بينكما بكتاب الله أما غنمك) المائة (وجاريتك فردّ عليك) فمردودة عليك (وجلد ابنه مائة) أي أمر من يجلده فجلده (وغرّبه) من موطن الجناية (عامًّا وأمر أنيسًا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر) ليعلمها أن الرجل قذفها بابنه فلها عليه حدّ القذف فتطالبه أو تعفو عنه (فإن اعترفت) أنه زنى بها (فارجمها) أي بعد إعلامي أو فوّض إليه الأمر فإذا اعترفت بحضرة من يثبت ذلك بقولهم يحكم، وقد دلّ قوله فأمر بها رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فرجمت أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هو الذي حكم فيها بعد أن أعلمه أنيس باعترافها قاله عياض، ولأبي ذر رجمها فأتاها أنيس فاعلمها وكان لقوله فإن اعترفت مقابلاً يعني فإن أنكرت فاعلمها أن لها مطالبة بحدّ القذف فحذف لوجود الاحتمال فلو أنكرت وطلبت لأجيبت (فاعترفت) بالزنا (فرجمها) بعد أن أعلم النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- باعترافها مبالغة في الاستثبات مع أنه كان علق له رجمها على اعترافها. وفي الحديث أن الصحابة كانوا يفتون في عهده -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي بلده.
وذكر محمد بن سعد في طبقاته أن منهم أبا بكر وعمر وعثمان وعليًّا وعبد الرحمن بن عوف وأبيّ بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وفيه أن الحدّ لا يقبل الفداء وهو مجمع عليه في الزنا والسرقة والحرابة وشرب المسكر، واختلف في القذف والصحيح أنه كغيره. وإنما يجري الفداء في البدن كالقصاص في النفس والأطراف.
ومطابقة الحديث للترجمة ظاهرة فيمن قذف امرأة غيره أما من قذف امرأته فمأخوذ من كون زوج المرأة كان حاضرًا ولم ينكر ذلك كذا في الفتح قال: وقد صحح النووي وجوب إرسال الإمام إلى المرأة ليسألها عما رميت به، واحتج ببعث أنيس إلى المرأة وتعقب بأنه فعل وقع في واقعة حال لا دلالة فيه على الوجوب لاحتمال أن يكون سبب البعث ما وقع بين زوجها وبين والد العسيف من الخصام والمصالحة على الحدّ واشتهار القصة حتى صرح والد العسيف بما صرح به ولم ينكر عليه زوجها فالإرسال إلى هذه يختص بمن كان على مثلها من التهمة القوية بالفجور والله أعلم.
٣٩ - باب مَنْ أَدَّبَ أَهْلَهُ أَوْ غَيْرَهُ دُونَ السُّلْطَانِ
(باب من أدّب أهله) كزوجته وأرقائه (أو) أدّب (غيره) أي غير أهله (دون) إذن (السلطان) له في ذلك.
(وقال أبو سعيد) سعد بن مالك بسكون العين الخدري فيما سبق موصولاً في باب يردّ المصلي من مرّ بين يديه من كتاب الصلاة (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: إذا صلى فأراد أحد أن يمر بين يديه فليدفعه فإن أبى) امتنع إلا أن يمر (فليقاتله. وفعله) أي دفع المارّ بين يديه حالة صلاته (أبو سعيد) الخدري -رضي الله عنه-، وفعله مذكور في الباب المذكور بلفظ: رأيت أبا سعيد يصلّي فأراد شاب أن يجتاز بين يديه فدفعه أبو سعيد في صدره من غير استئذان حاكم، ولذا لم ينكر عليه مروان بل استفهمه عن السبب فلما ذكره له أقرّه عليه.
وبه قال:(حدّثنا إسماعيل) بن أبي أويس قال: (حدّثني) بالإفراد (مالك) الإمام (عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه) القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق (عن عائشة) -رضي الله عنها- أنها (قالت: جاء أبو بكر -رضي الله عنه-) في تفسير سورة المائدة بهذا السند أنها قالت: خرجنا مع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في بعض أسفاره حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي فأقام رسول الله على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة؟ أقامت برسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وبالناس وليس معهم ماء، فجاء أبو بكر (ورسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- واضع رأسه على فخدي) بالذال المعجمة قد نام (فقال: حبست رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- و) حبست (الناس وليسوا على ماء) وليس معهم ماء (فعاتبني) أبو بكر (وجعل يطعن) بضم العين (بيده في خاصرتي ولا يمنعني من التحرك) ولأبي ذر عن الكشميهني من التحوّل بالواو واللام بدل الراء والكاف (إلا مكان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) على فخذي (فأنزل الله) تعالى (آية التيمم) في سورة المائدة.