المالكية أنه فرض عين وقوّاه ابن القيم في حواشي السنن بأنه جاء بلفظ الوجوب الصريح وبلفظ الحق الدال عليه وبصيغة الأمر التي هي حقيقة فيه، ويقول الصحابي أمرنا رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: ولا ريب أن الفقهاء يثبتون وجوب أشياء كثيرة بدون مجموع هذه الأشياء، وقال قوم: هو فرض كفاية يسقط بفعل البعض، ورجحه أبو الوليد بن رشد، وقال به الحنفية وجمهور الحنابلة. وقال الشافعية: مستحب على الكفاية وقد خص من عموم الأمر من لم يحمد كما يأتي إن شاء الله تعالى، والكافر كما في أبي داود وصححه الحاكم عن أبي موسى أن اليهود كانوا يتعاطسون عنده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رجاء أن يقول: يرحمكم الله فكان يقول يهديكم الله ويصلح بالكم، وإذا تكرر منه العطاس فزاد على الثلاث ففي حديث أبي هريرة عند البخاري في الأدب المفرد قال: يشمته واحدة واثنتين وثلاثًا فما كان بعد ذلك فهو زكام.
وروي مرفوعًا عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه مرفوعًا أخرجه في الموطأ وهل يقول لمن تتابع عطاسه أنت مزكوم في الثانية أو في الثالثة أو الرابعة؟ أقوال. والصحيح في الثالثة، ومعناه أنك لست ممن يشمت بعدها لأن الذي بك مرض وليس من العطاس المحمود الناشئ عن خفة البدن فيدعى له بالعافية، وكذا يخص من العموم من كره التشميت ويطرد ذلك في السلام والعيادة، وفيه تفصيل لابن دقيق العيد فلا يمتنع إلا ممن خاف منه ضررًا كعادة سلاطين مصر لا يشمت أحدهم إذا عطس، ولا يسلم عليه إذا دخل عليه، وكذا عند الخطبة يوم الجمعة لأن التشميت يخل بالإنصات المأمور به ومن عطس وهو يجامع أو في الخلاء فيؤخر ثم يحمد ويشمته من سمعه.
(وإجابة الداعي) إلى وليمة النكاح إلا لمانع شرعي كفرش حرير (وردّ السلام ونصر المظلوم) سواء كان مسلمًا أو ذميًّا بالقول أو بالفعل (وإبرار المقسم) بميم مضمومة وكسر السين أي تصديق
من أقسم عليك وهو أن تفعل ما سأله الملتمس وأقسم عليه أن يفعله، ولأبي ذر عن الكشميهني القسم وبإسقاط الميم وفتحتين.
(ونهانا عن سبع عن) لبس (خاتم الذهب أو قال: حلقة الذهب) بسكون اللام والشك من الراوي (وعن لبس الحرير) للرجال وسقط لفظ لبس لأبي ذر (والديباج) المتخذ من الإبريسم (والسندس) ما رق من الديباج (والمياثر) بالمثلثة جمع ميثرة بكسر الميم مفعلة من الوثار وأصلها موثرة فقلبت الواو ياء لكسرة الميم، وهي مراكب العجم تعمل من حرير أو ديباج وتتخذ كالفراش الصغير وتحشى بنحو قطن يجعلها الراكب تحته على السرج، فإن كانت من حرير أو ديباج حرمت، والمناهي سبعة ذكر منها خمسة وأسقط منها القسي وآنية الفضة وسبقا في اللباس.
والحديث مضى في الجنائز والمظالم واللباس والطب والنكاح ويأتي إن شاء الله تعالى بعون الله وقوته في النذور.
١٢٥ - باب مَا يُسْتَحَبُّ مِنَ الْعُطَاسِ، وَمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّثَاؤُبِ
(باب ما يستحب من العطاس) بضم العين (وما يكره من التثاوب) بالفوقية ثم المثلثة والواو بغير همز في الفرع وأصله. قال في الكواكب؛ وهو بالهمز على الأصح وهو تنفس ينفتح منه الفم من الامتلاء وثقل النفس وكدورة الحواس.
٦٢٢٣ - حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِى إِيَاسٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى ذِئْبٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ الْمَقْبُرِىُّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ، وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ، فَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَحَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ سَمِعَهُ أَنْ يُشَمِّتَهُ، وَأَمَّا التَّثَاوُبُ فَإِنَّمَا هُوَ مِنَ الشَّيْطَانِ، فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ فَإِذَا قَالَ: هَا ضَحِكَ مِنْهُ الشَّيْطَانُ».
وبه قال: (حدّثنا آدم بن أبي اياس) بكسر الهمزة وتخفيف التحتية العسقلاني أصله خراساني يكنى أبا الحسن ونشأ ببغداد قال: (حدّثنا ابن أبي ذئب) هو محمد بن عبد الرحمن بن المغيرة بن الحارث بن أبي ذئب واسمه هشام بن سعد المدني قال: (حدّثنا سعيد المقبري) بضم الموحدة (عن أبيه) كيسان المدني مولى أم شريك (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(إن الله يحب العطاس) الذي لا ينشأ عن زكام لأنه يكون من خفة البدن وانفتاح السدد وذلك مما يقتضي النشاط لفعل الطاعة والخير (ويكره التثاؤب) لأنه يكون عن غلبة امتلاء البدن والإكثار من الأكل والتخليط فيه فيؤدي إلى الكسل والتقاعد عن العبادة وعن