إلى أهلك (فالتمس) زاد في رواية شيئًا. واستدلّ بها على جواز كل ما يتموّل في الصداق من غير تحديد ولفظ شيء وإن كان يطلق على غير المال لكنه مخصوص بدليل آخر، وذلك أنه عوض كالثمن في البيع فاعتبر فيه ما يعتبر في الثمن مما دلّ الشرع على اعتباره فيه والالتماس افتعال من اللمس فهو استعارة والمراد الطلب والتحصيل لا حقيقة اللمس (ولو) كان الملتمس (خاتمًا من حديد) فإنه جائز (فذهب ثم رجع فقال: لا والله ما وجدت شيئًا ولا خاتمًا من حديد، ولكن هذا إزاري) ليس نصفه (ولها نصفه) صداقًا (قال سهل) -رضي الله عنه-: (وما له رداء فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وما تصنع بإزارك وإن لبسته) ولأبي ذر إن لبست بحذف الضمير المنصوب (لم يكن
عليها من شيء) كذا في الفرع والذي في اليونينية لم يكن عليها منه شيء (وإن لبسته) هي (لم يكن عليك منه شيء. فجلس الرجل حتى طال مجلسه) بفتح اللام مصححًا عليها في الفرع كأصله وفي غيرهما بكسرها أي جلوسه (قام) ليذهب (فرآه النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فدعاه أو دعي له) أي دعاه بنفسه أو أمر من دعاه والشك من الراوي (فقال له: ماذا معك من القرآن)؟ أي ما تحفظ منه (فقال له: معي سورة كذا وسورة كذا) مرتين وزاد أبو ذر عن الكشميهني وسورة كذا (لسور يعدّدها) في فوائد تمام أنها تسع سور من المفصل، وقيل كان معه إحدى وعشرون آية من البقرة وآل عمران. رواه أبو داود. (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أملكناكها) ولأبي ذر أمكناكها من التمكين والأولى من التمليك وفي رواية: زوّجتكها وهي رواية الأكثر وصوّبها الدارقطني وجمع النووي بأنه جرى لفظ التزويج أولًا ثم لفظ التمليك أو التمكين ثانيًا لأنه ملك عصمتها بالتزويج وتمكّن به منها والباء في قوله (بما معك من القرآن) للمعاوضة والمقابلة على تقدير مضاف أي زوّجتك إياها بتعليمك إياها ما معك من القرآن، ويؤيده أن في مسلم انطلق: فقد زوجتكها فعلّمها ما معك من القرآن، أو هي للسببية أي بسبب ما معك من القرآن فيخلو النكاح عن المهر فيكون خاصًّا بهذه القضية أو يرجع إلى مهر المثل وبالأول جزم الماوردي.
وبه قال:(حدّثنا عبد العزيز بن عبد الله) الأويسي قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أبو إسحاق الزهري (عن صالح بن كيسان) بفتح
الكاف (عن ابن شهاب) الزهري أنه (قال: أخبرني) بالإفراد (سالم بن عبد الله أنه سمع) أباه (عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- يحدّث أن عمر بن الخطاب) -رضي الله عنه- (حين تأيمت حفصة بنت عمر) بفتح الهمزة والتحتية المشددة أي صارت أيمًا (من خنيس بن خذافة) بضم الخاء المعجمة وفتح النون وبعد التحتية الساكنة مهملة وحذافة بالحاء المهملة المضمومة بعدها معجمة فألف ففاء (السهمي) بالسين المهملة البدري (وكان من أصحاب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فتوفي بالمدينة) من جراحة أصابته يوم أُحُد، وجزم ابن سعد بأنه مات عقب قدوم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من بدر (فقال عمر بن الخطاب: أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه) أن يتزوج (حفصة فقال: سأنظر في أمري) أي أتفكّر فيه (فلبثت ليالي ثم لقيني) عثمان (فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا قال) وفي رواية فقال (عمر: فلقيت أبا بكر الصدّيق) -رضي الله عنه- (فقلت) له: (إن شئت زوّجتك حفصة بنت عمر فصمت) أي سكت (أبو بكر فلم يرجع إليّ شيئًا) بفتح الياء وكسر الجيم وهذا تأكيد لرفع المجاز لاحتمال أن يظن أنه سكت زمانًا ثم تكلم قال عمر: (وكنت أوجد) أي أشد موجدة أي غضبًا (عليه) على أبي بكر (مني) أي من غضبي (على عثمان) لقوّة المودّة بينه وبين أبي بكر ولأن عثمان أجابه أولًا ثم اعتذر (فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال: لعلك) ولأبي ذر عن الحموى والمستملي لقد (وجدت عليّ حين عرضت عليّ حفصة