للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

البكرة، وفي النسائي من حديث جابر رفعه: العجوة من الجنة وهي شفاء من السم ببركة دعوته لتمر المدينة لا لخاصية في التمر. قال الخطابي: ووصف عائشة ذلك بعده يرد قول من قال إن ذلك خاص بزمانه ، نعم من جربه وصح معه عرف استمراره وإلاّ فهو مخصوص بذلك الزمان، وأما التخصيص بالسبع فقال النووي: لا يعقل معناه كإعداد الصلوات ونصب الزكاة، وقال القرطبي: إن الشفاء بالعجوة من باب الخواص التي لا تدرك بقياس ظني قال: ومن أئمتنا من تكلف لذلك فقال: إن السموم إنما تقتل لإفراط برودتها فإذا دام على التصبح بالعجوة تحكمت فيه الحرارة وأعانتها الحرارة الغريزية فقاوم ذلك برودة السم ما لم يستحكم، لكن هذا يلزم منه رفع خصوصية عجوة المدينة بل خصوصية العجوة مطلقًا بل خصوصية التمر فإن الأدوية الحارة ما هو أولى من التمر وتخصيص السبع لا يعلمه إلا الله ومن أطلعه الله عليه، وقول ابن القيم: إنه إذا أديم أكل العجوة على الريق يخفف مادة الدود ويضعفه أو يقتله فيه إشارة إلى أن المراد نوع خاص من السم، لكن سياق الحديث يقتضي التعميم لأنه نكرة في سياق النفي ويبقى القول في السحر فالمصير إلى أن ذلك من سرّ دعائه لتمر المدينة ولكونه غرسه بيده الشريفة أولى.

٥٣ - باب لَا هَامَةَ

هذا (باب) بالتنوين (لا هامة) بتخفيف الميم على المشهور.

٥٧٧٠ - حَدَّثَنِى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ أَبِى سَلَمَةَ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ : «لَا عَدْوَى، وَلَا صَفَرَ، وَلَا هَامَةَ». فَقَالَ أَعْرَابِىٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا بَالُ الإِبِلِ تَكُونُ فِى الرَّمْلِ كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيُخَالِطُهَا الْبَعِيرُ الأَجْرَبُ فَيُجْرِبُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : «فَمَنْ أَعْدَى الأَوَّلَ».

وبه قال: (حدّثني) بالإفراد (عبد الله بن محمد) المسندي قال: (حدّثنا هشام بن يوسف) الصنعاني قال: (أخبرنا معمر) هو ابن راشد (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف (عن أبي هريرة ) أنه (قال: قال النبي ):

(لا عدوى) أي لا تجاوز العلة من صاحبها إلى غيره (ولا صفر) داء يأخذ في البطن يزعمون أنه يعدي وقيل غير ذلك مما سبق (ولا هامة) بتخفيف الميم لا تشاؤم بالبومة ولا حياة لهامة الموتى إذ كانوا يزعمون أن عظم الميتة يصير هامة ويحيا ويطير (فقال أعرابي): لم أعرف اسمه (يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء) بكسر المعجمة وبعدها موحدة فهمزة ممدودًا جمع ظبي أي في النشاط والقوّة والسلامة وصفاء بدنها وكأنها حال من الضمير المستتر في خبر كان (فيخالطها البعير الأجرب فيجربها) بضم أوله أي يكون سببًا لوقوع الجرب بها كانوا يعتقدون أن المريض إذا دخل على الأصحاء أمرضهم فنفى ذلك وأبطله فلما أورد الأعرابيّ الشبهة (فقال رسول الله ) له (فمن أعدى) البعير (الأول) أي ممن سرى إليه الجرب فإن قالوا من بعير آخر لزم التسلسل أو قالوا بسبب آخر فعليهم أن يبينوه وإن قالوا الفاعل في الأول هو الفاعل في الثاني ثبت المدعى وهو أن الذي فعل ذلك بالجميع هو الله فالجواب في غاية الرشاقة والبلاغة.

٥٧٧١ - وَعَنْ أَبِى سَلَمَةَ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ بَعْدُ يَقُولُ: قَالَ النَّبِىُّ : «لَا يُورِدَنَّ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ». وَأَنْكَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَدِيثَ الأَوَّلِ قُلْنَا أَلَمْ تُحَدِّثْ أَنَّهُ لَا عَدْوَى؟ فَرَطَنَ بِالْحَبَشِيَّةِ قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: فَمَا رَأَيْتُهُ نَسِىَ حَدِيثًا غَيْرَهُ.

[الحديث ٥٧٧١ - طرفه في: ٥٧٧٤].

(وعن أبي سلمة) بن عبد الرحمن بن عوف بالسند السابق أنه (سمع أبا هريرة) (بعد) أي بعد أن سمع منه لا عدوى الخ (يقول قال النبي) ولأبي ذر قال رسول الله ():

(لا يوردن) بكسر الراء ونون التأكيد الثقيلة (ممرض) بضم الميم الأولى وسكون الثانية وكسر الراء بعدها ضاد معجمة الذي له إبل مرضى (على مصح) بضم الميم وكسر الصاد المهملة بعدها حاء مهملة أيضًا من له إبل صحاح لا يوردن إبله المريضة على إبل غيره الصحيحة، وجمع ابن بطال بين هذا والسابق فقال: لا عدوى إعلام بأنها لا حقيقة لها وأما النهي فلئلا يتوهم المصح أن مرضها حدث من أجل ورود المريض عليها فيكون داخلاً بتوهمه ذلك في تصحيح ما أبطله النبى ، وقيل غير ذلك (وأنكر أبو هريرة حديث الأول) قال في الفتح: بالإضافة كمسجد الجامع، ولأبي ذر عن المستملي والكشميهني الحديث الأول، ولمسلم من رواية يونس عن الزهري عن أبي سلمة كان أبو هريرة يحدثهما كليهما عن رسول الله ؛ ثم صمت أبو هريرة بعد ذلك عن قوله لا عدوى (قلنا) ولأبي ذر: وقلنا (ألم تحدّث أنه لا عدوى) وفي رواية

<<  <  ج: ص:  >  >>