للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنهما (قال: قرأ) أي: جهر (النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فيما أُمِرَ)، أي أسرَّ (فيما أمر) بضم الهمزة فيهما، والآمر الله تعالى. لا يقال معنى سكت: ترك القراءة، لأنه عليه الصلاة والسلام لا يزال إمامًا، فلا بدّ من القراءة سرًّا أو جهرًا ({وما كان ربك نسيًّا}) حيث لم ينزل في بيان أفعال الصلاة قرآنًا يتلى، وإنما وكّل الأمر في ذلك إلى بيان نبيه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، الذي شرع لنا الاقتداء به، وأوجب علينا اتباعه في أفعاله التي هي لبيان مجمل الكتاب ({ولقد}) ولغير أبوي الوقت وذر الأصيلي وابن عساكر: لقد ({كان لكم في رسول الله أُسوة}) بضم الهمزة وكسرها، أي: قدوة ({حسنة}) فتجهروا فيما جهر، وتسروا فيما أسر. ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين بصري وكوفي ومدني، وفيه التحديث والعنعنة والقول، وهو من أفراده. ١٠٦ - باب الْجَمْعِ بَيْنَ السُّورَتَيْنِ فِي الرَّكْعَةِ

وَالْقِرَاءَةِ بِالْخَوَاتِيمِ، وَبِسُورَةٍ قَبْلَ سُورَةٍ، وَبِأَوَّلِ سُورَةٍ. وَيُذْكَرُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ: "قَرَأَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الْمُؤْمِنُونَ فِي الصُّبْحِ، حَتَّى إِذَا جَاءَ ذِكْرُ مُوسَى وَهَارُونَ أَوْ ذِكْرُ عِيسَى أَخَذَتْهُ سَعْلَةٌ فَرَكَعَ".

وَقَرَأَ عُمَرُ فِي الرَّكْعَةِ الأُولَى بِمِائَةٍ وَعِشْرِينَ آيَةً مِنَ الْبَقَرَةِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ الْمَثَانِي.

وَقَرَأَ الأَحْنَفُ بِالْكَهْفِ فِي الأُولَى وَفِي الثَّانِيَةِ بِيُوسُفَ أَوْ يُونُسَ. وَذَكَرَ أَنَّهُ صَلَّى مَعَ عُمَرَ -رضي الله عنه- الصُّبْحَ بِهِمَا.

وَقَرَأَ ابْنُ مَسْعُودٍ بِأَرْبَعِينَ آيَةً مِنَ الأَنْفَالِ، وَفِي الثَّانِيَةِ بِسُورَةٍ مِنَ الْمُفَصَّلِ.

وَقَالَ قَتَادَةُ -فِيمَنْ يَقْرَأُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ، أَوْ يُرَدِّدُ سُورَةً وَاحِدَةً فِي رَكْعَتَيْنِ-: كُلٌّ كِتَابُ اللَّهِ.

(باب) حكم (الجمع بين السورتين في الركعة) الواحدة من الصلاة، ولابن عساكر وأبي ذر: في ركعة (و) حكم (القراءة بالخواتيم) بالمثناة التحتية بعد الفوقية، ولأبي ذر والأصيلي: بالخواتم، أي أواخر السور، (و) القراءة (بسورة). بموحدة، أوّله، ولابن عساكر: وسورة (قبل سورة) مخالفًا ترتيب المصحف العثماني (و) القراءة (بأوّل سورة).

(ويذكر) بضم أوّله مبنيًّا للمفعول (عن عبد الله بن السائب) بن أبي السائب، مما وصله مسلم من طريق ابن جريج: (قرأ النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- {المؤمنون}) بالواو على الحكاية، ولأبي ذر: المؤمنين وللأصيلي {قد أفلح المؤمنون} (في) صلاة (الصبح) بمكة. (حتى إذا جاء ذكر موسى وهارون) أيّ قوله تعالى: {ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون} (أو ذكر عيسى) أي {وجعلنا ابن مريم وأمه آية} (أخذته) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (سعلة) بفتح السين وقد تضم، ولابن ماجة: فلما بلغ ذكر عيسى وأمه أخذته سعلة، أو قال: شهقة وفي رواية: شرقة (فركع).

قيل فيه جواز قطع القراءة، وجواز القراءة ببعض السورة، وهو يردّ على مالك حيث كره ذلك.

وأجيب: بأن الذي كرهه مالك هو أن يقتصر على بعض السورة مختارًا، والمستدل به هنا ظاهر في أنه كان للضرورة، فلا يرد عليه. نعم، الكراهية لا تثبت إلا بدليل، وأدلة الجواز كثيرة، منها حديث زيد بن ثابت: أنه في قرأ الأعراف في الركعتين، ولم يذكر ضرورة.

(وقرأ عمر) بن الخطاب رضي الله عنه (في الركعة الأولى) من الصبح (بمائة وعشرين آية من البقرة، وفي) الركعة (الثانية بسورة من المثاني) وهو ما يبلغ مائة آية، أو لم يبلغها، أو ما عدا السبع الطوال إلى المفصل، سمي مثاني لأنها ثنت السبع، أو لكونها قصرت عن المئين وزادت على المفصل، أو ولأن المئتين جعلت مبادي والتي تليها مثاني، ثم الفصل.

وهذا التعليق وصله ابن أبي شيبة لكن بلفظ: يقرأ في الصبح بمائة من البقرة، ويتبعها بسورة من المثاني.

(وقرأ الأحنف) بالمهملة، ابن قيس بن معد يكرب الكندي الصحابي، رضي الله عنه، في صلاة الصبح (بالكهف في) الركعة (الأولى، وفي الثانية بيوسف أو يونس) شك الراوي (وذكر) الأحنف (أنه صلّى مع عمر رضي الله عنه) أي وراءه (الصبح) فقرأ (بهما) أي بالكهف في الأولى، وبإحدى السورتين في الثانية.

وهذا مكروه عند الحنفية، لأن رعاية ترتيب المصحف العثماني مستحبة، وقيل مكروه في الفرائض دون النوافل.

وهذا التعليق وصله أبو نعيم في المستخرج، وقال في الثانية يونس ولم يشك.

(وقرأ ابن مسعود) عبد الله، فيما وصله عبد الرزاق (بأربعين آية من الأنفال) في الركعة الأولى، ولفظ سعيد بن منصور، من وجه آخر: فافتتح الأنفال حتى بلغ {ونعم النصير} وهو رأس الأربعين آية، (وفي) الركعة (الثانية بسورة من المفصل) من سورة القتال، أو الفتح، أو الحجرات، أو ق، إلى آخر القرآن.

(وقال قتادة) مما وصله عبد الرزاق (فيمن يقرأ سورة واحدة) ولأبي ذر: بسورة واحدة يفرّقها (في ركعتين) وللأصيلي: في الركعتين، (أو يردّد) أي يكرر (سورة واحدة في ركعتين) بأن يقرأ في الثانية بعين السورة التي قرأها في الأولى، فالتكرير أخف من قسم السورة في ركعتين، قاله ابن المنير.

قال في فتح الباري: وسبب

<<  <  ج: ص:  >  >>