للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لأنه أمر مغيا بفعل آخر من المأمور فلا بد من وجوده لتحقق الغاية.

الثالث: أن الغاية هنا صدق الطمأنينة وإنما تصدق بوجودها اهـ.

وقد سبق في الصلاة مزيد مباحث للحديث، والغرض هنا ما يتعلق بالترجمة، وغرض البخاري أن رد السلام ثبت بتقديم السلام على عليك فيقال في الابتداء والرد السلام عليك لأن السلام اسم الله فينبغي أن لا يقدم عليه شيء، وعن بعض الشافعية أن المبتدئ لو قال: عليك السلام لم يجز، وثبت أيضًا فيقول عليك السلام وبلفظ الإفراد. وقال بعضهم: لا يقتصر على الإفراد بل يأتي بصيغة الجمع ففي الأدب المفرد من طريق معاوية بن قرة قال لي أبي: إذا مرّ بك الرجل فقال: السلام عليكم فلا تقل وعليك السلام فتخصهُ وحده وسنده صحيح، ولو وقع الابتداء بلفظ الجمع فلا يكفي الرد بالإفراد لأن صيغة الجمع تقتضي التعظيم فلا يكون امتثل الرد بالمثل فضلاً عن الأحسن كما نبه عليه الشيخ تقيّ الدين. وقال آخرون: لا يحذف الواو في الردّ بل يجيب بواو العطف فيقول: وعليك. وقال قوم: يكفي في الجواب أن يقتصر على عليك بغير لفظ السلام.

قال النووي: الأفضل أن يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسلّم عليه واحدًا ويقول المجيب وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ويأتي بواو العطف في قوله وعليكم، وأقل السلام أن يقول السلام عليكم فإن قال: السلام عليك حصل أيضًا، وأما الجواب فأقله وعليك السلام أو وعليكم السلام، فإذا حذف الواو أجرأه واتفقوا على أنه لو قال في الجواب: عليكم لم يكن جوابًا فلو قال: وعليكم بالواو فهل يكون جوابًا؟ فيه وجهان. وقال الواحدي في تعريف السلام وتنكيره بالخيار، وقال النووي: بالألف واللام أولى، ولو تلاقى رجلان وسلم كل واحد منهما على صاحبه دفعة واحدة أو أحدهما بعد الآخر فقال القاضي حسين وأبو سعيد المتولي: يصير كل واحد منهما مبتدئًا بالسلام فيجب على كل واحد أن يرد على صاحبه.

وقال الشاشي: فيه نظر فإن هذا اللفظ يصلح للجواب فإذا كان أحدهما بعد الآخر كان جوابًا وإن كان دفعة واحدة لم يكن جوابًا قال: وهو الصواب فإذا قال المبتدئ: وعليكم السلام قال المتولي لا يكون ذلك سلامًا فلا يستحق جوابًا، ولو قال بغير واو فقطع الواحدي بأنه سلام يتحتم على المخاطب به الجواب وإن كان قد قلب اللفظ المعتاد وهو الظاهر وقد جزم به إمام الحرمين اهـ.

فإن قلت: ما الفرق بين قولك سلام عليكم والسلام عليكم؟ أجيب: بأنه لا بدّ للمعرف باللام من معهود إما بخارجي أو ذهني، فإن قيل بالأول كان المراد الذي سلمه آدم على الملائكة في قوله، قال لآدم: اذهب فسلم على أولئك النفر فإنها تحيتك وتحية ذريتك، وإن قيل بالثاني كان من جنس السلام الذي يعرف كل واحد من المسلمين أنه هو فيكون تعريضًا للفرق بين توارد السلامين معًا وبين ترتب أحدهما على الآخر، وذلك أنه إذا تواردا كان الإشارة منهما إلى أحد المعنيين المذكورين فلا يحصل الردّ وإذا تأخر كان المشار إليه ما تلفظ به المبتدئ فيصح الرد وكأنه قال: السلام الذي وجهته إليَّ فقد رددته عليك، وقد ذهب إلى مثل هذا الفرق في التعريف والتنكير الزمخشري في سورة مريم في قول عيسى ﴿والسلام عليّ﴾ وقد جرت عادة بعضهم بالسلام عند المفارقة فهل يجب الرد أم لا؟ قال القاضي حسين والمتولي: يستحب لأنه دعاء ولا يجب لأن التحتية إنما تكون عند اللقاء لا عند الانصراف، وأنكره الشاشي وقال: السلام سنّة عند الانصراف كما هو سنّة عند اللقاء فكما يجب الردّ عند اللقاء كذلك عند الانصراف وهذا هو الصحيح.

[(تنبيه)]

إذا سلم على أصم فيتلفظ بالسلام لقدرته عليه ويشير باليد ليحصل الإفهام ويستحق الجواب، فلو لم يجمع بينهما لا يستحق الجواب، ولو سلم عليه أصم فيتلفظ بالرد ويشير باليد، ولو سلم على أخرس وأشار الأخرس باليد سقط الفرض لأن إشارته قائمة مقام العبارة، وكذا لو

سلم عليه أخرس بالإشارة يستحق الجواب،

<<  <  ج: ص:  >  >>