مذهب الشافعي، وقال غيره: يتابعه في الأفعال والنيّات مطلقًا (فإذا صلّى قائمًا فصلّوا قيامًا) وسقط: هذا، في رواية عطاء (فإذا) بالفاء، ولأبي الوقت والأصيلي وابن عساكر: وإذا (ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا قال: سمع الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد. وإذا صلّى قائمًا فصلوا قيامًا) وسقط من قوله: وإذا صلّى إلخ. ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر، (وإذا صلّى جالسًا) أي في جميع الصلاة، لا أن المراد منه جلوس التشهّد، وبين السجدتين إذ لو كان مرادًا لقال: وإذا جلس فاجلسوا ليناسب قوله فإذا سجد فاسجدوا (فصلوا جلوسًا أجمعون) بالرفع على أنه تأكيد لضمير الفاعل في قوله صلوا. ولأبوي ذر والوقت: أجمعين، بالنصب على الحال، أي جلوسًا مجتمعين.
قال البدر الدماميني أو تأكيد لجلوسًا وكلاهما لا يقول به البصريون لأن ألفاظ التوكيد معارف، أو على التأكيد لضمير مقدر منصوب، أي أعنيكم أجمعين.
(وقال أبو عبد الله) أي البخاري: (قال الحميدي) بضم الحاء، عبد الله بن الزبير المكي: (قوله): (إذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا) (هو في مرضه القديم، ثم صلّى بعد ذلك النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي في مرض موته، حال كونه (جالسًا، والناس خلفه قيامًا) بالنصب على الحال، ولأبي ذر: قيام (لم يأمرهم بالقعود، وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من فعل النبي) وللأصيلي: من فعل رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-)، أي فما كان قبله مرفوع الحكم.
وفي رواية ابن عساكر سقط لفظ: قال أبو عبد الله. وزاد في رواية: قال الحميدي.
هذا منسوخ لأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، صلّى في مرضه الذي مات فيه والناس خلفه قيام لم يأمرهم بالقعود.
٥٢ - باب مَتَى يَسْجُدُ مَنْ خَلْفَ الإِمَامِ؟
قَالَ أَنَسٌ: فَإِذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا.
هذا (باب متى يسجد من) أي الذي (خلف الإمام) إذا اعتدل أو جلس بين السجدتين؟
(قال أنس) رضي الله عنه، ولأبوي ذر والوقت، وقال أنس، وزاد أبو الوقت وذر وابن عساكر: عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: (فإذا) بالفاء، وللمستملي: وإذا (سجد فاسجدوا).
وهذا التعليق، قال الحافظ ابن حجر: هو طرف من حديثه الماضي في الباب الذي قبله، لكن في بعض طرقه دون بعض، وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب: إيجاب التكبير من رواية الليث، عن الزهري، بلفظه انتهى.
وقد اعترضه العيني فقال: ليست هذه اللفظة في الحديث الماضي، وإنما، هي في باب: إيجاب التكبير، وهذا عجيب منه كيف اعترضه بعد قوله، لكن في بعض طرقه دون بعض فليتأمل.
٦٩٠ - حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ وَهْوَ غَيْرُ كَذُوبٍ قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ".
وبالسند قال: (حدّثنا مسدد) أي ابن مسرهد (قال: حدّثنا يحيى بن سعيد) القطان (عن سفيان) الثوري (قال: حدّثني) بالإفراد (أبو إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي، بفتح العين فيهما وفتح السين وكسر الموحدة في الثالث، (قال: حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن يزيد) بفتح المثناة التحتية وكسر الزاي، الخطمي، بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء (قال: حدّثني) بالإفراد وللأصيلي: حدّثنا (البراء) وللأصيلي: البراء بن عازب رضي الله عنهما، (وهو) أي: عبد الله بن يزيد الخطمي (غير كذوب) في قوله: حدّثني البراء، فالضمير لا يعود عليه لأن الصحابة عدول لا يحتاجون إلى تعديل، وهذا قول يحيى بن معين، وهو مبني على قوله: إن عبد الله بن يزيد غير صحابي، أو الضمير عائد
على البراء، ومثل هذا لا يوجب تهمة في الراوي، إنما يوجب حقيقة الصدق له.
وقد قال أبو هريرة: سمعت الصادق المصدوق، -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وهذا قول الخطابي، واعترض بعضهم التنظير المذكور، فقال له: كأنه لم يلم بشيء من علم البيان للفرق الواضح بين قوّلنا: فلان صدوق، وفلان غير كذوب. لأن في الأول إثبات الصفة للموصوف، وفي الثاني نفي ضدّها عنه.
قال: والسر فيه أن نفي الضد كأنه وقع جوابًا لمن أثبته، بخلاف إثبات الصفة. انتهى.
وفرق في فتح الباري بينهما بأنه يقع في الإثبات بالمطابقة، وفي النفي بالالتزام، واستشكل صاحب المصابيح إيراد هذه الصيغة في مقام التزكية لعدم دلالة اللفظ على انتفاء الكذب مطلقًا. فإن
كذوبًا للمبالغة والكثرة، فلا يلزم من نفيها نفي أصل الكذب، والثاني هو المطلوب. لكن قد يقال: يحتمل بمعونة القرائن ومناسبة المقام أن المراد نفي مطلق الكذب لا نفي الكثير منه.
(قال) أي البراء (كان