مكان قتل زيد بن حارثة، فيه وجوه المهاجرين والأنصار منهم أبو بكر وعمر (وأمر عليهم أسامة بن زيد) فلما كان يوم الأربعاء بدأ برسول الله ﷺ وجعه فحمّ وصدع، فلما أصبح يوم الخميس عقد له لواء بيده الشريفة فخرج فدفعه إلى بريدة الأسلمي وعسكر بالجرف (فطعن الناس في إمارته فقام رسول الله ﷺ) لما بلغه وخرج وقد عصب رأسه وعليه قطيفة على المنبر خطيبًا (فقال) بعد أن حمد الله وأثنى عليه:
(إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه) زيد (من قبل وايم الله) بهمزة وصل (إن كان) زيد (لخليقًا) بالخاء المعجمة والقاف أي لجديرا (للإمارة وإن كان لمن أحب الناس إليّ وإن) ابنه (هذا لمن أحب الناس إليّ بعده).
زاد أهل السير مما ذكره في عيون الأثر وغيره "فاستوصوا به خيرًا فإنه من خياركم" ثم نزل عن المنبر فدخل بيته يوم السبت لعشر خلون من ربيع الأول سنة إحدى عشرة، وجاء المسلمون الذين يخرجون مع أسامة يودعون رسول الله ﷺ ويخرجون إلى العسكر بالجرف، فاشتدّ برسول الله ﷺ وجعه يوم الأحد، ودخل عليه أسامة وهو مغمور فجعل يرفع يديه إلى السماء ثم يضعهما على أسامة. قال أسامة: فعرفت أنه يدعو لي، ثم يصبح ﵊ مفيقًا يوم الاثنين فودعه أسامة، وخرج إلى معسكره وأمر الناس بالرحيل، فبينا هو يريد الركوب إذا رسول أم أيمن قد جاءه يقول: إن رسول الله ﷺ يموت، فلما توفي رسول الله ﷺ دخل المسلمون الذين عسكروا بالجرف إلى المدينة ودخل بريدة بلواء أسامة حتى أتى به باب رسول الله ﷺ فغرزه عند بابه، وكان رسول الله ﷺ لما اشتد وجعه قال:"أنفذوا بعث أسامة" فلما بويع أبو بكر ﵁ أمر بريدة أن يذهب باللواء إلى بيت أسامة ليمضي لوجهه فمضى به إلى معسكرهم الأوّل، وخرج أسامة هلال ربيع الآخر سنة إحدى عشرة إلى أهل أبنى فشن عليهم الغارة فقتل من أشرف له، وسبى من قدر عليه، وحرق منازلهم ونخلهم، وقتل قاتل أبيه في الغارة، ثم رجع إلى المدينة ولم يصب أحد من المسلمين، وخرج أبو بكر في المهاجرين وأهل المدينة يتلقونه سرورًا، وكانت هذه السرية آخر سرية جهزها النبي ﷺ، وأول شيء جهزه أبو بكر ﵁، وعند الواقدي أن عدة ذلك الجيش كانت ثلاثة آلاف منهم سبعمائة من قريش، وعند ابن إسحاق أن أبا بكر لما جهز أسامة سأله أن يأذن لعمر في الإقامة فأذن له.
وبه قال:(حدّثنا أصبغ) بن الفرج أبو عبد الله المصري (قال: أخبرني) بالإفراد (ابن وهب) عبد الله (قال: أخبرني) بالإفراد أيضًا (عمرو) بفتح العين، ولأبي ذر زيادة ابن الحارث (عن ابن أبي حبيب) يزيد أبي رجاء المصري واسم أبي حبيب سويد (عن أبي الخير) مرثد بفتح الميم والمثلثة بينهما راء ساكنة آخره دال مهملة ابن عبد الله اليزني المصري (عن الصنابحي) بالصاد المهملة المفتوحة والنون الخفيفة وبعد الألف موحدة مكسورة بعدها حاء مهملة عبد الرحمن بن عسيلة بضم العين وفتح السين المهملتين (أنه) أي أبا الخير (قال له) للصنابحي (متى هاجرت) إلى المدينة؟ (قال: خرجنا من اليمن مهاجرين) إلى النبي ﷺ(فقدمنا الجحفة) أحد مواقيت الإحرام (فأقبل
راكب) لم يعرف الحافظ ابن حجر اسمه (فقلت له الخبر) بالنصب بفعل مقدر أي هات الخبر (فقال: دفنا النبي ﷺ منذ خمس) قال أبو الخير: (قلت): للصنابحي (هل سمعت في) تعيين (ليلة القدر شيئًا؟ قال: نعم أخبرني) بالإفراد (بلال مؤذن النبي ﷺ أنه) أي تعيينها (في السبع) الكائن (في العشر الأواخر) أي من رمضان ومبحث ليلة القدر مرّ في الصيام فليراجع.