للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ونقل الزجاج فيها وجهين الصرف وعدمه إلا أنه قال: لا يكون إلا مكسورًا وإن سقط التنوين.

(وتفيض الحمس من جمع) بفتح الجيم وسكون الميم أي من المزدلفة وسميت به لأن آدم اجتمع فيها مع حوّاء، وازدلف إليها أي دنا منها، أو لأنه يجمع فيها بين الصلاتين وأهلها يزدلفون أي يتقربون إلى الله تعالى بالوقوف فيها.

(قال:) هشام (وأخبرني) بالإفراد (أبي) عروة بن الزبير (عن عائشة -رضي الله عنها- أن هذه الآية نزلت في الحمس {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} [البقرة: ١٩٩] إبراهيم الخليل عليه أفضل الصلاة والسلام رواه الترمذي وقال: حسن؟ صحيح من حديث يزيد بن شيبان قال: أتانا ابن مربع بكسر الميم وسكون الراء وفتح الموحدة زيد الأنصاري ونحن وقوف بالموقف فقال: إني رسول رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إليكم يقول: كونوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وقرئ الناس بالكسر أي الناسي يريد آدم من قوله تعالى: {فنسي} أو المراد سائر الناس غير الحمس. قال ابن التين: وهو الصحيح والمعنى: أفيضوا من عرفة لا من المزدلفة، والخطاب مع قريش كانوا يقفون بجمع وسائر الناس بعرفة ويرون ذلك ترفعًا عليهم كما مرّ فأمروا بأن يساووهم.

فإن قلت: ما وجه إدخال ثم هنا حيث كانت الإفاضة المذكورة بعدها هي بعينها الإفاضة المذكورة قبلها فما معنى عطف الأمر بها بكلمة ثم الدالة على التراخي على الأمر بالذكر المتأخر عنها، وكيف موقع ثم من كلام البلغاء؟ فقال البيضاوي كالزمخشري: وثم لتفاوت ما بين الإفاضتين كما في قولك: أحسن إلى الناس ثم لا تحسن إلى غير كريم، وزاد الزمخشري: تأتي بثم لتفاوت ما بين الإحسان إلى الكريم والإحسان إلى غيره وبعد ما بينهما، فكذلك حين أمرهم بالذكر عند الإفاضة من عرفات قال: ثم أفيضوا التفاوت ما بين الإفاضتين وأن إحداهما صواب والأخرى خطأ اهـ.

وتعقبه أبو حيان فقال: ليست الآية كالمثال الذي مثله، وحاصل ما ذكر أن ثم تسلب الترتيب وأن لها معنى غيره سماه بالتفاوت والبعد لما بعدها مما قبلها ولم يجر في الآية أيضًا ذكر الإفاضة الخطأ فتكون ثم في قوله: {ثم أفيضوا} جاءت لبعد ما بين الإفاضتين وتفاوتهما ولا نعلم أحدًا سبقه إلى إثبات هذا المعنى لثم اهـ.

وقيل {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} وهم الحمس أي المزدلفة إلى منى بعد الإفاضة من عرفات اهـ.

فيكون المراد بالناس هنا المعهودين وهم الحمس ويكون هذا الأمر أمرًا بالإضافة من المزدلفة إلى منى بعد الإفاضة من عرفات.

(قال:) عروة ولابن عساكر: قالت أي عائشة (كانوا) أي الحمس (يفيضون من جمع) من المزدلفة (فدفعوا) بضم الدال المهملة مبنيًّا للمفعول أي أمروا بالذهاب (إلى عرفات) حيث قيل لهم أفيضوا، وللكشميهني: فرفعوا بالراء بدل الدال، ولمسلم: رجعوا إلى عرفات يعني أمروا أن يتوجهوا إلى عرفات ليقفوا بها ثم يفيضوا منها.

٩٢ - باب السَّيْرِ إِذَا دَفَعَ مِنْ عَرَفَةَ

(باب السير إذا دفع من عرفة).

١٦٦٦ - حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ "سُئِلَ أُسَامَةُ وَأَنَا جَالِسٌ: كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَسِيرُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ حِينَ دَفَعَ؟ قَالَ: كَانَ يَسِيرُ الْعَنَقَ، فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ". قَالَ هِشَامٌ: وَالنَّصُّ فَوْقَ الْعَنَقِ. قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: فَجْوَةٌ: مُتَّسَعٌ، وَالْجَمِيعُ فَجَوَاتٌ وَفِجَاءٌ، وَكَذَلِكَ رَكْوَةٌ وَرِكَاءٌ. مَنَاصٌ لَيْسَ حِينَ فِرَارٍ. [الحديث ١٦٦٦ - طرفاه في: ٢٩٩٩، ٤٤١٣].

وبالسند قال: "حدّثنا عبد الله بن يوسف) التنيسي قال: (أخبرنا مالك) هو ابن أنس الأصبحي الإمام (عن هشام بن عروة) بن الزبير (عن أبيه أنّه قال: سئل أسامة) بن زيد بن حارثة

حب رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وأنا جالس) أي معه والواو للحال (كيف كان رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يسير في حجة الوداع حين دفع)؟ أي انصرف من عرفات إلى المزدلفة وسمي دفعًا لازدحامهم إذا انصرفوا فيدفع بعضهم بعضًا (قال) أسامة.

(كان) عليه الصلاة والسلام، ولأبي الوقت: فكان (يسير العنق)، بفتح العين والنون منصوب على المصدر انتصاب القهقرى في قولهم رجع القهقرى، أو التقدير يسير السير العنق وهو السير بين الإبطاء والإسراع (فإذا وجد) عليه السلام (فجوة) بفتح الفاء وسكون الجيم أي متسعًا (نص) بفتح النون والصاد المهملة المشددة أي سار سيرًا شديدًا يبلغ به الغاية.

(قال هشام): هو ابن عروة (والنص فوق العنق) أي أرفع منه في السرعة (فجوة) وللمستملي قال أبو عبد الله: أي البخاري فجوة (متسع)،

<<  <  ج: ص:  >  >>