للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

روى ابن خزيمة والحاكم وصحّحاه يغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام، وفرّق بينهما بأن الائتلاف بحمل الصبي أكثر فخفف في بوله، وبأنه أرق من بولها فلا يلصق بالمحل كلصوق بولها، ولأن بولها بسبب استيلاء الرطوبة والبرودة على مزاجها أغلظ وأنتن ومثلها الخنثى كما جزم به في المجموع ونقله في الروضة عن البغوي وأفهم قوله لم يأكل الطعام أنه لا يمنع النضح تحنيكه بتمر ونحوه ولا تناوله السفوف ونحوه للإصلاح، وممن قال بالفرق عليّ بن أبي طالب، وعطاء بن أبي رياح، والحسن وأحمد بن حنبل وابن راهويه وابن وهب من المالكية، وذهب أبو حنيفة ومالك رحمهما الله إلى عدم الفرق بين الذكر والأنثى بل قالا بالغسل فيهما مطلقًا سواء أكلا الطعام أم لا، واستدل لهما بأنه عليه الصلاة والسلام نضح والنضح هو الغسل لقوله عليه الصلاة والسلام في المذي فلينضح فرجه. رواه أبو داود وغيره من حديث المقداد، والمراد به الغسل كما وقع التصريح به في مسلم والقصة واحدة كالراوي.

ولحديث أسماء في غسل الدم وانضحيه، وقد ورد الرش وأريد به الغسل كما في حديث ابن عباس في الصحيح لما حكى الوضوء النبوي أخذ غرفة من ماء ورش على رجله اليمنى حتى غسلها وأراد بالرش هنا الصب قليلاً قليلاً، وتأوّلوا قوله ولم يغسله أي غسلاً مبالغًا فيه بالعرك كما تغسل

الثياب إذا أصابتها النجاسة وأجيب بأن النضح ليس هو الغسل كما دل عليه كلام أهل اللغة ففي الصحاح والجمل لابن فارس وديوان الأدب للفارابي والمنتخب لكراع والأفعال لابن طريف والقاموس للفيروزاباذي النضح الرش ولا نسلم أنه في حديث المقداد وأسماء بمعنى الغسل ولئن سلمناه فبدليل خارجي واستدل بعضهم بقوله ولم يغسله على طهارة بول الصبي وبه قال أحمد وإسحاق وأبو ثور وحكي عن مالك والأوزاعي وأما حكايته عن الشافعي فجزم النووي بأنها باطلة قطعًا.

ورواة هذا الحديث الخمسة ما بين تنيسي ومدني وفيه التحديث والإخبار والعنعنة.

٦٠ - باب الْبَوْلِ قَائِمًا وَقَاعِدًا

(باب) بيان حكم (البول) حال كون البائل (قائمًا و) حال كونه (قاعدًا).

٢٢٤ - حَدَّثَنَا آدَمُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: أَتَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سُبَاطَةَ قَوْمٍ فَبَالَ قَائِمًا، ثُمَّ دَعَا بِمَاءٍ، فَجِئْتُهُ بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ. [الحديث ٢٢٤ - أطرافه في: ٢٢٥، ٢٢٦، ٢٤٧١].

وبه قال: (حدّثنا آدم) بن أبي إياس (قال: حدّثنا شعبة) بن الحجاج (عن الأعمش) سليمان بن مهران (عن أبي وائل) شقيق الكوفي (عن حذيفة) بن اليمان واسم اليمان حسيل بمهملتين مصغر أو يقال حسل بكسر ثم سكون العبسي بالموحدة حليف الأنصار صحابي جليل من السابقين صح في مسلم عنه أو رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أعلمه بما كان وما يكون إلى أن تقوم الساعة أبوه صحابي أيضًا استشهد بأُحُد، ومات حذيفة في أوّل خلافة عليّ سنة ست وثلاثين له في البخاري اثنان وعشرون حديثًا (قال):

(أتى النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- سباطة) بضم المهملة وتخفيف الموحدة مرمى تراب كناسة (قوم) من الأنصار تكون بفناء الدور مرتفقًا لأهلها أو السباطة الكناسة نفسها، وتكون في الغالب سهلة لا يرتد منها البول على البائل وإضافتها إلى القوم إضافة اختصاص لا ملك لأنها لا تخلو عن النجاسة، وفي رواية أحمد أتى سباطة قوم فتباعدت منه فأدناني حتى صرت قريبًا من عقبيه (فبال) -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في الكناسة لدمثها حال كونه (قائمًا) بيانًا للجواز أو لأنه لم يجد للقعود مكانًا فاضطر للقيام أو كان بمأبضه بالهمزة الساكنة والموحدة المكسورة والضاد المعجمة وهو باطن ركبته الشريفة جرح أو استشفاء من وجع صلبه على عادة العرب في ذلك، أو أن البول قائمًا أحصن للفرج، فلعله خشي من البول قاعدًا مع قربه من الناس خروج صوت منه.

فإن قلت: لِمَ بال عليه الصلاة والسلام في السباطة من غير أن يبعد عن الناس أو يبعدهم عنه؟ أجيب بأنه لعله كان مشغولاً بأمور المسلمين والنظر في مصالحهم، وطال عليه المجلس حتى لم

يمكنه التباعد خشية الضرر، وقد أباح البول قائمًا جماعة كعمر وابنه وزيد بن ثابت، وسعيد بن المسيب، وابن سيرين والنخعي والشعبي وأحمد، وقال مالك: إن كان في مكان لا يتطاير عليه منه شيء فلا بأس به وإلَاّ فمكروه وكرهه للتنزيه عامّة العلماء.

فإن قلت: في الترجمة البول قائمًا وقاعدًا وليس في الحديث إلا القيام أجيب: بأن وجه أخذه من الحديث أنه إذا جاز قائمًا

<<  <  ج: ص:  >  >>