هو ابن الشحم بفتح الشين المعجمة ولسكون الحاء المهملة اليهودي من بني ظفر بفتح الظاء والفاء بطن من الأوس وكان حليفًا لهم (طعامًا) وكان ثلاثين صاعًا من شعير كما مرّ (ورهنه درعه) ذات الفضول.
وهذا الحديث قد سبق ذكره كثيرًا ومراد المؤلّف من سياقه هنا جواز معاملة غير المسلمين وإن كانوا يأكلون أموال الربا كما أخبر الله تعالى عنهم ولكن مبايعتهم وكل طعامهم مأذون لنا فيه بإباحة الله وقد ساقاهم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على خيبر كما مرّ.
٥ - باب إِذَا اخْتَلَفَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ وَنَحْوُهُ فَالْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِى، وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ
هذا (باب) بالتنوين (إذا اختلف الراهن والمرتهن) في أصل الرهن كأن قال: رهنتني كذا فأنكر أو في قدره كأنه قال: رهنتني الأرض باشجارها؟ فقال: بل وحدها أو تعيينه كذا العبد فقال: بل الثوب أو قدر المرهون به كبعشرة فقال بل بعشرين (ونحوه) كاختلاف المتبايعين (فالبينة على المدعي) وهو من إذا ترك ترك (واليمين على المدعى عليه) وهو من إذا ترك لا يترك بل يجبر.
٢٥١٤ - حَدَّثَنَا خَلَاّدُ بْنُ يَحْيَى حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ عُمَرَ عَنِ ابْنِ أَبِى مُلَيْكَةَ قَالَ: "كَتَبْتُ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَكَتَبَ إِلَىَّ: إنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ". [الحديث ٢٥١٤ - طرفاه في: ٢٦٦٨، ٤٥٥٢].
وبه قال: (حدّثنا خلاد بن يحيى) بن صفوان السلمي الكوفي قال: (حدّثنا نافع بن عمر) بن عبد الله الجمحي (عن ابن أي مليكة) بضم الميم وفتح اللام وبعد التحتية الساكنة كاف هو عبد الله بن
عبيد الله بن أبي ميكة واسمه زهير المكي الأحول وكان قاضيًا لابن الزبير أنه (قال: كتبت إلى ابن عباس) -رضي الله عنهما- أي أسأله في قضية امرأتين ادّعت إحداهما على الأخرى كما سيأتي في سير سورة آل عمران ففيه حذف المفعول (فكتب إليّ):
(إن النبى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) بكسر إن على الحكاية وبفتحها على تقدير الجار أي بأن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (قضى أن اليمين على المدعى عليه) قال العلماء: والحكمة في كون البينة على المدعي واليمين على المدعى عليه أن جانب المدعي ضعيف لأنه يقول خلاف الظاهر فكلف الحجة القوية وهي البيّنة وهي لا تجلب لنفسها نفعًا ولا تدفع عنها ضررًا فيقوى بها ضعف المدعي وجانب المدّعى عليه قويّ لأن الأصل فراغ ذمته فاكتفي فيه بحجة ضعيفة وهي اليمين لأن الحالف يجلب لنفسه النفع ويدفع الضرر فكان ذلك في غاية الحكمة. نعم قد يجعل اليمين في جانب المدعي في مواضع تستثنى لدليل كأيمان القسامة ودعوى القيمة في المتلفات ونحو ذلك كما هو مبسوط في محله من كتب الفقه، ويأتي إن شاء الله تعالى في محله من هذا الكتاب ومذهب الشافعية في مسألة الرهن تصديق الراهن بيمينه حيث لا بينة لأن الأصل عدم رهن ما ادّعاه المرتهن فإن قال الراهن: لم تكن الأشجار موجودة عند العقد بل أحدثتها فإن لم يتصور حدوثها بعده فهو كاذب وطولب بجواب الدعوى فإن أصرّ على إنكار وجودها عند العقد جعل ناكلاً وحلف المرتهن وإن لم يصر عليه واعترف بوجودها وأنكر رهنها قبلنا منه إنكاره لجواز صدقه في نفي الرهن، وإن كان قد بان كذبه في الدعوى الأولى وهي نفي الوجود أما إذا تصور حدوثها بعد العقد فإن لم يمكن وجودها عنده صدّق بلا يمين وإن أمكن وجودها وعدمه عنده فالقول قوله بيمينه لما مر، فإن حلف فهي كالأشجار الحادثة بعد الرهن في القلع وسائر الأحكام، وقد مرّ بيانها هذا إن كان رهن تبرع فإن اختلفا في رهن مشروط في بيع بأن اختلفا في اشتراطه فيه أو اتفقا عليه واختلفا في شيء مما سبق تحالفًا كسائر صور البيع إذا اختلف فيها. نعم إن اتفقا على اشتراطه فيه واختلفا في أصله فلا تحالف لأنهما لم يختلفا في كيفية البيع بل يصدّق الراهن وللمرتهن الفسخ إن لم يرهن.
وهذا الحديث أخرجه أيضًا في الشهادت وتفسير آل عمران ومسلم والترمذي وابن ماجة في الأحكام وأبو داود والنسائي في القضايا.
٢٥١٥، ٢٥١٦ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ: "قَالَ عَبْدُ اللَّهِ - رضى الله عنه: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً وَهْوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} فَقَرَأَ إِلَى {عَذَابٌ أَلِيمٌ} [آل عمران: ٧٧]. ثُمَّ إِنَّ الأَشْعَثَ بْنَ قَيْسٍ خَرَجَ إِلَيْنَا فَقَالَ: مَا يُحَدِّثُكُمْ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟ قَالَ: فَحَدَّثْنَاهُ قَالَ: فَقَالَ صَدَقَ، لَفِىَّ وَاللَّهِ أُنْزِلَتْ، كَانَتْ بَيْنِى وَبَيْنَ رَجُلٍ خُصُومَةٌ فِى بِئْرٍ، فَاخْتَصَمْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: شَاهِدُكَ أَوْ يَمِينُهُ. قُلْتُ: إِنَّهُ إِذًا يَحْلِفُ وَلَا
يُبَالِى. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَسْتَحِقُّ بِهَا مَالاً هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ لَقِىَ اللَّهَ وَهْوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَصْدِيقَ ذَلِكَ. ثُمَّ اقْتَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً} إِلَى {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
وبه قال: (حدّثنا قتيبة بن سعيد) أبو رجاء الثقفي قال: (حدّثنا جرير) هو ابن عبد الحميد (عن منصور) هو ابن المعتمر (عن أبي وائل) شقيق بن سلمة أنه (قال: قال عبد الله) يعني ابن مسعود (-رضي الله عنه- من حلف على يمين) أي على محلوف يمين فسماه يمينًا مجازًا للملابسة بينهما والمراد ما شأنه أن يكون محلوفًا عليه وإلا فهو قبل اليمين ليس محلوفًا عليه (يستحق بها) أي