نفر من أصحابه فقال: اذهبوا به فاحملوه في قرقور فتوسطوا به البحر فإن رجع عن دينه وإلاّ فاقذفوه فذهبوا به فقال: اللهم اكفنيهم بما شئت فانكفأت بهم السفينة فغرقوا وجاء يمشي إلى الملك فقال له الملك: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله، فقال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به. قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد وتصلبني على جذع ثم خذ سهمًا من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل: بسم الله ربّ هذا الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني فجمع الناس في صعيد واحد فصلبه على جذع ثم أخذ سهمًا من كنانته ثم وضع السهم في كبد القوس ثم قال: بسم الله
ربّ هذا الغلام ثم رماه فوقع السهم في صدغه فوضع يده في صدغه موضع السهم فمات. فقال الناس: آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام فأتى الملك فقيل له: أرأيت ما كنت تحذره قد والله نزل بك حذرك قد آمن الناس، فأمر بالأخدود بأفواه السكك فخدّت وأضرم النيران وقال: مَن لم يرجع عن دينه فاقحموه فيها أو قيل له اقتحم ففعلوا حتى جاءت امرأة ومعها صبي لها فتقاعست أن تقع فيها فقال لها الغلام: يا أمه اصبري فإنك على الحق.
({فتنوا}) [البروج: ١٠] أي (عذبوا) قاله مجاهد فيما وصله الفريابي.
(وقال ابن عباس الودود) هو (الحبيب) المتودد إلى أوليائه بالكرامة (المجيد) أي (الكريم) وقول ابن عباس هذا ساقط في الفرع كأصله ثابت في رواية النسفيّ وحده.
[٨٦] سورة الطَّارِقِ
هُوَ النَّجْمُ، وَمَا أَتَاكَ لَيْلًا فَهُوَ طَارِقٌ. {النَّجْمُ الثَّاقِبُ}: المُضِيءُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ {ذَاتِ الرَّجْعِ} سَحَابٌ يَرْجِعُ بِالْمَطَرِ {ذَاتِ الصَّدْعِ} الأرض تَتصدَّعُ بِالنَّباتِ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَقَوْلٌ فَصْلٌ}: لَحَقٌّ. {لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}: إِلَاّ عَلَيهَا حَافِظٌ.
([٨٦] سورة الطَّارِقِ)
ثبت لفظ سورة لأبي ذر وهي مكية وآيها سبع عشرة.
(هو) أي الطارق (النجم وما أتاك ليلًا فهو طارق) ولا يسمى ذلك بالنهار فسمي به النجم لظهوره ليلًا ({النجم الثاقب}) هو (المضيء) وهذا كله ثابت للنسفي وحده ساقط في الفرع كأصله.
(وقال مجاهد): فيما وصله الفريابي ({ذات الرجع}) [الطارق: ١١] هي (سحاب يرجع المطر) ولأبي ذر ترجع بالفوقية بدل التحتية وعلى هذا يجوز أن يراد بالسماء السحاب).
({ذات}) ولأبي ذر وذات ({الصدع}) [الطارق: ١٢]. هي (الأرض تتصدع بالنبات) والعيون.
(وقال ابن عباس: {لقول فصل}) [الطارق: ١٣] أي (لحق) وجدّ يفصل بين الحق والباطل.
({لما عليها حافظ}) [الطارق: ٤] أي (إلا عليها حافظ) وهذا التفسير على تشديد ميم لما وهي قراءة عاصم وابن عامر وحمزة وإن نافية وثبت قوله وقال ابن عباس إلى آخره للنسفي وحده وسقط من الفرع كأصله.
[٨٧] سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى}
وَقَالَ مُجَاهِدٌ {قّدَّرَ فَهَدَى}: قَدَّرَ لِلإِنسَانِ الشَّقَاءَ وَالسَّعَادَةَ. {وَهَدَى الأَنْعَامَ}: لِمَراتِعَها.
([٨٧] سورة {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى})
ثبت سورة الأعلى لأبي ذر وهي مكية وآيها تسع عشرة.
ومعنى ({سبح اسم ربك}) أي نزّه ربك (الأعلى) عما يصفه الملحدون فالاسم صلة وبه يحتج من جعل الاسم والمسمى واحدًا لأن أحدًا لا يقول سبحان اسم الله بل سبحان الله وقال قوم: أي نزّه تسمية ربك بأن تذكره وأنت له معظِّم ولذكره محترم فجعلوا الاسم بمعنى التسمية فكما أنه يجب تنزيه ذاته وصفاته عن النقائص يجب تنزيه الألفاظ الموضوعة لها عن سوء الأدب.
وقد سبق في أول هذا المجموع مزيد لذلك والله الموفق.
(وقال مجاهد) في قوله ({قدّر فهدى}) [الأعلى: ٣] أي (قدّر للإنسان الشقاء والسعادة) ({وهدى الأنعام} لمراتعها) وصله الطبري وثبت للنسفي وحده.
٤٩٤١ - حَدَّثَنَا عَبْدَانُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنِ الْبَرَاءِ -رضي الله عنه- قَالَ: أَوَّلُ مَنْ قَدِمَ عَلَيْنَا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مُصْعَبُ بْنُ عُمَيْرٍ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَجَعَلَا يُقْرِئَانِنَا الْقُرْآنَ، ثُمَّ جَاءَ عَمَّارٌ وَبِلَالٌ وَسَعْدٌ، ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فِي عِشْرِينَ، ثُمَّ جَاءَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فَمَا رَأَيْتُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فَرِحُوا بِشَيْءٍ فَرَحَهُمْ بِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ الْوَلَائِدَ وَالصِّبْيَانَ يَقُولُونَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَدْ جَاءَ فَمَا جَاءَ، حَتَّى قَرَأْتُ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: ١] فِي سُوَرٍ مِثْلِهَا.
وبه قال: (حدّثنا عبدان) لقب عبد الله بن عثمان (قال أخبرني) بالإفراد (أبي) عثمان بن جبلة (عن شعبة) بن الحجاج (عن أبي إسحاق) عمرو بن عبد الله السبيعي (عن البراء) بن عازب -رضي الله عنه- أنه (قال: أول مَن قدم علينا من أصحاب النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-) المدينة من المهاجرين (مصعب بن عمير) بضم العين مصغرًا وضم ميم مصعب (وابن أم مكتوم) عمرو بن قيس العامر (فجعلا يقرئاننا القرآن) أي ما نزل منه (ثم جاء) المدينة أيضًا (عمار) يعني ابن ياسر (وبلال) المؤذن (وسعد) يعني ابن أبي وقاص (ثم جاء) أيضًا (عمر بن