للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(فكان) بفاء العطف ولغير أبي ذر مما ليس في اليونينية وكان (لا يلتفت) وراءه، وهذه كانت عادته في مشيه (فدنوت) أي قربت (منه) لأستأنس به كما في رواية الإسماعيلي وزاد فقال: من هذا؟ فقلت: أبو هريرة، (فقال: ابغني) بهمزة وصل من الثلاثي أي اطلب لي يقال: بغيتك الشيء أي طلبته لك وبهمزة قطع إذا كان من المزيد أي أعني على الطلب. يقال: أبغيتك الشيء أي أعنتك على طلبه. قال العيني كالحافظ ابن حجر وكلاهما روايتان، وللأصيلي فقال: أبغ ليس بهمزة قطع وباللام بعد الغين بدل النون، وللإسماعيلي ائتني (أحجارًا) نصب مفعول ثانٍ لابغني (أستنفض بها) بالنون والفاء المكسورة والضاد العجمة مجزوم جوابًا للأمر وهو الذي في فرع اليونينية كهي، ويجوز رفعه على الاستئناف والاستنفاض الاستخراج ويكنى به عن الاستنجاء كما قاله المطرزي، وفي القاموس استنفضه استخرجه وبالحجر استنجى (أو) قال (نحوه) بالنصب معمول قال، أي قال نحو هذا كأستنجي أو أستنظف والتردد من بعض رواته (ولا تأتي) بالجزم بحذف حرف العلة على النهي. وفي رواية ابن عساكر وأبي ذر عن الكشميهني ولا تأتيني بإثباته على النفي، وفي رواية في الفرع ولا تأتي (بعظم ولا روث) لأنهما مطعومان للجن كما عند المؤلف في البعث أن أبا هريرة قال للنبي صلى لما أن فرغ: ما بال العظم والروث، قال "هما من طعام الجن" وفي حديث أبي داود عن ابن مسعود أن وفد الجن قدموا على رسول الله فقالوا: يا محمد أنّه أمتك عن الاستنجاء بالعظم والروث فإن الله تعالى جعل لنا فيه رزفًا فنهاهم عن ذلك وقال: "إنه زاد إخوانكم من الجن" وقيل النهي في العظم لأنه لزج فلا يتماسك لقطع النجاسة، وحينئذ فيلحق به كل ما في معناه كالزجاج الأملس أو لأنه لا يخلو غالبًا من بقية دسم تعلق به فيكون مأكولاً للناس، ولأن الروث نجس فيزيد ولا يزيل ويلحق به كل نجس ومتنجس، ولو أحرق العظم وخرج عن حال العظام فوجهان. أصحهما في المجموع المنع، ويلحق بالعظم كل مطعوم للآدمي لحرمته وإن اختصّ بالبهائم. قال الماوردي: لم يحرم. ومنعه ابن الصباغ، والغالب كالمختص أو استويا فوجهان.

وقد نبّه في الحديث باقتصاره في النهي على العظم والروث على أن ما سواهما مجزئ ولو كان ذلك مختصًّا بالأحجار كما يقول بعض الحنابلة، والظاهرية لم يكن لتخصيص هذين بالنهي معنى، وإنما خص الأحجار بالذكر لكثرة وجودها.

قال أبو هريرة (فأتيته) (بأحجار بطرف) أي في طرف (ثيابي فوضعتها) بتاء بعد العين الساكنة وفي رواية فوضعها (إلى جنبه وأعرضت) وللكشميهني في غير اليونينية

واعترضت (عنه) بزيادة تاء بعد العين، (فلما قضى) حاجته (أتبعه) بهمزة قطع أي ألحقه (بهن) أي أتبع المحل بالأحجار وكنى به عن الاستنجاء واستنبط منه مشروعية الاستنجاء وهل هو واجب أو سُنّة؟ وبالأول قال الشافعي وأحمد رحمهما الله تعالى لأمره بالاستنجاء بثلاثة أحجار، وكل ما فيه تعدد يكون واجبًا كولوغ الكلب. وقال مالك وأبو حنيفة والمزني من أصحابنا الشافعية: هو سنّة واحتجّوا بحديث أبي هريرة عند أبي داود مرفوعًا: "من استجمر فليوتر من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج" الحديث. قالوا: وهو يدل على انتفاء المجموع لا الإيتار وحده وأن يكون قبل الوضوء اقتداء به وخروجًا من الخلاف فإنه شرط عند أحمد وإن أخّره بعد التيمم لم يجزه.

٢١ - باب لَا يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ

هذا (باب) بالتنوين (لا يستنجى بروث) بضم المثناة التحتية وفتح الجيم مبنيًّا للمفعول، وثبت في رواية أبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر ما بعد الباب.

١٥٦ - حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: لَيْسَ أَبُو عُبَيْدَةَ ذَكَرَهُ، وَلَكِنْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الأَسْوَدِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ يَقُولُ: أَتَى النَّبِيُّ الْغَائِطَ فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ. وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ.

وبه قال: (حدّثنا أبو نعيم) الفضل بن دكين (قال: حدّثنا زهير) هو ابن معاوية الجعفي المكي الكوفي (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي بفتح السين المهملة وكسر الموحدة التابعي وما ذكر من كون زهير سمع من أبي إسحاق بآخرة لا يقدح لثبوت سماعه منه هذا

<<  <  ج: ص:  >  >>