كانت تحت الأوزاعي وحينئذٍ فلا يبعد سماعه منه لأنه في حجره. (أخبرني) بالإِفراد (ابن شهاب) الزهري (وقالا): أي سلامة ويحيى (بني هاشم وبني المطلب) دون لفظ عبد، وقد تابعه على الجزم بقوله بني هاشم وبني المطلب محمد بن مصعب عن الأوزاعي كما عند أحمد.
(قال أبو عبد الله) البخاري قوله (بني المطلب) بحذف عبد (أشبه) أي بالصواب لأن عبد المطلب هو ابن هاشم فلفظ هاشم مغن عنه، وأما المطلب فهو أخو هاشم وهما ابنان لعبد مناف فالمراد أنهم تحالفوا على بني عبد مناف.
٤٦ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: [إبراهيم: ٣٥]
{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنَامَ * رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ} الآيَةَ.
(باب قول الله تعالى): ({وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد) مكة ({آمنًا}) ذا أمن لمن فيها ((واجنبني) بعدني ({وبني أن نعبد الأصنام رب إنهن أضللن كثيرًا من الناس) فلذلك سألت منك العصمة واستعذت بك من إضلالهن وأسند الإضلال إليهن باعتبار السبب ({فمن تبعني}) على ديني ({فإنه مني}) بعضي ({ومن عصاني}) لم يطعني ولم يوحدك ({فإنك غفور رحيم}) تقدر أن تغفر له وترحمه ولا يجب عليك شيء، وقيل معناه ومن عصاني فيما دون الشرك أو أنك غفور بعد الإِنابة ({ربنا إني أسكنت من ذريتي}) بعضها إسماعيل ({بواد غير ذي زرع}) يعني مكة ({عند بيتك المحرم})، الذي في علمك أنه يحدث في ذلك الوادي ({ربنا ليقيموا الصلاة}) أي أسكنتهم كي يقيموا الصلاة عند بيتك ({فاجعل أفئدة من الناس}) أي قلوبًا ومن للتبعيض ({تهوي}) تسرع ({إليهم}) [إبراهيم: ٣٥، ٣٦، ٣٧] شوقًا وودًّا، وعن بعض السلف لو قال أفئدة الناس لازدحم عليه فارس والروم والناس كلهم لكنه قال فمن الناس فاختص به المسلمون، وقال إليهم لأنه أوحي إليه أنه ستكثر ذريته بها. وقال تهوي لأن تهامة غور منخفضة وذكر القلوب لأن الأجساد تبع لها (الآية) بالنصب بتقدير أعني أو اقرأ، وسقط في رواية ابن عساكر من قوله: {رب إنهن أضللن} ولفظ رواية أبي ذر: أن تعبد الأصنام إلى قوله {لعلهم يشكرون} أي نعمتك ولم يذكر المصنف في هذا الباب حديثًا لأنه لم يجد حديثًا على شرطه.
٤٧ - باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى [المائدة: ٩٧]
{جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرَامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلَائِدَ ذَلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ}.
(باب قول الله تعالى): ({جعل الله}) أي صير ({الكعبة}) وسميت بذلك لتكعبها ({البيت الحرام}) عطف بيان على جهة المدح ({قيامًا للناس}) انتعاشًا لهم من أي سبب انتعاشهم في أمر معاشهم ومعادهم يلوذ به الخائف ويأمن فيه الضعيف ويربح فيه التجار ويتوجه إليه الحجاج والعمار أو ما يقوم به أمر دينهم ودنياهم ({والشهر الحرام}) الذي يؤدى فيه الحج وهو ذو الحجة ({والهدي والقلائد ذلك}) إشارة إلى الجعل أو إلى ما ذكر من الأمر بحفظ حرمة الإحرام وغيره ({لتعلموا أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض}) فإن شرع الأحكام لدفع المضار قبل وقوعها وجلب المنافع
المترتبة عليها دليل حكمة الشارع وكمال علمه ({وأن الله بكل شيء عليم}) [المائدة: ٩٧] تعميم بعد تخصيص، وقد أشار المؤلّف بهذه الآية الكريمة إلى أن قوام أمور الناس وانتعاش أمر دينهم بالكعبة المشرفة فإذا زالت الكعبة على يد ذي السويقتين تختل أمور الناس فلذا أورد حديث أبي هريرة.
١٥٩١ - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ «يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ». [الحديث ١٥٩١ - طرفه في: ١٥٩٦].
وبالسند قال (حدّثنا علي بن عبد الله) المديني قال: (حدّثنا سفيان) بن عيينة (قال: حدّثنا زياد بن سعد) بسكون العين وكسر زاي زياد وتخفيف يائها المثناة تحت الخراساني (عن) ابن شهاب (الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:)
(يخرب الكعبة) بضم الياء وفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء مكسورة من التخريب، والجملة فعل ومفعول والفاعل قوله (ذو السويقتين من الحبشة) تثنية سويقة مصغر الساق ألحق بها التاء في التصغير لأن الساق مؤنثة والتصغير للتحقير، وفي سيقان الحبشة دقة فلذا أصغرها ومن للتبعيض أي يخربها ضعيف من هذه الطائفة، والحبشة نوع من السودان ولا ينافي ما ذكر هنا قوله تعالى: {أو لم يروا أنا جعلنا حرمًا آمنًا} [العنكبوت: ٦٧] لأن الأمن إلى قريب القيامة وخراب الدنيا حينئذ فيأتي ذو السويقتين.
وهذا الحديث أخرجه المؤلّف أيضًا قريبًا، ومسلم في الفتن، والنسائي في الحج والتفسير.
١٥٩٢ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ حَدَّثَنَا اللَّيْثُ عَنْ عُقَيْلٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها-. وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ مُقَاتِلٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ قَالَ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حَفْصَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ "كَانُوا يَصُومُونَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ أَنْ يُفْرَضَ رَمَضَانُ، وَكَانَ يَوْمًا تُسْتَرُ فِيهِ الْكَعْبَةُ. فَلَمَّا فَرَضَ اللَّهُ رَمَضَانَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: مَنْ شَاءَ أَنْ يَصُومَهُ فَلْيَصُمْهُ، وَمَنْ شَاءَ أَنْ يَتْرُكَهُ فَلْيَتْرُكْهُ". [الحديث ١٥٩٢ - أطرافه في: ١٨٩٣، ٢٠٠١، ٢٠٠٢، ٣٨٣١، ٤٥٠٢، ٤٥٠٤].
وبه قال: (حدّثنا يحيى