للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رأسي فقال الذي عند رجلي) بالتثنية وهو ميكائيل (للذي عند رأسي: ما بال الرجل) يريد النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وفي الطب: ما وجع الرجل (قال: مطبوب) قال الراوي مما أدرجه (يعني مسحورًا قال): ميكائيل لجبريل (ومن طبه؟ قال: لبيد بن أعصم) وكان ساحرًا منافقًا وفي مسلم أنه كان كافرًا (قال) أي ميكائيل (وفيم)؟ سحره (قال): أي جبريل (في جف طلعة) بضم الجيم وتشديد الفاء مضافًا لطلعة وتنوينها (ذكر) صفة لجف وهو وعاء الطلع (في مشط ومشاطة تحت رعوفة) براء مفتوحة فعين مهملة مضمومة وبعد الواو الساكنة فاء وهو حجر يكون في قعر البئر يقعد عليه المائح بالتحتية ليملأ دلو الماتح كذا نقل عن الحافظ أبي ذر وقيل غير ذلك ما مر (في بئر ذروان) بفتح الذال المعجمة وسكون الراء (فجاء النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) في جماعة من أصحابه (فقال: هذه البئر التي أريتها) بهمزة مضمومة فراء مكسورة (كأن رؤوس نخلها) أي نخل البستان التي هي فيه (رؤوس الشياطين) في قبح منظرها (وكان ماءها نقاعة الحناء) في حمرة لونه ونقاعة بضم النون بعدها قاف والحناء ممدود أي أنه تغير لرداءته أو لما خالطه مما ألقي فيه (فأمر به النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) أي بصورة ما في الجف من المشط والمشاطة وما ربط فيه (فأخرج) من البئر (قالت عائشة) -رضي الله عنها-: (فقلت يا رسول الله فهلا تعني) عائشة (تنشرت) بتشديد الشين المعجمة والنشرة الرقية التي بها حل عقد الرجل عن مباشرة امرأته، ولغير أبي ذر يعني بالتحتية بدل الفوقية (فقال النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: أما الله) بتشديد الميم (فقد شفاني) منه (وأما أنا فأكره أن أثير) بضم الهمزة بعدها مثلثة (على الناس شرًّا) باستخراجه من الجف لئلا يروه فيتعلموه إن أرادوا السحر (قالت) عائشة -رضي الله عنها- (لبيد بن أعصم رجل من بني زريق حليف) بفتح الحاء المهملة وكسر اللام معاهد (اليهود) ولأبي ذر عن الكشميهني: لليهود بزيادة لام.

ومطابقة الآيات المذكورة وترجمة الباب مع الحديث كما هو ملخص من قول الخطابي إن الله تعالى لما نهى عن البغي واعلم أن ضرر البغي إنما هو راجع إلى الباغي وضمن النصر لمن بغي عليه كان حق من بغي عليه أن يشكر الله على إحسانه إليه بأن يعفو عمن بغي عليه وقد امتثل النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ذلك فلم يعاقب الذي كاده بالسحر مع قدرته على ذلك، وقال في الفتح: ويحتمل أن تكون المطابقة من جهة أنه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ترك استخراج السحر خشية أن يثور على الناس منه شر فسلك مسلك العدل في أن لا يحصل لمن لم يتعاط السحر شيء من أثر الضرر الناشئ عن السحر وسلك مسلك الإحسان في ترك عقوبة الجاني.

والحديث سبق في باب السحر من الطب والله الموفق والمعين.

٥٧ - باب مَا يُنْهَى عَنِ التَّحَاسُدِ وَالتَّدَابُرِ وَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} [الفلق: ٥]

(باب ما ينهى عن التحاسد) ولأبي ذر عن الكشميهني من التحاسد المذموم وهو تمني زوال النعمة عن المحسود وتكون للحاسد دونه (و) عن (التدابر) بضم الموحدة بأن يدبر كل واحد عن صاحبه بأن يعطيه دبره وقفاه فيعرض عنه ويهجره.

(وقوله تعالى): ولأبي ذر وقول الله تعالى: {ومن شر حاسد إذا حسد} [الفلق: ٥] أي إذا أظهر حسده وعمل بمقتضاه لأنه إذا لم يظهر فلا ضرر يعود منه على من حسده بل هو الضار لنفسه لاغتمامه بسرور غيره وهو الأسف على الخير عند الغير والاستعاذة من هذه مع سابقها بعد الاستعاذة من شر ما خلق إشعار بأن شر هؤلاء أشد، وختم بالحسد ليعلم أنه شرها وهو أول ذنب عصي الله به في السماء من إبليس وفي الأرض من قابيل، وأقوى أسباب الحسد العداوة، ومنها خوفه من تكبر غيره عليه بنعمة فيتمنى زوالها عنه ليقع التساوي بينه وبينه، ومنها حب الرياسة فمتى تفرد بفن وأحب الرياسة وصارت حالته إذا سمع في أقصى العالم بنظيره أحب موته أو زوال تلك النعمة عنه وآفاته كثيرة، وربما حسد عالمًا فأحب خطأه في دين الله وانكشافه أو بطلان علمه بخرس أو مرض

<<  <  ج: ص:  >  >>