للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بلية فهو من تفسير المؤلّف.

وهذا الحديث سبق في كتاب العلم في باب: ليبلغ الشاهد الغائب مع تفاسير أخر للخربة.

وفي القاموس الخربة العيب والعورة والذلة، وليس كلام عمرو بن سعيد هذا حديثًا يحتج به، وفي رواية أحمد في آخر هذا الحديث قال أبو شريح: فقلت لعمرو: قد كنت شاهدًا وكنت غائبًا وقد أمرنا أن يبلغ شاهدنا غائبنا وقد بلغتك، وهو يشعر بأنه لم يوافقه فيندفع قول ابن بطال أن سكوت أبي شريح عن جواب عمرو دليل على أنه رجع إليه في التفصيل المذكور، بل إنما ترك أبو شريح مشاققته لعجزه عنه لما كان فيه من قوّة الشوكة.

٩ - باب لَا يُنَفَّرُ صَيْدُ الْحَرَمِ

هذا (باب) بالتنوين (لا ينفر صيد الحرم) أي لا يزعج عن موضعه فإن نفره عصى سواء تلف أم لا. فإن تلف في نفاره قبل سكونه ضمن وإلا فلا.

١٨٣٣ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -رضي الله عنهما- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ «إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ مَكَّةَ، فَلَمْ تَحِلَّ لأَحَدٍ قَبْلِي، وَلَا تَحِلُّ لأَحَدٍ بَعْدِي، وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا، وَلَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا، وَلَا تُلْتَقَطُ لُقَطَتُهَا إِلَاّ لِمُعَرِّفٍ». وَقَالَ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلَاّ الإِذْخِرَ لِصَاغَتِنَا وَقُبُورِنَا. فَقَالَ: إِلَاّ الإِذْخِرَ».

وَعَنْ خَالِدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: هَلْ تَدْرِي مَا "لَا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا"؟ هُوَ أَنْ يُنَحِّيَهُ مِنَ الظِّلِّ يَنْزِلُ مَكَانَهُ.

وبالسند قال: (حدّثنا محمد بن المثنى) الزمن قال: (حدّثنا عبد الوهاب) الثقفي قال: (حدّثنا خالد) الحذاء (عن عكرمة عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):

(إن الله حرم مكة) يوم خلق السماوات والأرض (فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي) أخبر عن الحكم في ذلك لا الإخبار بما سيقع لوقوع خلاف ذلك في الشاهد كما وقع من الحجاج وغيره (وإنما أحلت لي) بضم الهمزة وكسر المهملة أي أن أقاتل فيها (ساعة من نهار) هى ساعة الفتح

(لا يختلى، خلاها) بضم الياء وسكون الخاء المعجمة وفتح الفوقية واللام والخلا بفتح المعجمة مقصورًا الكلأ الرطب أي: لا يجز ولا يقلع كلؤها الرطب وقلع يابسه إن لم يمت، ويجوز قطعه فلو قلعه لزمه الضمان لأنه لو لم يقلعه لنبت ثانيًا فلو أخلف ما قطعه من الأخضر فلا ضمان لأن الغالب فيه الإخلاف وإن لم يخلف ضمنه بالقيمة، ويجوز رعي حشيش الحرم بل وشجره كما نص عليه في الأم بالبهائم لأن الهدايا كانت تساق في عصره -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأصحابه -رضي الله عنهم- وما كانت تسد أفواهها بالحرم. وروى الشيخان من حديث ابن عباس قال: أقبلت راكبًا على أتان فوجدت النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يصلّي بالناس بمنى إلى غير جدار فدخلت في الصف وأرسلت الأتان ترتع ومنى من الحرم، وكذا يجوز قطعه للبهائم والتداوي كالحنظل ولا يقطع لذلك إلا بقدر الحاجة كما قاله ابن كج ولا يجوز قطعه للبيع ممن يعلف به كما في المجموع لأنه كالطعام الذي أبيح أكله لا يجوز بيعه.

(ولا يعضد) أي لا يقطع (شجرًا ولا ينفر صيدها) أي لا يجوز لمحرم ولا حلال فلو نفر من الحرم صيدًا فهو من ضمانه وإن لم يقصد تنفيره كأن عثر فهلك بتعثره أو أخذه سبع أو انصدم بشجرة أو جبل ويمتدّ ضمانه حتى يسكن على عادته لا إن هلك قبل سكونه بآفة سماوية لأنه لم يتلف في يده ولا بسببه ولا إن هلك بعده مطلقًا (ولا تلتقط) بضم أوّله (لقطتها) بفتح القاف في الفرع وهو الذي يقوله المحدثون. قال القرطبي: وهو غلط عند أهل اللسان لأنه بالسكون ما يلتقط وبالفتح الأخذ. وقال في القاموس: واللقط محرّكة وكحزمة وهمزة وثمامة ما التقط. وقال النووي: اللغة المشهورة فتحها أي لا يجوز التقاطها. (إلا لمعرف). يعرفها ثم يحفظها لمالكها ولا يتملكها كسائر اللقطات في غيرها من البلاد فالمعنى عرفها ليتعرف مالكها فيردها إليه فكأنه يقول إلا لمجرد التعريف.

(وقال العباس) بن عبد المطلب: (يا رسول الله إلا الإذخر) بالهمزة المكسورة والذال الساكنة والخاء المكسورة المعجمتين نبت معروف طيب الرائحة وهو حلفاء مكة فإنه (لصاغتنا) جمع صائغ (وقبورنا) نمهدها ونسدّ به فرج اللحد المتخللة بين اللبنات والمستثنى منه قوله: لا يختلى خلاها أي ليكن هذا استثناء من كلامك يا رسول الله فيتعلق به من يرى انتظام الكلام من متكلمين، لكن التحقيق في المسألة أن كلا المتكلمين إذا كان ناويًا لما يلفظ به الآخر كان كل متكلمًا بكلام تام، ولذا لم يكتف عليه الصلاة والسلام بقول العباس إلا الإذخر بل (قال): هو أيضًا (إلا الإذخر) إما بوحي بواسطة جبريل نزل بذلك في طرفة عين واعتقاد أن نزول جبريل يحتاج إلى أمد متسع وهم وزلل، أو أن الله نفث في روعه

<<  <  ج: ص:  >  >>