لأنها كانت شاكية (وأرادت الخروج فقال لها رسول الله ﷺ):
(إذا أقيمت صلاة الصبح فطوفي على بعيرك والناس يصلون) (ففعلت ذلك فلم تصل) ركعتي الطواف (حتى خرجت) من المسجد الحرام أو مكة ثم صلّت، فدلّ على جواز صلاة الطواف خارج المسجد إذ لو كان شرطًا لازمًا لما أقرها النبي ﷺ، وعلى أن من نسي ركعتي الطواف قضاهما حيث ذكر من حل أو حرم وهو قول الجمهور خلافًا للثوري حيث قال: يركعهما حيث شاء ما لم يخرج من الحرم ولمالك حيث قال: إن لم يركعهما حتى تباعد ورجع إلى بلده فعليه دم، لكن قال ابن المنذر: ليس ذاك أكبر من صلاة المكتوبة ليس على من تركها غير قضائها حيث ذكرها.
في قوله: وحدثني محمد بن حرب الخ. بعطف ذلك على سابقه وسياقه على لفظ الرواية الثانية تجوّز فإن اللفظين مختلفان، وقد لفظ الرواية الأولى في باب طواف النساء مع الرجال ويأتي إن شاء الله تعالى قريبًا.
ورواة هذا الحديث ما بين مدني وشامي، وفيه رواية الابن عن أبيه وصحابية عن صحابية والتحديث بالجمع والإفراد والعنعنة.
٧٢ - باب مَنْ صَلَّى رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ خَلْفَ الْمَقَامِ
(باب من) أي الذي (صلّى ركعتي الطواف خلف المقام) وهو الحجر الذي فيه أثر قدمي الخليل إبراهيم ﵊ وقد صح في البخاري وغيره أن عمر قال: يا رسول الله ﷺ هذا مقام أبينا إبراهيم؟ قال: نعم الحديث.
١٦٢٧ - حَدَّثَنَا آدَمُ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ ﵄ يَقُولُ "قَدِمَ النَّبِيُّ ﷺ فَطَافَ بِالْبَيْتِ سَبْعًا وَصَلَّى خَلْفَ الْمَقَامِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ خَرَجَ إِلَى الصَّفَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ﴾ ".
وبه قال (حدّثنا آدم) بن أبي إياس (قال: حدثنا شعبة) بن الحجاج (قال: حدّثنا عمرو بن دينار) بسكون الميم (قال: سمعت ابنَ عمر) بن الخطاب (﵄) حال كونه (يقول) "قدم النبي ﷺ" مكة "فطاف بالبيت سبعًا وصلّى خلف المقام ركعتين" سنة الطواف. وفي حديث جابر الطويل في صفة حجة الوداع عند مسلم: طاف ثم تلا: ﴿واتخذوا من مقام إبراهيم مصلّى﴾ [البقرة: ١٢٥] فصلّى عند المقام ركعتين، ومفهومه أن الآية آمرة بهما والأمر للوجوب وهو قول عند الشافعية لكنه معارض بما في حديث الصحيحين هل عليّ غيرها؟ قال: لا. إلا أن تطوّع، وعلى القول بالوجوب يصح الطواف بدونهما ولا يجبر تركهما بدم خلافًا للمالكية فإنهما يجبران فيما قاله سند فإن تعذر فعلهما خلف المقام لزحمة أو غيرها صلاهما في الحجر فإن لم يفعل ففي المسجد فإن لم يفعل ففي أي موضع شاء من الحرم وغيره وقال المالكية حيث شاء من المسجد ما خلا الحجر"ثم خرج ﵊ إلى الصفا" للسعي. قال ابن عمر: (وقد قال تعالى) في كتابه (﴿لقد كان لكم في رسول الله أسوة﴾) قدوة (﴿حسنة﴾) وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في باب قول الله تعالى ﴿واتخذوا من مقام إبراهيم مصلّى﴾ [البقرة: ١٢٥] في أوائل كتاب الصلاة.
٧٣ - باب الطَّوَافِ بَعْدَ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ ﵄ يُصَلِّي رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ مَا لَمْ تَطْلُعِ الشَّمْسُ وَطَافَ عُمَرُ بَعْدَ الصُّبْحِ فَرَكِبَ حَتَّى صَلَّى الرَّكْعَتَيْنِ بِذِي طُوًى
(باب) حكم الصلاة عقب (الطواف بعد) صلاة (الصبح و) صلاة (العصر وكان ابن عمر) بن الخطاب (﵄) مما وصله سعيد بن منصور من طريق عطاء (يصلّي ركعتين الطواف ما لم تطلع الشمس) هذا جار على مذهبه في اختصاص الكراهة بحال طلوع الشمس وحال غروبها.
(وطاف عمر) بن الخطاب ﵄ مما وصله في الموطأ (بعد صلاة الصبح) ثبت قوله صلاة لأبي الوقت عن المستملي، فلما قضى طوافه نظر فلم ير الشمس (فركب حتى صلى الركعتين) سنة الطواف (بذي طوى) بضم الطاء المهملة.
١٦٢٨ - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُمَرَ الْبَصْرِيُّ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ ﵂ "أَنَّ نَاسًا طَافُوا بِالْبَيْتِ بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ، ثُمَّ قَعَدُوا إِلَى الْمُذَكِّرِ، حَتَّى إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ قَامُوا يُصَلُّونَ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ ﵂: قَعَدُوا، حَتَّى إِذَا كَانَتِ السَّاعَةُ الَّتِي تُكْرَهُ فِيهَا الصَّلَاةُ قَامُوا يُصَلُّونَ".
وبه قال: (حدّثنا الحسن بن عمر) بضم العين ابن شقيق (البصري، قال: حدّثنا يزيد بن زريع) بضم الراي مصغرًا (عن حبيب) هو المعلم كما جزم المزي (عن عطاء) هو ابن أبي رباح (عن عروة) بن الزبير (عن عائشة ﵂ أن ناسًا طافوا بالبيت بعد صلاة الصبح ثم قعدوا إلى المذكر) بتشديد الكاف أي الواعظ (حتى إذا طلعت الشمس) يعني كان قعودهم منتهيًا إلى طلوع الشمس (قاموا يصلون) سنة الطواف (فقالت عائشة ﵂: قعدوا حتى إذا كانت الساعة التي تكره فيها الصلاة) أي عند طلوع الشمس (قاموا يصلون). ومفهومه أنها كانت تحمل النهي على عمومه