ويجوز أن يراد غيظ الزبانية ({مناكبها}) في قوله تعالى: {فامشوا في مناكبها} [الملك: ١٥] أي (جوانبها).
قال في فتوح الغيب قوله: مناكبها استعارة تمثيلية أو تحقيقية لأن القصد الأرض أما ناحيتها أو جبالها فنسبة الذلول إليها ترشيح ونسبة المشي تجريد. قال الراغب: المنكب مجتمع ما بين العضد والكتف ومنه استعير للأرض المنكب في قوله تعالى: {فامشوا في مناكبها} كما استعير لها الظهر في قوله: {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} [فاطر: ٤٥].
({تدعون}) بالتشديد في قوله تعالى: {وقيل هذا الذي نتم به تدعون} [الملك: ٢٧] (وتدعون) بسكون الدال مخففًا وهي قراءة يعقوب زاد أبو ذر واحد (مثل تذكرون) بالتشديد (وتذكرون) بالتخفيف وقيل التشديد من الدعوى أي تدعون أنه لا جنة ولا نار وقيل من الدعاء أي تطلبونه وتستعجلونه وعلى التخفيف قيل إن الكفار كانوا يدعون على الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه -رضي الله عنهم- بالهلاك.
(ويقبضن) أي (يضربن بأجنحتهن. وقال مجاهد) فيما وصله الفريابي في قوله: (صافات) هو (بسط أجنحتهن) وسقط قوله ويقبضن إلى هنا لأبي ذر.
({ونفور}) في قوله تعالى: {بل لجوا في عتوّ ونفور} [الملك: ٢١] قال مجاهد هو (الكفور) فيما وصله عبد بن حميد.
[٦٨] سورة ن الْقَلَمِ
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ). وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَتَخَافَتُونَ: يَنْتَجُونَ السِّرَارَ وَالكَلَامَ الخَفِيَّ. وَقَالَ قَتَادَةُ: حَرْدٍ جِدٍّ فِي أَنْفُسِهِمْ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَضَالُّونَ أَضْلَلْنَا. مَكَانَ جَنَّتِنَا. وَقَالَ غَيْرُهُ {كَالصَّرِيمِ}: كَالصُّبْحِ انْصَرَمَ مِنَ اللَّيْلِ وَاللَّيْلِ انْصَرَمَ مِنَ النَّهَارِ، وَهْوَ أَيْضًا كُلُّ رَمْلَةٍ انْصَرَمَتْ مِنْ مُعْظَمِ الرَّمْلِ. وَالصَّرِيمُ أَيْضًا الْمَصْرُومُ مِثْلُ قَتِيلٍ وَمَقْتُولٍ.
([٦٨] سورة ن الْقَلَمِ)
مكية وآيها ثنتان وخمسون.
(بسم الله الرحمن الرحيم) وسقط لفظ سورة والبسملة لغير أبي ذر ونون من أسماء الحروف، وقيل اسم الحوت. وروى أبو جعفر عن ابن عباس أول ما خلق الله القلم قال: اكتب القدر فجرى بما يكون من ذلك اليوم إلى قيام الساعة، ثم خلق النون ورفع بخار الماء ففتقت منه السماء
وبسطت الأرض على ظهر النون فاضطرب النون فمادت الأرض، وكذا رواه ابن أبي حاتم، وذكر البغوي وغيره أن على ظهر هذا الحوت صخرة سمكها كغلظ السماوات والأرض وعلى ظهرها ثور له أربعون ألف قرن وعلى متنه الأرضون السبع وما فيهن وما بينهن فالله أعلم، والقلم هو الذي خط اللوح أو الذي يخط به وأقسم به لكثرة فوائده وجواب القسم الجملة المنفية.
(وقال ابن عباس يتخافتون) من قوله فانطلقوا وهم يتخافتون أي (ينتجون) بفتح التحتية وسكون النون وفتح الفوقية بعدها جيم (السرار والكلام الخفي) وسقط هذا لغير أبي ذر (وقال قتادة حرد) بالجر ولأبي ذر بالرفع أي في قوله تعالى: {وغدوا على حرد قادرين} [القلم: ٢٥] أي (جد) بكسر الجيم (في أنفسهم) وقيل الحرد الغضب والحنق وقيل: المنع من حاردت الإبل انقطع لبنها والسنة قلّ مطرها قاله أبو عبيدة وقادرين حال من فاعل غدوا وعلى حرد متعلق به.
(وقال ابن عباس) فيما وصله ابن أبي حاتم (الضالون) أي (اضللنا مكان جنتنا) فتُهنا عنها ثم لما رجعوا عما كانوا فيه وتيقنوا أنها هي قالوا بل نحن محرومون أي بل هي هذه ولكن لا حظ لنا ولا نصيب.
(وقال غيره) أي غير ابن عباس ({كالصريم}) في قوله تعالى: {فأصبحت كالصريم} [القلم: ٢٠] أي (كالصبح انصرم) انقطع (من الليل والليل انصرم) انقطع (من النهار) فالصريم يطلق على الليل لسواده وعلى النهار وعلى الصبح فهو من الأضداد، وقال شمر: الصريم الليل والنهار لانصرام هذا عن ذاك وذاك عن هذا (وهو أيضًا كل رملة انصرمت) انقطعت (من معظم الرمل والصريم أيضًا المصروم مثل قتيل ومقتول) فعيل بمعنى مفعول وفي التفسير أي كالبستان الذي صرم ثماره بحيث لم يبق فيه شيء أو كالليل باحتراقها واسودادها أو كالنهار بابيضاضها من فرط اليبس هذا.
١ - باب {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}
(باب) بالتنوين أي في قوله تعالى: ({عتل}) غليظ جاف ({بعد ذلك زنيم}) [القلم: ١٣] أي دعيّ ينسب إلى قوم ليس منهم مأخوذ من زنمتي الشاة وهما المتدليتان من أُذنها وحلقها فاستعير للدعي لأنه كالمعلق بما ليس منه وسقط باب لغير أبي ذر.
٤٩١٧ - حَدَّثَنَا مَحْمُودٌ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما-، {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ}، قَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ: لَهُ زَنَمَةٌ مِثْلُ زَنَمَةِ الشَّاةِ.
وبه قال: (حدّثنا) ولأبي ذر حدّثني بالإفراد (محمود) هو ابن غيلان العدوي مولاهم المروزي ولأبي ذر عن المستملي محمد قال