في شيء وأجاب عنه في المصابيح بأن له وجهًا ظاهرًا وهو التنبيه على أن هذا الكلام وإن كان عامًا فهو مخصوص بالرؤيا الصالحة كما دلت عليه أحاديث الباب قال: وإذا كان مخصوصًا بالرؤيا الصالحة اتجه إدخاله في بابها اتجاهًا ظاهرًا اهـ. وهو مثل قول الحافظ ابن حجر وجه دخوله في هذه الترجمة إشارة إلى أن الرؤيا الصالحة إنما كانت جزءًا من أجزاء النبوة لكونها من الله تعالى بخلاف التي من الشيطان فإنها ليست من أجزاء النبوة.
٦٩٨٧ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ».
وبه قال: (حدّثنا محمد بن بشار) بالموحدة والمعجمة المشددة المعروف ببندار قال: (حدّثنا غندر) هو محمد بن جعفر قال: (حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن قتادة) بن دعامة السدوسي (عن أنس بن مالك) -رضي الله عنه- (عن عبادة بن الصامت) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أنه (قال):
(رؤيا المؤمن من جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) قد سبق ما في ذلك قريبًا. قال الغزالي لا تظن أن تقدير النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يجري على لسانه كيفما اتفق بل لا ينطق إلا بحقيقة الحق فقوله رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة تقدير تحقق لكن ليس في قوة غيره أن يعرف علة تلك النسبة إلا بتخمين لأن النبوّة عبارة عما يختص به النبي ويفارق به غيره وهو مختص بأنواع من الخواص كل واحد منها يمكن انقاسمه إلى أقسام بحيث يمكننا أن نقسمها إلى ستة وأربعين جزءًا بحيث تقع الرؤيا الصحيحة جزءًا من جملتها، لكنه لا يرجع إلا إلى الظن والتخمين لا إنه الذي أراده النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حقيقة.
[تنبيه:]
قال في فتح الباري: خالف قتادة غيره فلم يذكروا عبادة بن الصامت في السند.
والحديث أخرجه مسلم في التعبير والترمذي والنسائي في الرؤيا.
٦٩٨٨ - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ قَزَعَةَ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: «رُؤْيَا الْمُؤْمِنِ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ». رَوَاهُ ثَابِتٌ وَحُمَيْدٌ وَإِسْحَاقُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ وَشُعَيْبٌ عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-. [الحديث ٦٩٨٨ - طرفه في: ٧٠١٧].
وبه قال: (حدّثنا يحيى بن قزعة) بفتح القاف والزاي القرشي المكي المؤذن قال: (حدّثنا إبراهيم بن سعد) بسكون العين ابن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري أبو إسحاق المدني نزيل بغداد ثقة حجة تكلم فيه بلا قادح (عن الزهري) محمد بن مسلم (عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال):
(رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) هو نظير قوله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "السمت الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءًا من النبوة" أي من أخلاق أهل النبوة، وأما الحصر في السنّة والأربعين فالأولى أن يجتنب القول فيه ويتلقى بالتسليم لعجزنا عن حقيقة معرفته على ما هو عليه (رواه) أي الحديث السابق ولأبي ذر ورواه (ثابت) البناني فيما وصله المؤلّف عن معلى بن أسد في باب من رأى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (وحميد) الطويل فيما وصله الإمام أحمد عن محمد بن أبي عدي عنه (وإسحاق بن عبد الله) بن أبي طلحة فيما سبق قريبًا (وشعيب) هو ابن الحبحاب فيما وصله ابن منده أربعتهم (عن أنس) -رضي الله عنه- (عن النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي بغير واسطة لم يقل عن أنس عن عبادة بن الصامت كما في السابق.
٦٩٨٩ - حَدَّثَنِى إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ، حَدَّثَنِى ابْنُ أَبِى حَازِمٍ وَالدَّرَاوَرْدِىُّ، عَنْ يَزِيدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَبَّابٍ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: «الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ».
وبه قال: (حدّثني) بالإفراد، ولأبي ذر: حدّثنا (إبراهيم بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي أبو إسحاق القرشي قال: (حدّثني ابن أبي حازم) بالمهملة والزاي أيضًا بينهما ألف عبد العزيز واسم أبي حازم سلمة بن دينار (والدراوردي) عبد العزيز بن محمد بن عبيد وهو نسبة إلى دراورد قرية من قرى خراسان (عن يزيد بن عبد الله بن خباب) بالخاء المعجمة والموحدتين المشددة أولاهما بينهما ألف المعروف بابن الهاد (عن أبي سعيد الخدري) -رضي الله عنه- (أنه سمع رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقول):
(الرؤيا الصالحة) وفي رواية الصادقة وهي المطابقة للواقع (جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة) وقوله الصالحة تقييد لما أطلق في الروايتين السابقتين وكذا وقع التقييد في باب رؤيا الصالحين بالرجل الصالح فرؤيا الصالح هي التي تنسب إلى أجزاء النبوة ومعنى صلاحها انتظامها واستقامتها فرؤيا الفاسق لا تعدّ من أجزاء النبوة، وأما رؤيا الكافر فلا تعدّ أصلاً، ولو صدقت رؤيهم أحيانًا فذاك كما يصدق الكذوب