيم (قالا: حدّثنا حرب بن شداد) بالشين المعجمة وتشديد الدال المهملة وحرب بفتح الحاء المهملة وسكون الراء آخره موحدة (عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن (عن جابر بن عبد الله) وسقط ابن عبد الله لأبي ذر (-رضي الله عنهما- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(جاورت بحراء مثل حديث عثمان بن عمر) البصري (عن علي بن المبارك) ولم يخرج المؤلّف رواية عثمان المذكور التي أحال عليها وهي عند محمد بن بشار شيخ المؤلّف فيه أخرجه أبو عروبة في كتاب الأوائل قال: حدّثنا محمد بن بشار، حدّثنا عثمان بن عمر، أنبأنا على بن المبارك قاله في فتح الباري.
({وربك فكبّر}) وصفه بالكبرياء ولأبي ذر باب قوله وربك فكبر.
٤٩٢٤ - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ حَدَّثَنَا حَرْبٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى قَالَ سَأَلْتُ أَبَا سَلَمَةَ أَيُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ؟ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فَقُلْتُ أُنْبِئْتُ أَنَّهُ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} فَقَالَ أَبُو سَلَمَةَ: سَأَلْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَيُّ الْقُرْآنِ أُنْزِلَ أَوَّلُ؟ فَقَالَ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فَقُلْتُ: أُنْبِئْتُ أَنَّهُ {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق: ١] فَقَالَ: لَا أُخْبِرُكَ إِلَاّ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «جَاوَرْتُ فِي حِرَاءٍ، فَلَمَّا قَضَيْتُ جِوَارِي هَبَطْتُ فَاسْتَبْطَنْتُ الْوَادِيَ، فَنُودِيتُ فَنَظَرْتُ أَمَامِي وَخَلْفِي وَعَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا هُوَ جَالِسٌ عَلَى عَرْشٍ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ. فَأَتَيْتُ خَدِيجَةَ فَقُلْتُ دَثِّرُونِي وَصُبُّوا عَلَيَّ مَاءً بَارِدًا. وَأُنْزِلَ عَلَيَّ: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنْذِرْ * وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}» [المدثر: ١ - ٣].
وبه قال: (حدّثنا إسحاق بن منصور) أبو يعقوب المروزي قال: (حدّثنا عبد الصمد) بن عبد الوارث البصري قال: (حدّثنا حرب) هو ابن شداد قال: (حدّثنا يحيى) هو ابن أبي كثير (قال: سألت أبا سلمة) بن عبد الرحمن (أيّ القرآن أنزل أول؟ فقال: {يا أيها المدثر} فقلت أنبئت) بضم الهمزة مبنيًّا للمفعول أي أُخبرت أنه ({اقرأ باسم ربك الذي خلق} فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله) الأنصاري (أي القرآن أنزل أول؟ فقال: {يا أيها المدثر} فقلت: أنبئت أنه {اقرأ باسم ربك الذي خلق}) سقط قوله الذي خلق لغير أبي ذر (فقال) جابر: (لا أخبرك إلا بما قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. قال رسول الله