مخلصًا فإن الرجاء هو الباعث على الطلب ولا يتحقق الفرع إلا بتحقيق الأصل.
والحديث أخرجه مسلم في الدعوات والنسائي في اليوم والليلة.
٦٣٣٩ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ أَبِى الزِّنَادِ، عَنِ الأَعْرَجِ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِى اللَّهُمَّ ارْحَمْنِى إِنْ شِئْتَ، لِيَعْزِمِ الْمَسْأَلَةَ فَإِنَّهُ لَا مُكْرِهَ لَهُ».
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن مسلمة) بن قعنب الحارثي القعنبي (عن مالك) الإمام (عن أبي الزناد) عبد الله بن ذكوان (عن الأعرج) عبد الرَّحمن بن هرمز (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت) لأن هذا التعليق صورته صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه، وقوله: إن شئت ثبت في رواية أبي ذر عن الحموي في الأولى، وأما في الثانية فثابت اتفاقًا وزاد في رواية همام عن أبي هريرة في كتاب التوحيد: اللهم ارزقني إن شئت (ليعزم المسألة) ولا يقل إن شئت كالمستثني فلو قال ذلك للتبرك لا للاستثناء فلا يكره (فإنه لا مكره له) تعالى، وهل النهي للتحريم أو للتنزيه خلاف. وحمله النووي على الثاني.
والحديث أخرجه أبو داود في الصلاة والترمذي في الدعوات.
٢٢ - باب يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ مَا لَمْ يَعْجَلْ
هذا (باب) بالتنوين (يستجاب للعبد) دعاؤه (ما لم يعجل).
٦٣٤٠ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِى عُبَيْدٍ مَوْلَى ابْنِ أَزْهَرَ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «يُسْتَجَابُ لأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ: دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِى».
وبه قال: (حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) الإمام الأعظم (عن ابن شهاب) الزهري (عن أبي عبيد) بضم العين وتنوين الدال (مولى ابن أزهر) بفتح الهمزة والهاء بينهما زاي ساكنة آخره راء عبد الرَّحمن (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(يستجاب لأحدكم ما لم يعجل) بفتح التحتية والجيم بينهما عين ساكنة وقال في الكواكب: يستجاب من الاستجابة بمعنى الإِجابة. إلى الشاعر:
فلم يستجبه عند ذاك مجيب
وقوله: لأحدكم أي يجاب دعاء كل واحد منكم إذ المفرد المضاف يفيد العموم على الأصح (يقول) بيان لقوله: ما لم يعجل، ولأبي ذر مما في الفتح فيقول بالفاء والنصب (دعوت فلم يستجب لي) بضم التحتية وفتح الجيم، وفي رواية أبي إدريس الخولاني عن أبي هريرة عند مسلم والترمذي: لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم وما لم يستعجل، قيل: وما الاستعجال؟ قال: يقول قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجاب لي فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء، وقوله فيستحسر بمهملات استفعال من حسر إذا أعيا وتعب وتكرار دعوت للاستمرار أي دعوت مرارًا كثيرة. قال المظهري: من كان له ملالة من الدعاء لا يقبل دعاؤه لأن الدعاء عبادة حصلت الإجابة أو لم تحصل فلا ينبغي للمؤمن أن يمل من العبادة وتأخير الإجابة إما لأنه لم يأت وقتها فإن لكل شيء وقتًا وإما لأنه لم يقدر في الأزل قبول دعائه في الدنيا ليعطى عوضه في الآخرة، وإما أن يؤخر القبول ليلح ويبالغ في ذلك فإن الله تعالى يحب الإلحاح في الدعاء مع ما في ذلك من الانقياد والاستسلام وإظهار الافتقار ومن يكثر قرع الباب يوشك أن يفتح له، ومن يكثر الدعاء يوشك أن يستجاب له.
وللدعاء آداب. منها تقديم الوضوء والصلاة والتوبة والإخلاص واستقبال القبلة وافتتاحه بالحمد والثناء والصلاة على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأن يختتم الدعاء بالطابع وهو آمين وأن لا يخص نفسه بالدعاء، بل يعم ليدرج دعاءه وطلبه في تضاعيف دعاء الموحدين ويخلط حاجته بحاجتهم لعلها أن تقبل ببركتهم وتجاب وأصل هذا كله ورأسه اتقاء الشبهات فضلاً عن الحرام، وفي حديث مالك بن يسار مرفوعًا: إذا سألتم الله فاسألوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم. رواه أبو داود ومن عادة من يطلب شيئًا من غيره أن يمدّ كفه إليه فالداعي يبسط كفه إلى الله متواضعًا متخشعًا وحكمة مسح الوجه بهما التفاؤل بإصابة ما طلب. وتبركًا بإيصاله إلى وجهه الذي هو أعلى الأعضاء وأولاها فمنه يسري إلى سائر الأعضاء.
والحديث أخرجه مسلم في الدعوات أيضًا، وأبو داود في الصلاة والترمذي وابن ماجة في الدعاء.
٢٣ - باب رَفْعِ الأَيْدِى فِى الدُّعَاءِ
وَقَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ، دَعَا النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ، وَرَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: رَفَعَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَدَيْهِ: «اللَّهُمَّ إِنِّى أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدٌ».
(باب) مشروعية (رفع الأيدي في الدعاء) وسقط لفظ باب لأبي ذر.
(وقال أبو موسى) عبد الله