للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هم الكافرون﴾ [المائدة: ٤٤] الشامل للعامد والمخطئ (فإنه) تعالى (أثنى على هذا) سليمان (بعلمه وعذر هذا) داود (باجتهاده) وفيه جواز الاجتهاد للأنبياء وإذ قلنا بجواز الاجتهاد لهم فهل يجوز عليهم الخطأ فيه واتفق الفريقان على أنه لو أخطأ في اجتهاده لم يقرّ على الخطأ.

(وقال مزاحم بن زفر): بضم الميم وفتح الزاي المخففة وبعد الألف حاء مهملة وزفر بضم الزاي وفتح الفاء الكوفي (قال لنا عمر بن عبد العزيز) بن مروان الأموي أمير المؤمنين المعدود من الخلفاء الراشدين (خمس) من الخصال (إذا أخطأ القاضي منهن خصلة) ولأبي ذر عن الحموي والمستملي خطة بخاء معجمة مضمومة وطاء مهملة مفتوحة مشددة (كانت) ولأبي ذر أيضًا عن الكشميهني خصلة كان (فيه وصمة). بفتح الواو وسكون الصاد المهملة بوزن تمرة أي عيب (أن يكون فهمًا) بكسر الهاء وللمستملي فقهًا والأولى أولى (حليمًا) يغضي على ما يؤذيه ولا يبادر بانتقامه (عفيفًا) يكف عن الحرام (صليبًا) بفتح المهملة وكسر اللام مخففة وبعد التحتية الساكنة موحدة بوزن عظيم من الصلابة أي قومًا شديدًا وقافًا عند الحق لا يميل إلى الهوى ويستخلص الحق من المبطل ولا يحابيه ولا ينافي هذا قوله حليمًا لأن ذاك في حق نفسه وهذا في حق غيره (عالمًا) بالحكم الشرعي ويدخل فيه قوله فقيهًا ففهمًا أولى من فقيهًا كما مرّ (سؤولاً) على وزن فعول أي كثير السؤال (عن العلم)، وهذا وصله سعيد بن منصور في سننه وابن سعد في طبقاته، وقوله سؤولاً من تتمة الخامس لأن كمال العلم لا يحصل إلا بالسؤال لأنه قد يظهر له ما هوى أقوى مما عنده.

١٧ - باب رِزْقِ الْحُكَّامِ وَالْعَامِلِينِ عَلَيْهَا

وَكَانَ شُرَيْحٌ الْقَاضِى يَأْخُذُ عَلَى الْقَضَاءِ أَجْرًا وَقَالَتْ عَائِشَةُ: يَأْكُلُ الْوَصِىُّ بِقَدْرِ عُمَالَتِهِ وَأَكَلَ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ.

(باب رزق الحكام) جمع حاكم من إضافة المصدر إلى المفعول (و) رزق (العاملين عليها) على الحكومات أو العاملين على الصدقات، وصوّب بقرينة ذكر الرزق والعاملين والرزق ما يرتبه الإمام من بيت المال لمن يقوم بمصالح المسلمين. وقال في المغرب: الفرق بين الرزق والعطاء أن الرزق ما يخرج للجندي من بيت المال في السنة مرة أو مرتين والعطاء ما يخرج له كل شهر.

(وكان شريح) بضم الشين المعجمة آخره حاء مهملة ابن الحارث بن قيس النخعي الكوفي (القاضي) بالكوفة عن عمر بن الخطاب وهو من المخضرمين، بل قيل إن له صحبة روى ابن السكن أنه قال: أتيت النبي فقلت: يا رسول الله إن لي أهل بيت ذوي عدد باليمن. قال: جيء بهم. قال: فجاء بهم والنبي قد قبض، وعنه أنه قال: وليت القضاء لعمر وعثمان وعليّ فمن بعدهم إلى أن استعفيت من الحجاج وكان له يوم استعفى مائة وعشرون سنة وعاش بعد ذلك

سنة. وقال ابن معين: كان في زمن النبي ولم يسمع منه (يأخذ على القضاء أجرًا) بفتح الهمزة وسكون الجيم.

وهذا وصله عبد الرزاق وسعيد بن منصور وإلى جواز أخذ القاضي الأجرة على الحكم ذهب الجمهور من أهل العلم من الصحابة وغيرهم لأنه يشغله الحكم عن القيام بمصالحه وكره طائفة كراهة تنزيه منهم مسروق ورخص فيه الشافعي وأكثر أهل العلم، وقال صاحب الهداية من الحنفية: وإذا كان القاضي فقيرًا فالأفضل بل الواجب أخذ كفايته، وإن كان غنيًّا فالأفضل الامتناع عن أخذ الرزق من بيت المال رفقًا ببيت المال، وقيل الأخذ هو الأصح صيانة للقضاء عن الهوان ونظرًا لمن يأتي بعده من المحتاجين ويأخذ بقدر الكفاية له ولعياله، وعن الإمام أحمد لا يعجبني وإن كان فبقدر عمله مثل وليّ اليتيم.

(وقالت عائشة) : (يأكل الوصي) من اليتيم (بقدر عمالته) بضم العين وتخفيف الميم أجرة عمله بالمعروف بقدر حاجته وصله ابن أبي شيبة عنها في قوله تعالى: ﴿ومن كان فقيرًا فليأكل بالمعروف﴾ [النساء: ٦] قالت: أنزل ذلك في مال اليتيم يقوم عليه بما يصلحه إن كان محتاجًا يأكل منه.

(وأكل أبو بكر) الصديق لما استخلف بعد أن قال كما أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة قد علم قومي أن حرفتي لم تكن تعجز عن مؤونة أهلي وقد شغلت بأمر المسلمين وأسنده البخاري في البيوع وبقيته فيأكل آل أبي بكر من هذا المال (و) كذا أكل

<<  <  ج: ص:  >  >>