(فقال رجل من الأنصار) هو معتب (إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله) ولأبي ذر عن الكشميهني والمستملي به قال ابن مسعود (قلت: أما) بالتخفيف وهي ثابتة للحموي والمستملي (والله لآتين النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأتيته وهو في ملأ) من الناس (فساررته) يقول الرجل (فغضب حتى احمرّ وجهه) من شدة غضبه لله (ثم قال):
(رحمة الله على موسى) أي الكليم (أوذي) بضم الهمزة وكسر الذال المعجمة (بأكثر من هذا) الذي أوذيت (فصبر).
والغرض من الحديث قوله: فأتيته وهو في ملأ فساررته لأن فيه دلالة على أن أصل المنع يرتفع إذا بقي جماعة لا يتأذون بالسرار. نعم إذا أذن من بقي ارتفع المنع وظاهر الإطلاق أنه لا فرق في المنع بين السفر والحضر وهو قول الجمهور، وخص ذلك بعضهم بالسفر في الموضع الذي لا يأمن فيه الرجل على نفسه فأما في الحضر والعمارة فلا بأس، وقيل: إن هذا كان في أول الإسلام فلما فشا الإسلام وأمن الناس سقط هذا الحكم، والصحيح بقاء الحكم والتعميم والله أعلم.
٤٨ - باب طُولِ النَّجْوَى
{وَإِذْ هُمْ نَجْوَى} [المجادلة: ٧] مَصْدَرٌ مِنْ نَاجَيْتُ فَوَصَفَهُمْ بِهَا وَالْمَعْنَى يَتَنَاجَوْنَ.
(باب طول النجوى) قال في اللباب: النجوى يكون اسمًا ومصدرًا قال تعالى: ({وإذ هم نجوى}) أي متناجون. وقال: ({ما يكون من نجوى ثلاثة}) [المجادلة: ٧] وقال في المصدر (إنما النجوى من الشيطان) وسقط لفظ باب لأبي ذر (وإذ هم نجوى) ولأبي ذر وقوله: وإذ هم نجوى هو (مصدر من ناجيت فوصفهم بها والمعنى يتناجون) وقال الأزهري: أي هم ذو نجوى وهذا كله ثابت في رواية المستملي.
٦٢٩٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَنَسٍ - رضى الله عنه - قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَرَجُلٌ يُنَاجِى رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا زَالَ يُنَاجِيهِ حَتَّى نَامَ أَصْحَابُهُ ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى.
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر: حدثني بالإفراد (محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة المعروف ببندار قال: (حدّثنا محمد بن جعفر) المعروف بغندر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن عبد العزيز) بن صهيب (عن أنس -رضي الله عنه-) أنه (قال: أقيمت الصلاة) أي صلاة العشاء كما
في مسلم (ورجل يناجي رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) يتحدث معه ولم أعرف اسم الرجل (فما زال يناجيه حتى نام أصحابه) -رضي الله عنهم-، وعند إسحاق بن راهويه في مسنده حتى نعس بعض القوم (ثم قام -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (فصلّى).
والحديث سبق في باب الإمام تعرض له الحاجة بعد الإقامة بلفظ حتى نام القوم كذا في الفرع وسائر ما وقفت عليه من الأصول، وفي النسخة التي شرح عليها الحافظ ابن حجر في الباب المذكور في الصلاة حتى نام بعض القوم، وقال في هذا الباب: فيحمل حديث الإطلاق أي في حديث هذا الباب على ذلك أي المقيد في ذلك الباب والله الموفق للصواب.
٤٩ - باب لَا تُتْرَكُ النَّارُ فِى الْبَيْتِ عِنْدَ النَّوْمِ
هذا (باب) بالتنوين يذكر فيه (لا تترك النار) بضم الفوقية مبنيًّا للمفعول والنار رفع نائب عن الفاعل أي لا يترك أحد (في البيت عند النوم).
٦٢٩٣ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا تَتْرُكُوا النَّارَ فِى بُيُوتِكُمْ حِينَ تَنَامُونَ».
وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين قال: (حدّثنا ابن عيينة) سفيان (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن سالم عن أبيه) عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(لا تتركوا النار) على أي صفة كانت كالسراج وغيره (في بيوتكم حين تنامون) قيد به لحصول الغفلة به غالبًا. نعم إذا أمن الضرر كالقناديل المعلقة فلا بأس.
والحديث أخرجه مسلم في الأشربة وأبو داود في الأدب والترمذي في الأطعمة وابن ماجة في الأدب.
٦٢٩٤ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِى بُرْدَةَ، عَنْ أَبِى مُوسَى - رضى الله عنه - قَالَ: احْتَرَقَ بَيْتٌ بِالْمَدِينَةِ عَلَى أَهْلِهِ مِنَ اللَّيْلِ، فَحُدِّثَ بِشَأْنِهِمُ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ هَذِهِ النَّارَ إِنَّمَا هِىَ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَإِذَا نِمْتُمْ فَأَطْفِئُوهَا عَنْكُمْ»
وبه قال: (حدّثنا محمد بن العلاء) أبو كريب الهمداني الكوفي قال: (حدّثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة (عن بريد بن عبد الله) بضم الموحدة وفتح الراء (عن) جده (أبي بردة) عامر وقيل الحارث (عن) أبيه (أبي موسى) عبد الله بن قيس الأشعري (-رضي الله عنه-) أنه (قال: احترق بيت بالمدينة) الشريفة (على أهله) لم أقف على تسميتهم (من الليل فحدّث) بضم الحاء المهملة مبنيًّا للمفعول (بشأنهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(إن هذه النار إنما هي عدوّ لكم) أي لأنها كما قال ابن العربي تنافي أبداننا وأموالنا منافاة العدوّ وإن كانت لنا بها منفعة فأطلق عليها العداوة لوجود معناها (فإذا نمتم فأطفئوها عنكم).
٦٢٩٥ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ كَثِيرٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنهما - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «خَمِّرُوا الآنِيَةَ وَأَجِيفُوا الأَبْوَابَ، وَأَطْفِئُوا الْمَصَابِيحَ، فَإِنَّ الْفُوَيْسِقَةَ رُبَّمَا جَرَّتِ الْفَتِيلَةَ فَأَحْرَقَتْ أَهْلَ الْبَيْتِ».
وبه قال: (حدّثنا قتيبة) بن سعيد قال: (حدّثنا حماد) هو ابن زيد (عن كثير) زاد أبو ذر هو ابن شنظير بكسر