للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

العرب فآثرهم يومئذ في القسمة. قال ابن مسعود (فأتيت رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأخبرته) بما قاله (فتمعر) بالعين المهملة المشددة (وجهه) أي تغير لونه ولأبي ذر عن الكشميهني فتمغر بالغين المعجمة بدل المهملة أي صار بلون المغرة من شدة الغضب المجبول عليه البشر لكنه صلوات الله وسلامه عليه صبر وحلم اقتداءً بالأنبياء قبله امتثالاً لقوله تعالى فبهداهم اقتده (و) لذا (قال) ولأبي ذر فقال:

(رحم الله موسى) الكليم (لقد أُوذي بأكثر من هذا) الذي أوذيت به (فصبر) كقول قومه هو آدر ونحوه ومراد البخاري جواز النقل على وجه النصيحة لأنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لم ينكر على ابن مسعود نقل ما نقله بل غضب من قول المنقول عنه، ولم ينقل أنه عاقبه لأنه لم يطعن في النبوة، وأيضًا فلا يثبت حكم بشهادة واحد، ويفهم منه أن الكبراء من الخواص قد يعز عليهم ما يقال من الباطل لما في فطر البشر إلا أن أهل الفضل يتلقون ذلك بالصبر الجميل اقتداءً بالسلف ليتأسى بهم الخلف.

والحديث سبق في باب ما كان النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يعطي المؤلّفة من الجهاد.

٥٤ - باب مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّمَادُحِ

(باب حال يكره من التمادح) بين الناس بما فيه الإطراء ومجاوزة الحد.

٦٠٦٠ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَبَّاحٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، حَدَّثَنَا بُرَيْدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى، قَالَ: سَمِعَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَجُلاً يُثْنِى عَلَى رَجُلٍ وَيُطْرِيهِ فِى الْمِدْحَةِ فَقَالَ: «أَهْلَكْتُمْ -أَوْ قَطَعْتُمْ- ظَهْرَ الرَّجُلِ».

وبه قال: (حدّثنا) بالجمع ولأبي ذر حدثني (محمد بن صباح) بفتح الصاد المهملة وتشديد الموحدة وبعد الألف حاء مهملة البزار بزاي وبعد الألف راء وفي مسلم أبو جعفر محمد بن الصباح قال: (حدّثنا إسماعيل بن زكريا) الخلقاني بضم الخاء المعجمة وسكون اللام بعدها قاف

فألف فنون قال: (حدّثنا بريد بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الراء (ابن أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء (عن) جده (أبي بردة) عامر، ولأبي ذر عن ابن أبي موسى بدل قوله عن أبي بردة (عن) أبيه (أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- أنه (قال: سمع النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجلاً يثني على رجل ويطريه) بضم التحتية وسكون الطاء المهملة ويبالغ (في المدحة) بكسر الميم وزيادة الضمير (فقال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل) حين وصفتموه بما ليس فيه فربما حمله ذلك على العجب والكبر وتضييع العمل وترك الازدياد من الفضل والشك من الراوي والرجلان. قال في الفتح: لم أقف على اسمهما صريحًا، ولكن أخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد من حديث محجن بن الأدرع السلمي قال: أخذ رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بيدي فذكر حديثًا قال فيه: فدخل المسجد فإذا رجل يصلّي فقال لي: من هذا؟ فأثنيت عليه خيرًا فقال: اسكت لا تسمعه فتهلكه. قال: والذي أثنى عليه محجن يشبه أن يكون هو عبد الله ذا البجادين المزني فقد ذكرت في ترجمته في الصحابة ما يقرب من ذلك.

٦٠٦١ - حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَجُلاً ذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَثْنَى عَلَيْهِ رَجُلٌ خَيْرًا فَقَالَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «وَيْحَكَ قَطَعْتَ عُنُقَ صَاحِبِكَ» يَقُولُهُ مِرَارًا: «إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ مَادِحًا لَا مَحَالَةَ فَلْيَقُلْ: أَحْسِبُ كَذَا وَكَذَا إِنْ كَانَ يُرَى أَنَّهُ كَذَلِكَ وَحَسِيبُهُ اللَّهُ، وَلَا يُزَكِّى عَلَى اللَّهِ أَحَدًا» قَالَ وُهَيْبٌ: عَنْ خَالِدٍ وَيْلَكَ.

وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن خالد) هو ابن مهران الحذاء (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه) أبي بكرة نفيع (أن رجلاً ذكر) بضم المعجمة (عند النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأثنى عليه رجل خيرًا فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-):

(ويحك) كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها (قطعت عنق صاحبك) أي أهلكته استعارة منقطع العنق الذي هو القتل لاشتراكهما في الهلاك (يقوله) أي يقول -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هذا القول (مرارًا إن كان أحدكم مادحًا) أحدًا (لا محالة) بفتح الميم أي لا بدّ (فليقل أحسب كذا وكذا إن كان يرى) بضم أوّله أي يظن (أنه) أي الممدوح (كذلك وحسيبه الله) بفتح الحاء وكسر، السين المهملتين أي يحاسبه على عمله الذي يعلم حقيقته والجملة اعتراض. وقال شارح المشكاة: هي من تتمة القول والجملة الشرطية حال من فاعل فليقل، والمعنى فليقل أحسب أن فلانًا كذا إن كان يحسب ذلك منه والله يعلم سره لأنه هو الذي يجازيه إن خيرًا فخيرًا وإن شرًا فشرًّا ولا يقل أتيقن ولا أتحقق أنه محسن جازمًا به (ولا يزكي) أحد (على الله أحدًا) منع له الجزم، ولأبي ذر عن الحموي والمستملي: ولا يزكى بفتح الكاف مبنيًّا للمفعول على الله أحد بالرفع

<<  <  ج: ص:  >  >>