وبضم الهمزة وسكون المثلثة أي إيثارًا لأنفسهم عليكم بالدنيا ولا يجعلون لكم في الأمر من نصيب (فاصبروا حتى تلقوني) زاد أبو ذر عن الكشميهني (على الحوض).
ومطابقة الحديث للترجمة من جهة كونه عليه الصلاة والسلام لما أشار على الأنصار بما ذكر ولم يقبلوا فتركه عليه الصلاة والسلام نزل المؤلّف ما بالقوّة منزلة ما بالفعل وهو في حقه عليه الصلاة والسلام واضح لأنه لا يأمر إلا بما يجوز فعله قاله في الفتح.
٣١٦٤ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَخْبَرَنِي رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رضي الله عنهما- قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لِي: لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَدْ أَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا. فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَجَاءَ مَالُ الْبَحْرَيْنِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عِدَةٌ فَلْيَأْتِنِي. فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ كَانَ قَالَ لِي: لَوْ قَدْ جَاءَنَا مَالُ الْبَحْرَيْنِ لأَعْطَيْتُكَ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا. فَقَالَ لِي: احْثُهْ. فَحَثَوْتُ حَثْيَةً. فَقَالَ لِي: عُدَّهَا. فَعَدَدْتُهَا، فَإِذَا هِيَ خَمْسُمِائَةٍ فَأَعْطَانِي أَلْفًا وَخَمْسَمِائَةٍ".
وبه قال: (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم) بن معمر الهذلي) الهروي نزيل بغداد (قال: أخبرني) بالإفراد (روح بن القاسم) بفتح الراء العنبري التميمي البصري (عن محمد بن المنكدر) التميمي المدني (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري (-رضي الله عنهما-) أنه (قال: كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال لي):
(لو قد جاءنا مال البحرين قد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا) ثلاثًا (فلما قبض رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وجاء مال البحرين) من عند العلاء بن الحضرمي (فقال أبو بكر) الصديق رضي الله عنه: (من كانت له عند رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عدة) بكسر العين وتخفيف الدال المهملتين أي وعد (فليأتني) أفِ له به (فأتيته فقلت: إن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قد كان قال لي: لو قد جاءنا مال البحرين لأعطيتك هكذا وهكذا وهكذا) ثلاثًا (فقال) أبو بكر (لي: احثه) بضم المثلثة وكسرها وبهاء السكت (فحثوت) بالواو (حثية) بالياء وفتح الحاء فأخذ الفعل من لغة والمصدر من أخرى وكذا فعلوه في تداخل اللغتين من كلمتين (فقال لي) أبو بكر: (عدها فعددتها فإذا هي خمسمائة فأعطاني ألفًا وخمسمائة) ولأبي ذر: فأعطاني خمسمائة أي الأولى التي حثاها وأعطاني ألفًا وخمسمائة فالجملة ألفان.
٣١٦٥ - وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ عَنْ أَنَسٍ: "أُتِيَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ فَقَالَ: انْثُرُوهُ فِي الْمَسْجِدِ، فَكَانَ أَكْثَرَ مَالٍ أُتِيَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، إِذْ جَاءَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَعْطِنِي، فإِنِّي فَادَيْتُ نَفْسِي وَفَادَيْتُ عَقِيلاً. فَقَالَ: خُذْ. فَحَثَا فِي ثَوْبِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ يُقِلُّهُ فَلَمْ يَسْتَطِعْ فَقَالَ: مُرَّ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ إِلَىَّ، قَالَ: لَا. قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ، قَالَ: لَا. فَنَثَرَ منه ثُمَّ ذَهب يُقٍلُّه فلم يرفعه فقال: فمُرَّ بَعْضَهُمْ يَرْفَعْهُ عليَّ، قَالَ: لَا، قَالَ: فَارْفَعْهُ أَنْتَ عَلَىَّ، قَالَ: لَا. فَنَثَرَ ثُمَّ احْتَمَلَهُ عَلَى كَاهِلِهِ ثُمَّ انْطَلَقَ، فَمَا زَالَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ حَتَّى خَفِيَ عَلَيْنَا، عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ، فَمَا قَامَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَثَمَّ مِنْهَا دِرْهَمٌ".
(وقال إبراهيم بن طهمان) بفتح الطاء المهملة وسكون الهاء الخراساني مما وصله الحاكم في مستدركه وابن منده في أماليه وأبو نعيم في مستخرجه (عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس) -رضي الله عنه- أنه قال: (أتي النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمال من البحرين) بعثه العلاء بن الحضرمي من الخراج وكان مائة ألف كما في مصنف ابن أبي شيبة (فقال: انثروه) بالمثلثة (في المسجد فكان أكثر مال أتي به رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إذ جاءه العباس) عمه (فقال: يا رسول الله أعطني) أي من هذا المال (إني فاديت نفسي وفاديت عقيلاً) بفتح العين المهملة وكسر القاف ابن أبي طالب يوم بدر حين أسرا (قال) عليه الصلاة والسلام. ولأبي ذر فقال: (خذ فحثى في ثوبه) أي فحثى العباس في ثوب نفسه (ثم ذهب يقله) بضم الياء وكسر القاف أي يرفعه ويحمله (فلم يستطع فقال) العباس له عليه الصلاة والسلام: (أمر) بهمزة ساكنة في أوّله على الأصل (بعضهم) أي الحاضرين (يرفعه إليّ) بالجزم جوابًا
للأمر ويجوز الرفع على الاستئناف (قال) عليه الصلاة والسلام (لا قال: فأرفعه أنت عليّ قال: لا) أرفعه (فنثر) العباس (منه ثم ذهب يقله فلم يرفعه) ولأبي ذر وابن عساكر: فلم يستطع (فقال: أمر) ولأبي ذر عن الكشميهني فمر بإسقاط الهمزة (بعضهم يرفعه عليّ قال: لا قال فارفعه أنت عليّ قال: لا فنثر ثم) ولأبي ذر وابن عساكر: فنثر منه ثم (احتمله على كاهله) وهو ما بين كتفيه (ثم انطلق فما زال) النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (يتبعه بصره) من باب الإفعال (حتى خفي علينا عجبًا من حرصه) بنصب عجبًا مفعولاً مطلقًا من قبيل ما يجب حذف عامله أو مفعولاً له (فما قام رسول الله) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من المسجد (وثمّ) بفتح المثلثة وهناك (منها درهم) وهذا التعليق قد مرّ في باب تعليق القنوت في المسجد من كتاب الصلاة.
٥ - باب إِثْمِ مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا بِغَيْرِ جُرْمٍ
(باب إثم من قتل معاهدًا) بفتح الهاء ذميًّا (بغير جرم) أي حق.
٣١٦٦ - حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ حَفْصٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَمْرٍو حَدَّثَنَا مُجَاهِدٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا". [الحديث ٣١٦٦ - طرفه في: ٦٩١٤].
وبه قال: (حدّثنا قيس بن حفص) أبو محمد الدارمي البصري قال: (حدّثنا عبد الواحد) بن زياد قال: (حدّثنا الحسن بن عمرو) بفتح الحاء والعين الفقيمي الكوفي قال: (حدّثنا مجاهد) هو ابن جبر (عن عبد الله بن عمرو) بفتح العين ابن